بقلم : جهاد الخازن
الوضع في سورية من نوع مأساة إغريقية أو أسوأ، والحلول المطروحة يناقض بعضها بعضاً، والنظام والإرهاب يقتلان المدنيين.
إيران و «حزب الله» لهما مقاتلون في سورية، وإيران تريد بقاء الدكتور بشّار الأسد رئيساً، وهو ما تريد روسيا أيضاً. المملكة العربية السعودية وتركيا والولايات المتحدة ودول كثيرة أخرى تريد رحيل الأسد والحفاظ على المؤسسات.
المعارضة السورية واهمة إذا اعتقدت أنها تستطيع إطاحة النظام باجتماع في لندن، والنظام واهمٌ إذا اعتقد أن البراميل المتفجرة ستهزم المعارضة، وأنه قادر على الحل العسكري بتهجير الناس من بيوتهم.
مؤتمر أصدقاء سورية في لندن لم يعطني أملاً بأي شيء إيجابي، وإنما أصابني بيأس. الهيئة التفاوضية العليا عرضت ستة أشهر من المفاوضات، ثم 18 شهراً فترة انتقالية، ورحيل بشار الأسد و «زمرته» وكتابة دستور جديد تتبعه انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية.
هذا عظيم ولكن مَنْ سينفذ؟ لو كان الكلام يحل شيئاً لكنت حرّرتُ فلسطين وحدي منذ عقود. السوري العالق بين مطرقة الحكومة وسندان الإرهاب ربما تابع مؤتمر لندن، وقال «فوت بعبِّي» فالمعروض لا يمكن أن ينفذ في الظروف الحالية أو غداً أو بعد غد.
أطراف النزاع، وتحديداً الولايات المتحدة وروسيا، من دون اتفاق على إيصال مساعدات إنسانية الى سكان حلب المحاصَرة المدمَّرة المنكوبة، فكيف يتوقع أحد الوصول إلى حل يشمل سورية كلها.
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أنحى باللوم على روسيا لعدم التقدم نحو حل، وكان يلقي خطاباً في أكسفورد. في الوقت ذاته كانت وزارة الخارجية الأميركية تقول أن الخلاف مع روسيا هو على «نقاط تقنية» وأن الحل يظل ممكناً. الرئيس فلاديمير بوتين زعم أن الحل على بُعد أيام فقط. وقال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون في مقال مكتوب أن اجتماع لندن «أول صورة إيجابية لسورية من دون الأسد». ليته سكت.
أرجو من القارئ أن يلاحظ التناقض بين التصريحات الرسمية، ثم أرجو أن يلاحظ أن الحديث هو عن إغاثة سكان حلب وليس عن حل شامل في سورية... يعني إذا كانوا لا يتفقون على الجزء فكيف سيتفقون على الكل.
على سبيل التذكير، الحكومة السورية والمعارضة ضمّهما اجتماع في جنيف في نيسان (أبريل) الماضي، وطبعاً لم يتمخض عن شيء، إلا أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا صرّح مرة بعد مرة بأنه يأمل باجتماع آخر بين الطرفين خلال أسابيع، مع أنه يعرف أن اجتماع نيسان سبقته اجتماعات كلها فشِل، والحرب الأهلية في سنتها السادسة، والشيء الوحيد الأكيد هو أن المدنيين السوريين يُقتَلون كل يوم، أو يُهجَّرون.
أشعر بيأس مطبق مع أنني قضيت العمر أحاول التفاؤل، وأقرأ عن مؤتمر هذا الأسبوع في رعاية الأمم المتحدة للدول التي تعارض استعمال القنابل العنقودية، فهي دانت بشدة استعمال هذه القنابل في سورية، وهذا بعد أن أعلنت آخر شركة في العالم تنتج هذه القنابل، وهي أميركية، قراراً بالتوقف عن صنعها.
ما هو الحل. اتفاق أميركي - روسي يغطي المنطقة كلها؟ إذا اتفقا أو اختلفا نحن الضحية. إلا أنني لا أرى الاتفاق آتياً وإنما أرى استمراراً للمأساة الإغريقية في سورية.
أرسل تعليقك