بقلم :جهاد الخازن
كنت أقيم في واشنطن ورونالد ريغان مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ثم الفائز بالرئاسة، واليوم مرشح الحزب هو دونالد ترامب. ما يجمع بين الرجليْن الجهل بالســـياسة، ومـا يفرق بينهما خفة الدم، وريغان كان يسـخر أحياناً من نفـــسه، وقد قال إنه أمر بإيقاظه إذا وقعت مشكلة عالمية ولو كان يرأس اجتماعاً وزارياً. ترامب غاضب على مدار الساعة ولا يقول كلاماً إلا ويعتذر عنه أو يسحبه، أو يتهم الميديا بتحريفه.
اختلف مع والدي ضابط أميركي قـُتـِل في العراق ورفض تأييد بول ريان لرئاسة الكونغرس ثم أيّده تحت الضغط. هاجم قاضياً ينظر في قضيتًيْن ضد جامعة أسسها. يفضل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حلفاء بلاده التقليديين في أوروبا. لا يعرف أي نساء يضمهنّ إلى إدارته إذا نجح، وعندما تكرر سؤاله عن الموضوع اقترح ابنته ايفانكا. تحدث عن احتمال اغتيال هيلاري كلينتون على يد أحد أنصار حمل السلاح الذي يضمنه التعديل الثاني للدستور. أيضاً كذب وهو يقول إن كلينتون مسؤولة عن إعدام عالم إيراني في بلاده. وهو أكمل بخطاب عن مكافحة الإرهاب يفصِّل تطرفه أكثر مما يقدم مشروعاً جدياً صالحاً للتنفيذ في مقاومة الإرهاب.
يقولون بالإنكليزية إن الذي يخطئ يضع قدمه في فمه، ترامب لا يفتح فمه إلا ليغير من قدم إلى الأخرى في فمه.
استطلاعات الرأي العام مجتمعة تقول إنه أصبح متأخراً عن كلينتون بحوالى عشر نقاط، تزيد أو تنقص حسب الولاية، فهو حتماً سيخسر كاليفورنيا ونيويورك، أكثر الولايات كثافة سكانية، وهو متخلف عن كلينتون في بنسلفانيا وميشيغان، كما أنها تتقدم عليه بفارق 17 في المئة في ولاية نيوهامبشير.
أمامي قائمة تضم عشرات الأسماء من أبرز أركان الحزب الجمهوري الذين أعلنوا أنهم سيؤيدون هيلاري كلينتون للرئاسة. القارئ العربي لا يعرف كثيرين من هؤلاء الناس لأن شهرتهم محلية، فلا أقول سوى إنني أتابع الانتخابات الأميركية منذ عقود ولم يحدث إطلاقاً أن هجر قادة الحزب الجمهوري (أو الديموقراطي) مرشح الحزب للرئاسة كما يفعلون الآن مع ترامب.
قرأت مقالاً في «نيويورك تايمز» يقترح أن يسعى السناتور مايك بينس الذي اختاره ترامب لمنصب نائب الرئيس إلى إقناع ترامب بالانسحاب من المنافسة على الرئاسة. المرشح لمنصب نائب الرئيس مع كلينتون هو السناتور توم كاين وقد قال إنه لا يصدق كيف لمـَّح دونالد ترامب إلى اغتيال كلينتون بسبب موقفها من حمل السلاح.
قرأت افتتاحية تتهم أركان الحزب الجمهوري بالجبن لأنهم لا يتصدّون لترامب ولا يرفضون مواقفه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهذا موقف باراك أوباما الذي دعا زعماء الجمهوريين إلى سحب تأييدهم ترامب. أيضاً قرأت مقالاً يقول كاتبه إن اتهام ترامب بالجنون «إهانة» للمصابين بأمراض عقلية.
وكان ترامب أعلن برنامجه لإحياء الاقتصاد الأميركي فانقضّت عليه المــــيديا وقالت إنه اعتنق أسوأ مواقف للجمهوريين وتخلى عن أفضل مواقف، وإن برنامجــه يتجــاهل الأميركيين الذين يدّعي أنه يتكلم باسمهم ويحتاجون إلى المساعدة. باختصار كان الرأي الغالب أن ترامب خسر المواجهة الاقتصادية أيضاً.
هل أتكلم عن جهل ترامب بالسياسة الخارجية؟ الميديا الأميركية نفسها تقول إن ترامب يفتقر إلى خبراء ينصحونه في السياسة الخارجية. سجلت أنه اختار لنصحه في السياسة إزاء إسرائيل اليهودي الأميركي جاسون غرينبلات الذي لا يعرف من الشرق الأوسط شيئاً سوى إسرائيل.
اعتقدتُ يوماً أنه لن يأتي رئيس أميركي أسوأ من ريغان. ترامب أسوأ إلا أنه لن يفوز بالرئاسة الأميركية، فهو خطر على الولايات المتحدة نفسها وعلى العالم كله.
أرسل تعليقك