بقلم : جهاد الخازن
كتبت عن حلب الشهباء كما عرفتها، وتلقيت رسائل من قراء سوريين يزيدون ما عندهم من تجارب عن حلب على ما سجلت. أيضاً تلقيت رسائل تهاجمني، وكانت اثنتان منها تدافعان عن النظام، وواحدة تتهمني بأنني «خائن».
مقالي كان عاطفياً، ودنتُ فيه جميع أطراف النزاع، ولا أدري أي طرف «خنتُ» وأنا أبكي حلب. الرسائل هذه ذكرتني بأن السقوط العربي منذ 2011 كان عبثياً فنحن أمة غير ديموقراطية أبداً، ولن تكون ما عشتُ والقارئ، لأن غالبية منها لا تقبل رأياً غير رأيها، وتتهم مَنْ يخالفها بالعمالة للصهيونية والاستعمار، أو الخيانة.
أفضل من ذلك كثيراً رسائل تعلق على ما كتبت عن الملكة اليزابيث بمناسبة عيد ميلادها التسعين، فالكل يحترمها ويقدِّر الديموقراطية في بريطانيا. وأختار رسالة من قارئة، أرجح أنها سورية، فقد قالت إنها جاءت إلى لندن لاجئة، وعملت وتخرجت في الجامعة، وهي الآن تعمل في بنك عربي، وتريد استقدام والدتها للإقامة معها بعد وفاة والدها.
كان حظي طيباً وحضرتُ وزوجتي احتفالاً بعيد الميلاد التسعين للملكة في محيط قصر وندسور، وكان مضيفنا الشيخ فواز آل خليفة، سفير البحرين، وانتقلنا بعد ذلك إلى مقاعد قرب المقصورة الملكية تطل على ميدان بحجم ملعب كرة قدم. وكان هناك أيضاً عميد السفراء، سفير الكويت، الأخ خالد الدويسان، والأخ سفير مصر ناصر كامل.
الاحتفال استمر حوالى ساعتين ولا أستطيع سوى الإيجاز، فقد كان هناك ممثلون لفروع القوات المسلحة البريطانية، وأيضاً ضيوف من دول الكومنولث وغيرها، ومثـَّل العرب فريقان من البحرين وعُمان، فقد زارتهما الملكة ولها علاقات طيبة مع قادتهما. كان هناك أيضاً موسيقى وغناء، والخيل التي لا تزال جزءاً من تقاليد بريطانيا العسكرية.
كل ما سبق جرى وأمامنا قصر وندسور، مع أضواء مسلطة عليه، والعلم البريطاني يرفرف فوقه.
أكثر ما تلقيت من بريد كان عن جوائز الصحافة العربية في دبي، وقد كتبت عن منتدى الإعلام العربي وجوائزه بمحبة فأنا أعرف المنظمين وبعض الفائزين. ما أزيد اليوم أنني حضرت أمسية عنوانها «نقاش المؤثرين» بعد أن طـُلِب مني أن أساهم ببعض الآراء ما يفيد الشباب وهم يبنون مستقبلهم. فعلت ذلك ثم وجدت نفسي وأنا أقارن بين الجرأة والحذر في التعامل مع مستجدات الحياة. وكان هناك مَنْ تحدث عن الحروب في بلادنا، أو عن السلم والحياة.
بما أنني حذر منذ ولادتي فقد وجدت أن الحرب والحب خطران لا مفر من أحدهما أو الآخر.
رأيي الشخصي في الحرب ما قال امرؤ القيس:
شمطاء جزَّت شعرها وتنكرت / مكروهة للشمّ والتقبيل
ورأيي الشخصي في الحب ما قال عمر بن أبي ربيعة:
سلام عليها ما أحبَّت سلامنا / فإن كرهته فالسلام على أخرى
وأختتم بإسرائيل وإرهابها والمستوطنين وجيش الاحتلال، فأنا لا أفوِّت فرصة لمهاجمة دولة الجريمة، وهي تعطيني أكثر من فرصة كل يوم لو شئت.
كان هناك إسرائيليون يجيدون العربية يردّون عليّ ويهددون، وقد تناقص عددهم حتى لم يبقَ سوى ليكوديين من كتـّاب صحف إسرائيل. كنت أردّ عليهم مختاراً مما تضم التوراة من إبادة جنس، والنص حرفي لا يمكن إنكاره ما يُخرِس أنصار الشر. إسرائيل كذبة فهي فلسطين المحتلة.
أرسل تعليقك