آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

اليمن اليوم-

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح

حازم صاغية
بقلم : حازم صاغية

يمكن النقاش إلى ما لا نهاية في الحجّة القائلة إنّ ملء الشغور الرئاسيّ في لبنان وانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة يقطعان الطريق على انفجار أهليّ لا تُحمد عقباه. ويمكن الجدل إلى ما لا نهاية أيضاً في أسباب عدم الانفجار وضعف صلتها بالملء والشغور في المنصب الرئاسيّ، لكنْ في الأحوال كافّة، يصعب ألاّ يتذكّر واحدنا الحجج التي أحاطت بصعود عبد الفتّاح السيسي في مصر، قبيل تولّيه رئاسة الدولة وبعدها.

صحيح أنّ الظروف المصريّة تختلف إلى أبعد الحدود عن الظروف اللبنانيّة، ففي مصر حدثت ثورة لم يعرف لبنان مثلها، ثمّ انتُخب رئيس «إخوانيّ»، هو محمّد مرسي، في حدث يستحيل أن يشهد لبنان ما يشبهه، وبعد ذاك كان دور للجيش تنعدم شروطه اللبنانيّة تماماً. مع ذلك، يبقى المشترك أنّ أحد البلدين عاش «خلاصاً» صُوّر الأمن والاستقرار بوصفهما مدخله، بينما البلد الثاني مرشّح لـ «خلاص» كهذا يُبلَغ إليه من المدخل نفسه. ثمّ إنّ قائد الجيش الذي حلّ في الرئاسة المصريّة رُسم موضع إجماع عابر للجماعات ومتعال على القوى المتنازعة، بعد إخراج «الإخوان المسلمين» من بيت الوطنيّة المصريّة. أمّا قائد الجيش اللبنانيّ السابق الذي سيُنتخب رئيساً للجمهوريّة، فقد هُندس له، بخليط من الجدّ والتلفيق، إجماع عابر للطوائف ومتعالٍ على القوى المتنازعة.

وقد استعرضت «السيسيّة» نفسها في مواقف كان آخرها الإدلاء بتصويتين متضاربين في مجلس الأمن، بعدما عبّرت عن هوى روسيّ ينافس الهوى الأميركيّ لديها. وكان الرئيس المصريّ، منذ أيّامه الرئاسيّة الأولى، قد حشد في نفسه كلاًّ من جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، من دون أن يختفي من الصورة محمّد نجيب نفسه. أمّا ميشال عون فهو أيضاً رئيس لكلّ الفصول وكلّ الأدوار، على ما تبيّن سيرته السياسيّة المنتفخة بالتناقضات منذ 1989.

وهذا ما يستحيل النظر إليه بعين غير عين الثورة المضادّة التي تلي هزيمة الثورات، والتي ينهض أوّل تبريراتها على تجنّب الحروب الأهليّة باسم استقرارٍ يجد مراجعه في كلّ شيء ولا يجدها في شيء محدّد. والحقّ أنّ هذا التجنّب للفوضى ليس قليل الأهميّة، فهو يستحقّ التضحية والعضّ على الجرح وتجرّع كلّ الكؤوس لأجله. لكنْ هل الخيار هذا يجنّب الحرب الأهليّة فعلاً وينشئ الاستقرار في لبنان ومصر، وفي امتداد هذا الخطّ إلى خليفة حفتر في ليبيا وربّما إلى أبعد؟

ما نعرفه عن مصر اليوم، ابتداء بأوضاع سيناء، وليس انتهاء بالتردّي غير المسبوق في العلاقتين المسلمة – القبطيّة والعسكريّة – «الإخوانيّة»، يوحي بأنّ الأمور لا تسير في اتّجاه كهذا. أمّا في لبنان فيُخشى، حيال هذا الانتصار الإيرانيّ الجديد ممثّلاً بـ «ملء الشغور»، المعزّز بالحروب الانتقاميّة والطائفيّة في سوريّة والعراق، ومع عودة بعض «الداعشيّين» إلى مناطق أصولهم، وانبثاث بعضهم في مناطق أخرى، أن نحصد من الإرهاب ما كان يمكن اجتنابه، سيّما وأنّ «الرئيس عون» ستقف سلطاته عند حدود الحرب التي يشنّها «حزب الله» على السوريّين، والتي في طريقه إليها يدوس بنعلٍ غليظ سيادة لبنان وعظمة «شعبه العظيم».

وهي صعوبات وتحدّيات يعجز عن تبديدها ميلٌ نكوصيّ إلى الانسحاب من تعقيد الحياة المعاصرة، لا سيّما وقد خضّتها الثورات والحروب والتحوّلات السكّانيّة الضخمة، فـ «الاستقرار»، والحال هذه، يصير وعداً باهتاً بتحكيم المواضي المُتَخيَّلة بالمستقبل، أو بالارتداد إلى صفاء القرية وبساطتها، وإلى فهم للعلاقات الوطنيّة بوصفها أبوّة تحنو على الأبناء، وبنوّة تستهلّ صباحاتها بتقبيل أيديهم. لكنّنا فيما نقف عند هذه المحطّة الخلاصيّة المُتَوهَّمة يكون العالم يمضي في سيره وتناقضاته وحروبه التي لا تستأذن القرى اللطيفة والآباء والأمّهات العطوفين، أكان ذلك في القاهرة أو بيروت أو أيّ مكان آخر.

والحقّ أنّ هذا الأفق العربيّ للعونيّة، وعنوانه الأبرز السيسيّة، ينضوي اليوم في أفق دوليّ أعرض يهيمن عليه التطرّف والتفتّت والزعامات الشعبويّة. وغنيّ عن القول أنّ آمالاً من هذا الصنف تنافس اليأس في القتل بل تتغلّب عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح ميشال عون في الأفق العربيّ الكالح



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen