آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لبنان وحرب 67: إصابة بالمقاومة

اليمن اليوم-

لبنان وحرب 67 إصابة بالمقاومة

بقلم / حازم صاغية

حين بدأت حرب 1967، كان المناخ الإسلاميّ و «الوطنيّ» واليساريّ في لبنان يلحّ على الانخراط في المعركة. «النظام العميل» بدا، في نظره، ممتنعاً عن قطف ثمار النصر القوميّ المؤكّد. إذاعة «صوت العرب» القاهريّة تُسقط الطائرات الإسرائيليّة بالعشرات، فما الذي يردعنا عن المشاركة في غنمٍ مضمون؟

بالطبع، كانت هناك مشاعر الذين يرون أنّ الوطن الصغير وطن ناقص، وأنّ الملحميّة والدم شرط لجعله وطناً. لكنْ كانت هناك أيضاً حسابات: فرئاسة شارل حلو، التي بدأت تتحوّل عن التبعيّة الشهابيّة لمصر الناصريّة، لم تكن محطّ رضا. فحين شرعت «صوت العرب» تُسقط الطائرات الإسرائيليّة، قويت حجّة المستائين: كيف ترفضون أن ترفلوا بهذا النعيم القوميّ وأنتم ترونه بأمّ العين؟
يوم واحد كان كافياً لظهور الحقيقة: إنّنا نُهزم. بعد أربعة أيّام استقال عبدالناصر. الحكم اللبنانيّ «الانعزاليّ»، إذاً، نجّانا من هزيمة محقّقة. نجّانا من خسارة أرض تُضمّ إلى المساحات الهائلة التي احتُلّت في الضفّة وغزّة وسيناء والجولان.

الملك حسين فكّر على نحو آخر: مشاركة الأردن في الحرب، انتصاراً أم هزيمة، تجنّب البلد حرباً أهليّة. المشاركة حصلت. الضفّة احتُلّت. الحرب الأهليّة وقعت بعد ثلاث سنوات.

لم يقل أحد إنّ الخيار الذي اختاره «انعزاليّو» لبنان كان مصيباً وحكيماً. كان هناك حرج في الأمر: هل يُعقل أن يصيب «الانعزاليّون»؟ هل يُعقل أن يأتي الصواب، أيّ صواب، من بلد صغير لا يحكمه العسكر الثوريّ، فيما يحتلّ المسيحيّون فيه الموقع الراجح؟ هل يُعقل أن تخطئ الصناعة الثقيلة والجيش الجرّار والقائد الملهم وأجهزة الأمن والصحافة المؤمّمة والأحزاب الممنوعة، وأن يصيب قطاع الخدمات والنظام البرلمانيّ والساسة العاديّون وحريّات الصحافة والأحزاب؟
الإقرار كان يعادل اهتزازاً في مرتكزات الوعي النضاليّ القائم. إنّه يشبه تجرّع السمّ.
«محو العار» بات يعني في مصر وسوريّة تحرير الأرض التي احتُلّت. في لبنان، صار «محو العار» يعني بذل الجهود لكي تُحتلّ الأرض.
السنوات اللاحقة بدت، في هذا المضمار، دعوةً محمومة كي نعوّض ما فاتنا، أي كي نخسر أرضاً فشلنا في خسارتها. ردعتنا «المارونيّة السياسيّة» اللعينة عن ذلك. بالسلاح حصل نقد ذاتيّ لهذا المسار: جُرّب الأمر مع المقاومة الفلسطينيّة التي عوّضت بلبنان ما خسرته في الأردن عام 1970. يومذاك كان للنظام السوريّ والنظام العراقيّ فصائلهما في هذه المقاومة. فصائل أخرى بدت معجبة بأنظمة ليس بينها نظام ديموقراطيّ واحد: الجبهة الشعبيّة ببلغاريا، الجبهة الديموقراطيّة، وكذلك الشعبيّة، باليمن الجنوبيّ، «يسار فتح» بألبانيا...

لم نوفّق كثيراً في 1978. كان حظّنا سيّئاً. الاجتياح عامذاك كان صغيراً. حالفنا التوفيق مع الاجتياح الأكبر في 1982: عاصمتنا باتت أوّل عاصمة عربيّة تُحتلّ. «السفير» صدرت بمانشيت شهير: «بيروت تحترق ولا ترفع الأعلام البيضاء». احتُلّت لنا أيضاً أراضٍ كثيرة أخرى في الجنوب والجنوب الشرقيّ. صار في وسعنا أن نباهي الأمم. صرنا مقاومين.

الفصل التالي في هذه الرواية البائسة كتبه «حزب الله» بمعونة الوصاية السوريّة. ممنوع أن تكون هناك سياسة خارجيّة للبنان تستعيد الأرض سلماً. إنّها وحدة المسارين، أي الوحدة مع طرف لا يريد أن يسترجع أرضه كي لا يخسر نظامه. قضيّتنا، إذاً، في أيدٍ أمينة: حافظ الأسد لا يريد أن يستردّ أرضه هو، فكيف نخشى أن تعود أرضنا نحن؟ أيّ ضمانة أكبر من هذه بأنّنا سنبقى محتلّين، وبالتالي مقاومين للاحتلال؟.
الإسرائيليّون انسحبوا من طرف واحد في 2000. سمّينا ذلك «مؤامرة الانسحاب». اخترعنا مزارع شبعا. لن يُفلتوا منّا. سنمضي في المقاومة. كلّ شهيد يسقط يُصرف نفوذاً أكبر لإيران في بلادنا. كلّ بطولة تؤدّى تغدو رقعة أكبر يحتلّها الوعي الدينيّ والطائفيّ والغيبيّ. كلّ مقاومة نُبديها تُترجم فوراً أجهزة أمن سوريّة ولبنانيّة أكثر.

برأسمال المقاومة هذا غزونا سوريّة حين أرادت أن تتخلّص من جزّارها الذي هو ضامن احتلالنا ومقاومتنا. وضعنا فلسطين وقتال إسرائيل على شفاهنا وملأنا قلوبنا بالوحل.
إنّنا مصابون بالمقاومة منذ 5 حزيران 1967. فرصة كهذه لن نفوّتها بعد الآن. فرصة كهذه نخترعها إن عزّ المخترع. نحن أحرار. أنتم الذين تقولون العكس أذلاّء مشبوهون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وحرب 67 إصابة بالمقاومة لبنان وحرب 67 إصابة بالمقاومة



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen