تعبتُ من الكتابة عن انتخابات الرئاسة الأميركية وأتعبت القارئ معي، وعذري الوحيد أن المادة عن الموضوع يومية وتكاد تكون إغراقية حتى يصعب تجنبها. موضوعي اليوم هذه الانتخابات التي تشمل الرئاسة وكل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ، مع وعد للقارئ بألا أكتب عنها إلا بعد المناظرات التلفزيونية وعشية التصويت.
رجحت دائماً فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة، وأمامي استطلاع شمل الولايات الخمسين وشارك فيه حوالى 74 ألف ناخب اميركي يؤيد هذا الرأي.
باختصار، تقدم هيلاري على ترامب بين الناخبين هبط في الشهرين الأخيرين من أكثر من عشرة في المئة الى حوالى أربعة في المئة، ونتائج الاستطلاع تشير الى أن كلينتون ضمِنت لنفسها حتى الآن 244 صوتاً في الندوة الانتخابية التي تختار الرئيس، أي أنها في حاجة الى 26 صوتاً إضافياً لتضمن الفوز الذي يتطلب أصوات 270 مندوباً. ترامب ضمِن لنفسه 126 صوتاً، وهناك 168 صوتاً قد تذهب لها أو له.
لاحظت أن الولايات الكثيرة السكان مثل كاليفورنيا ونيويورك وألينوي وغيرها مضمونة لكلينتون فهي تتقدم منافسها الجمهوري فيها بعشرين في المئة أو أكثر. هي أيضاً متقدمة في أصوات الناخبات، وهن أكثر من الناخبين عبر الولايات المتحدة كلها.
هناك ثلاث مناظرات تلفزيونية بين المرشحَيْن أولها في 26 من هذا الشهر، غير أن الأسبوع الماضي شهد مناظرة بينهما عبر برنامج في تلفزيون «إن بي سي» من دون أن يجتمعا في الاستديو. عندما راجع الخبراء تصريحات المرشحَيْن في المقابلة، وجدوا أن كلينتون كانت صادقة أو قرب الحقيقة، وأن ترامب كذب أو زوَّر معلومات، وأعطوه علامة «سقوط» في المناظرة.
أغرب ما في الموضوع أن ترامب يتحدث يوماً بعد يوم عن «فساد» كلينتون، والاستطلاعات تقول إن 57 في المئة من الناخبين الاأميركيين لا يثقون بها، إلا أن من حسن حظها أن نسبة أكبر من الناخبين لا تثق بترامب.
أنقل عن الميديا الأميركية قولها إن تاريخ ترامب في الفساد لا يكاد يصدَّق وتسجّل له، أو عليه:
- إفلاسات كازينوات ترامب التي دفع ثمنها المساهمون.
- رفض ترامب دفع مستحقات المتعهدين الذين بنوا له.
- جامعة ترامب التي تعطي شهادات بسعر معلوم.
- شركات ترامب والتهرب من الضرائب.
- علاقة ترامب مع شخصيات من المافيا تعمل في سوق البناء في نيويورك.
- استخدام ترامب عمالاً من بولندا في ثمانينات القرن الماضي، من دون أذون عمل، وهو دفع لهم أقل أجر ممكن.
- ترامب زاد إيجار مكاتب حملته الانتخابية في البرج الذي يحمل اسمه أربعة أضعاف عندما توقف عن تمويل حملته الانتخابية وأصبح يعتمد على ممولين من الخارج.
- سجلت «وول ستريت جورنال» أن 17 في المئة من الإنفاق على الحملة الانتخابية لترامب ذهبت الى شركات يملكها هو أو أولاده.
في المقابل، الحديث عن «فساد» كلينتون يركز على جمعيتها الخيرية، إلا أن الميديا الأميركية نفسها دحضت أكثر التهم التي وجهت اليها، ويبقى ضدها استعمال «إيميلها» الخاص وهي وزيرة للخارجية.
قرأت أن التركيز على «فساد» هيلاري سببه توقع الميديا أنها ستفوز. أنا أتوقع هذا أيضاً، ولكن أعِد القارئ بأن أختصر في الكتابة عن الانتخابات الأميركية وأن أعود إليها بعد المناظرات التلفزيونية وعشية التصويت. عندنا في بلادنا من البلاء ما يكفينا فلا نحتاج الى متابعة ترامب أو غيره.
أرسل تعليقك