آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الثقافويّة والثقافويّة المقلوبة

اليمن اليوم-

الثقافويّة والثقافويّة المقلوبة

بقلم/ حازم صاغية

مع قيام الثورات العربيّة ظهرت أصوات نعتها نقّادها بـ «الثقافويّة». فهي تغضّ النظر عن السياسة والسلطة لتركّز على نقد الدين والقيم. بهذا، تحوّل الأنظار عن الاستبداد، إن لم تتحوّل عوناً له. المهمّة المباشرة والحارقة في طلب الحرّيّة تُستبعد لمصلحة المهمّة التي هي عمليّة تاريخيّة مديدة وتثقيفيّة كبرى.

عيب الثقافويّة هذه ليس بالضرورة في النقد الذي توجّهه للثقافة، وكثير منه وجيه وفي محلّه، بل في النقد الذي لا توجّهه للسياسة. والنقد الأخير ليس بديلاً عن النقد الثقافيّ، إلاّ أنّه شرط لجدواه. ففقط بعد نيل الحرّيّة، وفي بيئة الصراع لإحرازها، يتاح للمواطنين أن يتصدّوا لأسئلة عالمهم ولأفكاره، بموجب تجاربهم ومصالحهم. وفي مناخ الحرّيّة السياسيّة والتعبيريّة وحدها، يأتي النقد الثقافيّ موصولاً بالاختبار العمليّ، لا بالطرف السلطويّ الذي يستخدم هذا النقد على هواه، ثمّ يحبطه، حين يناسبه ذلك، على هواه أيضاً.

ما يزيد الإلحاح على نقد الثقافويّة أنّ أجهزة الدولة في البلدان التي شهدت الثورات ليست حياديّة وعديمة التدخّل في الثقافة والاجتماع. إنّها في كلّ لحظة تتدخّل في الشؤون الروحيّة والقيميّة بحيث يغدو وهماً افتراض التغيير و «التنوير» و «تجديد الخطاب الدينيّ» في ظلّها.

اليوم تواجهنا، في بلداننا وفي العالم، ثقافويّة مقلوبة: فبدل «ديننا وحضارتنا هما الأسوأ» ترتفع شعارات ضمنيّة تفيد بأنّ «ديننا وحضارتنا هما الأحسن». وبدل التمسّك بالواقع السياسيّ القائم، يحلّ تمسّك بالواقع الثقافيّ القائم.

وراء ردّ الفعل هذا عنصران: واحد هو القمع الذي تعرّضت له الشعوب التي ثارت، فجاء الردّ يستنطق سائر أنواع التخلّف المقيمة أصلاً وبقوّة في تراكمنا الثقافيّ: القوميّ والدينيّ والطائفيّ والقبليّ... والثاني هو الترامبيّة ورُهاب الإسلام الذي يستحضر ردّاً متوتّراً عليه. لكنْ إذا كانت الثقافويّة الأولى نخبويّة متعالية، فهنا نقع على شعبويّة يراد رفعها إلى مصاف نخبويّ.

اليقظة الثقافويّة هذه، لا سيّما في الغرب، تحمل بعض العلامات الصحّيّة، كالتعاون اليهوديّ – المسلم في الولايات المتّحدة (يهود يستضيفون للصلاة في معبدهم مسلمين دُمّر مركز عبادتهم، ومسلمون يجمعون تبرّعات لإعادة بناء مقبرة يهوديّة دُنّست)... أو الاستنفار الثقافيّ الواسع ضدّ ترامب والحمولة التعدديّة الخصبة لذاك الاستنفار (وإن لم يكن يُغني عن انضمام قطاعات أخرى، خصوصاً العمّال البيض ممّن سيبقى التغيير صعباً من دونهم).

لكنّ الردّ الثقافويّ على أنظمتنا أو على ترامب يبقى هو أيضاً، وفي حالتيه، أسير استبعاد السياسة. فوق هذا، كثيراً ما يبدو هذا الردّ، في بلداننا كما في الغرب، أسير هزيمة السياسة، والهزيمة تجسّدها مصائر الثورات هنا وصعود ترامب هناك. وهذا فضلاً عن أنّ ردّاً كهذا مُولّد لمزيد من الطائفيّة والفِرَقيّة اللتين ترفدانه بالقوّة في

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافويّة والثقافويّة المقلوبة الثقافويّة والثقافويّة المقلوبة



GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,23 أيار / مايو

معركة روحاني هنا عندنا (إذا شاء)

GMT 02:02 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

جوزيف سماحة والثورة السوريّة

GMT 14:55 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

حقوق الإنسان بعد هزيمة الثورات العربيّة
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen