ما هي أجمل عشرة بلدان للسياحة؟ مؤشر غربي يقول إنها على التوالي كندا وكولومبيا وفنلندا والدومنيكان ونيبال وبرمودا ومنغوليا وعُمان وميانمار وإثيوبيا.
سرّني جداً أن تكون عُمان ضمن القائمة في المركز الثامن، فقد عرفتها على امتداد عقود، وهي بعد أن خلف السلطان قابوس أباه سعيد بن تيمور سنة 1970 تحولت بسرعة من بلد متخلف من العالم الثالث الى بلد متقدم.
زرت عُمان أول مرة سنة 1974 وأجريت مقابلة للسلطان قابوس، ورأيت بعضاً من معالم البلد، بينها نزوى، العاصمة القديمة. لا أذكر أنني رأيت طريقاً مما نعرف اليوم سوى المسافة القصيرة بين مسقط ومطرح. كان هناك مشروع طريق الى نزوى، إلا أن سيارتنا انطلقت على التراب أو الحصى حتى وصلنا الى هدفنا، ورأيت قلعة جميلة قديمة فيها مدافع كُتِبَ عليها «بوسطن 1888».
اليوم عُمان بلد سياحي يقدم للزوار كل ما يطلبون، فهناك فنادق 4 أو 5 نجوم، وهناك شواطئ بحرية نادرة مع جرف قاري وصيد سمك وهناك الصحراء. بل هناك ينابيع، يسمونها فلجاً، وبما أن الحدود بين عُمان ورأس الخيمة تضم جبالاً فهناك ينابيع كثيرة.
وعندي كتاب بالإنكليزية عنوانه «مئة شيء وشيء تستحق الرؤية في عُمان».
مبروك لعُمان وأهلها، وكم أحزن ألا أرى أسماء عربية أخرى في القائمة.
مصر تضم ربع الى ثلث آثار العالم القديم، وهناك النيل والهرم، ووادي الملوك والإسكندرية، وشاطئ على البحر الأبيض المتوسط يقترب من ألف كيلومتر وأيضاً البحر الأحمر. لا شيء أجمل من مصر، ولا شيء أقبح من الإرهاب المجنون الذي يعتقد أن قتل سياح من روسيا أو غيرها سيفيد قضيته. الإرهاب قضية خاسرة.
ثم هناك المغرب وشواطئ من البحر الأبيض المتوسط الى المحيط الأطلسي، مع جبال أطلس ومدن تاريخية من نوع الدار البيضاء ومراكش وفاس وتطوان ومكناس وجامع وجامعة القرويين.
تونس الخضراء بلد سياحي من أعلى مستوى، وقربها من أوروبا يجعلها مقصد السياح من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها. هي تعرضت لإرهاب، وانحسرت السياحة قليلاً ثم عادت. عرفت فيها الرئيس الحبيب بورقيبة، في زيارة مع السيدة سلمى مروة، وبعده الرئيس زين العابدين الذي أجريت له مقابلة في قرطاج وأمامنا غابة صنوبر ثم البحر.
هناك أيضاً القيروان والمنستير والبحر.
لا أنسى اليمن فهو من أقدم أركان المعمورة، وكانت فيه جنة عدن التي تحولت الآن الى جحيم. أرجو أن ينتهي القتال فيه غداً، أرجو وأنا أعرف أن أملي لن يتحقق، ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. اليمن يقدم للزائر شجرة دم التنين أو دم الأخوين، وهي بين الأغرب والأندر في العالم، وأيضاً عسل السدر، حيث يأكل النحل زهور السدر الصغيرة.
لعل القارئ يلاحظ أنني حاولت الإنصاف بين الدول العربية، فأكمل بلبنان وسورية والأردن، وهي مجتمعة توفر للسائح ما تعجز بقية العالم عنه. في لبنان يستطيع الزائر أن يسبح في الصباح وأن يتزلج على الثلج بعد الظهر، وأن يزور أرز لبنان، وبضعة عشر نهراً، وربما جبيل، أقدم مدينة مسكونة في العالم وبعلبك وآثارها. دمشق تنافس جبيل قِدماً، ومثلهما حلب الشهيدة، وهناك آثار تدمر وحماة وحمص ونهر العاصي والنواعير عليه، ثم هناك الصحراء لمن أراد. أما الأردن ففيه النهر الذي يحمل اسمه والمغطس حيث تعمَّد السيد المسيح، وفق رواية العهد الجديد من التوراة، وفيه البحر الميت والبتراء ووادي رم وآثار عمرها يزيد على ألفي سنة (عمر أميركا كلها 500 سنة أو نحوها).
بلادنا في السياحة سدرة المنتهى ولكن...
أرسل تعليقك