بقلم : جهاد الخازن
قوات النظام السوري تتقدم في حلب وغيرها، لكن لا حلّ عسكرياً للحرب الأهلية. الحل الوحيد الممكن سياسي لا يموت فيه الذئب ولا تفنى الغنم.
سيطرة النظام السوري على حلب كلها تعني أن النظام يسيطر على أكبر خمس مدن سورية، وأن المعارضة المسلحة قد تنحسر الى الأرياف، غير أن النصر موقت والسؤال هو عن «اليوم التالي».
نفترض أن النظام نجح في إعادة فرض سيطرته على سورية بمساعدة روسيا وإيران والميليشيات الشيعية من لبنان وباكستان وأفغانستان وغيرها. ثم نفترض أن النظام سيجد بلداً مدمراً اقتصادياً واجتماعياً، ولا مال لديه لإعادة بناء ما دمرت الحرب الأهلية.
سورية بلد ثري بأهله وسهوله وأنهاره، وبعض النفط، فهل نعيش لنرى السوريين يهاجرون، أو يتسولون العيش في أي بلد غير بلدهم؟
بعض الخلفية بعد أن عادت حلب مرة أخرى الى واجهة الأحداث في سورية، مع خسارة الفصائل المعارضة كامل القطاع الشمالي من أحيائها الشرقية في مواجهة تقدّم سريع لقوات النظام والميليشيات الموالية لها بدعم الجيش الروسي:
كانت حلب انضمت كغيرها من المناطق الى موجة التظاهرات في سورية ضمن «الربيع العربي». وخرج آلاف الطلاب الى الشوارع في نيسان (أبريل) وبعده وفي تموز (يوليو) 2012، مع تحوّل الحراك الى نزاع مسلح شنت فصائل معارضة هجوماً سيطرت فيه على الأحياء الشرقية في حلب.
ومنذ ذلك الحين، انقسمت مدينة حلب بين أحياء شرقية واقعة تحت سيطرة المعارضة وأحياء غربية تحت سيطرة النظام، إضافة الى أحياء تحت سيطرة الأكراد، لتشهد طوال تلك السنوات معارك شبه يومية دمّرت المدينة القديمة وأسواقها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي. وطاول الدمار تجمعات سكنية تعود الى سبعة آلاف عام. ولحقت بسوق المدينة التاريخي أضرار فادحة نتيجة المواجهات والحرائق.
وبدأت مروحيات النظام في كانون الأول (ديسمبر) 2013، إلقاء «البراميل المتفجرة». وأعلنت منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن عدد المناطق المستهدَفة بالبراميل المتفجرة تضاعف خمس مرات وأسفر عن مقتل نحو 1700 شخص.
في تموز الماضي، حاصرت القوات النظامية والميليشيات الإيرانية أحياء حلب التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة. وفي أيلول (سبتمبر)، فشلت هدنة جديدة بموجب اتفاق روسي - أميركي... ما أعاد الخيار الى الحسم العسكري. وبينما كانت قوات النظام تتقدم في حلب، كانت فصائل معارضة مدعومة من تركيا تتقدم في ريف حلب.
لا شك في أن استعادة النظام كامل حلب تعني أنه بات يسيطر على كبرى المدن السورية. وهذا سيعزز موقفه التفاوضي عندما يتحدث فلاديمير بوتين مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.
لا أرى حلاً عسكرياً يعيد سورية كما عرفناها. الحل يجب أن يكون سياسياً، لأن الطرف المهزوم سيلجأ الى حرب عصابات قد تكون أشد وقعاً من مواجهات مباشرة.
الأوروبيون لا يريدون مهاجرين من سورية أو غيرها، والرئيس الأميركي المنتخَب أعلن أنه سيطرد اللاجئين السوريين الذين وصلوا الى بلاده، ويمنع غيرهم من الدخول.
كيفما نظرت أجد ستاراً أسود أمامي ولا حل منطقياً أو عملياً أو سلمياً للمشكلة السورية.
أرسل تعليقك