آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

أردوغان: طريق العظمة طريق الكذب

اليمن اليوم-

أردوغان طريق العظمة طريق الكذب

بقلم/ حازم صاغية

القائد القويّ هو ما يستهوي رجب طيّب أردوغان. إنّه مثاله وبطله. الاستفتاء الأخير الذي أجراه كان له غرض أوحد: أن يسبغ الشرعيّة على قوّته الفائضة. على تحوّله زعيماً لا ضوابط، داخليّة أو خارجيّة، على قوّته. أهداف هذه القوّة كانت ظهرت قبل الاستفتاء: تدجين الصحافة والقضاء والجامعة، وإسكات النقد الغربيّ لقمعه حقوق الإنسان، والتلويح باسترجاع حكم الموت. أيضاً، قبل الاستفتاء، أطيح تباعاً عبدالله غل وداوود أوغلو. في «حزب العدالة والتنمية» ودولته رقم واحد فحسب يتربّع فوق جماهير يراد تحويلها أصفاراً.

من يقدم على أفعال كهذه حاكم قويّ. السياسيّ البرلمانيّ ليس كذلك: إنّه يرعى حرّيّات الصحافة والقضاء والجامعة، ويحرص على فصل السلطات، ويرفض حكم الموت، ويهمّه توطيد العلاقة بالدول الديموقراطيّة حيث المصالح التجاريّة وحيث النموذج الأحسن للتقليد. السياسيّ البرلمانيّ يُضعف قوّته ويقيّدها بمحض إرادته. إنّه بلا «كرامة». مفهوم «الكرامة» عند الزعيم القويّ يقوم على التصادم مع تلك القيود وكسرها. مفهوم الكرامة عند السياسيّ البرلمانيّ يقوم على التوافق معها والتنازل لها.

السياسيّون البرلمانيّون في المنطقة ليسوا النماذج التي يقلّدها أردوغان. من هم هؤلاء؟ «عملاء» كنوري السعيد، و «فاسدون» كمصطفى النحّاس، و «انفصاليّون» كخالد العظم، و «انعزاليّون» ككميل شمعون... أمّا في تركيّا نفسها، فما من شيء مُغرٍ في عاديّة بولند أجاويد أو سليمان ديميريل. حتّى تورغوت أوزال يبقى سياسيّاً تقنيّ التكوين. المطلوب زعيم يطلع من القضاء والقدر.

همّ أردوغان ليس تمثيل المؤسّسات والتعبير عن الإرادة الشعبيّة. همّه تمثيل التاريخ. الشعب. الأمّة. المصير... هذه مقدّسات ينبغي أصلاً عدم تقييدها، لأنّ المقدّسات مطلقة ولا تُقيّد. الزعيم وحده يعرف كيف يُنطقها وكيف ينطق بلسانها.
أبطال أردوغان، ولو خالفهم في مسائل إيديولوجيّة أو سياسيّة، هم من عيار مصطفى كمال أتاتورك، نقيضه الشبيه، أو جمال عبد الناصر أو آية الله الخمينيّ، وفي أسوأ الأحوال من صنف فلاديمير بوتين. عظماء لا يحضرون في السياسة إلاّ كي ينحروا السياسة. يتذرّعون بالقصور المؤكّد في المؤسّسات كي يعطّلوا المؤسّسات. يستخدمون النقص الديموقراطيّ في البرلمانيّين كي يفرضوا العدم الديموقراطيّ.

تجربة طيّب أردوغان، بعد تجارب أخرى كثيرة في هذه المنطقة، تقوم على افتراض الحلّ الواحد والحاسم والناجز لمشكلات معقّدة يشهد حلّها بالضرورة تقدّماً وتراجعاً وانتكاسات وتسويات. «حكمة» الحلّ الواحد الحاسم والصائب الذي يرقى رفضه إلى خيانة، هي أمّ الاستبداد وأبوه. الزعيم التركيّ يعيد إلى تلك «الحكمة» رونقها الذي بدا في وقت سابق أنّها فقدته. تركيّا نفسها وأردوغان نفسه كانا قد وجّها طعنات نجلاء لحكم العسكر. لكنْ يبدو اليوم أنّ مقوّمات الاستبداد والحكم القويّ لا تزال قويّة وقادرة. ما كان ينقص هو أن تتعزّز الشعبويّة في العالم حتّى يتغلّب الطبع الأردوغانيّ على التطبّع، فيحصل في تركيّا ما حصل في الدول المجاورة لها. النهاية التي انتهت إليها الثورات العربيّة جاءت عنصر تعزيز آخر للوجهة هذه.

أن يصير أردوغان سلطاناً أو وليّاً فقيهاً أو قائداً ملهماً أو أباً للشعب لا يزال في حاجة إلى جهود قد لا تحتملها تركيّا، جهودٍ يقاومها اليوم مناضلون ونشطاء مدنيّون عافوا الآباء والأولياء والملهمين. والفارق كبير، بطبيعة الحال، بين الـ 99 في المئة الشهيرة للقادة الذين هم مثالات أردوغان، والـ 51 في المئة التي نالها هو. لكنّ برنامج الرئيس التركيّ، على ما يبدو، هو هذا بالضبط: أن يصير الشعب ماشية، وأن يصير الحاكم نصف إله. أن تسير تركيّا بالتدريج نحو الـ 99 في المئة أو ما يقاربها. وعلى الطريق إلى الهدف ستُكتشف «مؤامرات» كثيرة يقف وراءها شياطين وأوروبيّون وصليبيّون ونازيّون وأكراد وإرهابيّون من كلّ نوع. طريق الكذب هو الذي ستسلكه تركيّا أردوغان وصولاً إلى حتفها، أو إلى حتفه هو.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان طريق العظمة طريق الكذب أردوغان طريق العظمة طريق الكذب



GMT 03:41 2017 السبت ,18 آذار/ مارس

نحن والإسلاميّون حيال السياسة والسلطة

GMT 14:14 2017 السبت ,11 آذار/ مارس

الديموقراطيّة الليبراليّة في بلد واحد

GMT 06:20 2016 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أين لا يقف أردوغان؟
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016

GMT 10:07 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض محرز يتجاهل المنافسة مع محمد صلاح

GMT 13:59 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فريق الباطن يستضيف نظيرة الرائد في الدوري السعودي

GMT 20:02 2018 الخميس ,15 آذار/ مارس

قطة تورط بشكتاش التركي في أزمة مع اليويفا

GMT 04:04 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جمارك سيارة إنفينيتي QX50 موديل 2017

GMT 15:30 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إليزابيث هيرلي تنقل أجواء القاهرة السينمائي لجمهورها
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen