أسمع أن أكثر بلد محايد في العالم هو سويسرا وأسمع أن أكثر بلد محايد هو إيسلندا. لا هذا أو ذاك صحيحاً. أكثر بلد محايد هو لبنان حيث الشعب لا يتدخل في شؤون بلده.
كنت أختار من نواب منطقتي الانتخابية في لبنان، وأذكر منهم الدكتور بيار دكاش. الآن أنتخب نائب منطقتي في لندن أو أقاطع الانتخابات احتجاجاً على المحافظين عندما كانوا برئاسة ديفيد كامرون. قد أعود إلى الانتخاب مع تيريزا ماي.
سمعت عن مرشح في أوروبا (وليس بلادنا حيث الكل نزيه) أن سمعته في الأرض وإلى درجة أنه لو خاض الانتخابات من دون منافس لخسر. زعم أحدهم أن هذا المرشح كان الولد الوحيد لأبويه، ومع ذلك لم يكن ابنهما المفضل.
كتبت عن الانتخابات الأميركية والبريطانية مرة بعد مرة، والآن أعود إلى الموضوع في كل بلد، محاولاً السخرية.
سمعتُ مرشحاً للبرلمان يقول إنه إذا انتخِبَ فهو سيحرك الشعب. أنا سأتحرك فعلاً، سأهاجر إلى أستراليا.
في الجريمة يقولون: خذ الفلوس واهرب. في السياسة يقولون: خذ الفلوس وابقَ.
سمعت عن نائب توفي، وكان من منطقته شاب طامح من حزبه، فاتصل بالقيادة المحلية للحزب وسأل إن كان يستطيع أن يحلّ محل النائب الميت. كان الرد: لا نعرف سنسأل الحانوتي، أو شركة دفن الموتى.
وقال واحد لآخر: لن أنضم إلى حزبك لأنه مليء بالانتهازيين. جاء الرد: انضم، هناك دائماً مكان لانتهازي آخر.
من نوع ما سبق أن رجلاً يقول: أبي كان اشتراكياً. جدي كان اشتراكياً لذلك أنا اشتراكي. قيل له: لا منطق في كلامك. لو كان أبوك لصاً، هل تصبح لصاً؟ قال: لا أصبح محافظاً.
الأميركي قال: عندما أتابع كلام المتنافسين على مقعد في الكونغرس من الجمهوريين والديموقراطيين أحمد ربّنا على أن واحداً فقط سيفوز.
أذكـِّر القارئ بأن القصص الخرافية كانت تبدأ بكلام من نوع: كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان... الآن تبدأ بعبارة: عندما أفوز بالانتخابات...
المرشح وعد بأن يحافظ على كل وعوده الانتخابية إذا فاز. هو فاز واعتقد أنه كتب وعوده على ورقة صغيرة وخبأها في الحائط وراء مدفأة بيته.
آخر فاز وأصبح عضواً في الحكومة. عضو الحكومة يستطيع أن يقول ما يحب عن رئيس الوزراء، ولكن الويل له إذا قال ما لا يحب.
مثل هذا الوزير قيل فيه: كيف العمل والوزير يتصرف بلا مسؤولية، هو مسؤول عن تدمير اقتصاد البلد. بكلام آخر، هو ليس سياسياً رخيصاً لأنه دمَّر الاقتصاد.
أعرف أن الديموقراطية أفضل نظام للحكم، أو هي أفضل من كل نظام آخر. هي تعطي الإنسان حق أن يقول أي شيء يفكر فيه من دون تفكير. وعـــضو البرلمان من هذا النوع ويمثل الناخبين كما يستحقون فهو يطلب حق الكلام ويتـــكلم من دون تفكير، والأعضاء الآخرون لا يصغون إليه ولكن عندما ينتهي يعارضون موقفه من دون أن يعرفوا ما هو هذا الموقف.
العمر كله أخطاء وخطايا وأحزان. ومن أسباب السعادة النادرة أن ينظر مواطن أميركي إلى الكونغرس، أو أوروبي إلى برلمان بلاده، ويسعد لأنه ليس من هذا الحزب أو ذاك.
كنت أسعد بفوز الدكتور بيار دكاش، فقد كان طبيب والدتي، كما أسعد بفوز رجل الأعمال نجيب صالحة، فابناه مازن ومروان من الأصدقاء. الآن لا يسعدني فوز أحد في الولايات المتحدة أو بريطانيا لأن الفائز إذا لم يكن ضد العرب والمسلمين، فهو ليس معهم.
شكوتُ صغيراً من سوء حظي وزعمت يوماً أنه لولا حظي السيئ لما كان عندي حظ أبداً. كنت أرى سياسيين متهمين بالسرقة لا يُحاكمون ويركبون سيارات فخمة، وسيارتي فولكسواغن، وأسأل لماذا ليس أنا؟ كبرت وعقلت وقبلت بما عندي، فقد وجدت أن الحياة ليست ما تريد بل هي ما عندك.
أرسل تعليقك