آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الصحراء المغربية… والأجواء الدولية المختلفة

اليمن اليوم-

الصحراء المغربية… والأجواء الدولية المختلفة

بقلم/خيرالله خيرالله

بات المجتمع الدولي يدرك أخيرا وبعد انتظار طويل أن غياب السيطرة على منطقة حساسة مثل الكركرات يشكل تهديدا للمنطقة كلها، وليس للساحل الصحراوي فقط.

لا يمكن إلّا الترحيب بقرار جبهة “بوليساريو” الانسحاب من منطقة الكركرات الساحلية الواقعة في الصحراء المغربية غير بعيد عن الحدود الموريتانية. يعكس مثل هذا القرار انصياعا لجوّ دولي عام وأوروبي على وجه التحديد. بات المجتمع الدولي يدرك أخيرا وبعد انتظار طويل أن غياب السيطرة على منطقة حسّاسة مثل الكركرات يشكّل تهديدا للمنطقة كلّها، وليس للساحل الصحراوي فقط. فالمنطقة التي انسحبت منها “بوليساريو”، بضغط من الأمم المتحدة، قريبة من جزر الكناري الإسبانية، ويمكن أن تشكل قاعدة للهجرة غير الشرعية إلى تلك الجزر ومصدرا للإرهاب كما الحال في كلّ منطقة من مناطق الساحل الأفريقي تغلغلت فيها “بوليساريو” وما شابهها من منظمات تستخدم من هذا الطرف أو ذاك في خدمة مشروع زعزعة الاستقرار الإقليمي.

لم تنسحب “بوليساريو” من الكركرات عن حسن نيّة، فهذه الجبهة التي ليست سوى أداة جزائرية تستخدم في شن حرب استنزاف على المغرب. إنها “جبهة” لا تمتلك حرّية قرارها بأي شكل. كل ما في الأمر، أن الجزائر وجدت أخيرا أن هناك أجواء دولية مختلفة لا تسمح بمغامرة من نوع التسلل إلى الكركرات، وإقامة وجود عسكري معاد للمغرب فيها.

يبقى السؤال في نهاية المطاف من يستفيد من هذا الوجود، المخالف للقانون الدولي، غير الشبكات التي تتعاطى أعمالا مثل تهريب المخدرات والبشر وخطف السيّاح الأجانب وتوفير أجواء لنشر الإرهاب المرتبطة بطريقة أو بأخرى بالفوضى السائدة في الساحل الصحراوي؟

أوحت الأجواء التي سادت جلسة مجلس الأمن خلال التمديد لقوة حفظ السلام في الصحراء المغربية (مينورسو) ببداية وعي لأهمّية إيجاد حل لقضية مفتعلة. تحدّثت الأمم المتحدة عن “دينامية وروح جديدتين” في ما يخص هذه القضية العالقة بين المغرب والجزائر، والتي بات عمرها يتجاوز الأربعين عاما. عاجلا أم آجلا، ستكون الأمم المتحدة أمام امتحان واضح كلّ الوضوح بعدما أبدى المغرب كلّ التعاون مع الأمم المتحدة، وكان سباقا لسحب قواته من الكركرات.


سيتبيّن ما إذا كانت “الدينامية والروحية الجديدتان” ستنسحبان على العقلية التي تتعاطى بها المنظمة الدولية مع هذه القضيّة التي تستغل من جانب عدد لا بأس به من الأطراف في لعبة تصفية حسابات مع المغرب. لعبت الإدارة الأميركية في عهد باراك أوباما دورا في غاية السلبية في هذا المجال. عبّر عن هذه السلبية الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون الذي انحاز بشكل فاضح للجزائر، رافضا التعرّف إلى المعطيات التي تحكّمت بقضية الصحراء، التي لا بدّ من التأكيد للمرّة الألف أنّها ليست سوى قضية مفتعلة. فعندما تتحدّث السلطات في الجزائر عن حق “تقرير المصير للشعب الصحراوي”، عليها أوّلا تحديد مفهومها للشعب الصحراوي، ولماذا لا توفّر لهذا الشعب “دولة مستقلّة” على أرضها ما دام الصحراويون موجودين على طول الشريط الممتد من موريتانيا إلى جنوب السودان المطلّ على البحر الأحمر.

تعاطى المغرب مع المستجدات التي طرأت على كلّ أفريقيا، وليس على قضية الصحراء فقط. لذلك عاد إلى الاتحاد الأفريقي وعزز وجوده في معظم دول القارة السمراء. لم تكن هناك حاجة إلى تصويت على عودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الأفريقي في القمّة الأخيرة للدول الأعضاء في الاتحاد. في موازاة ذلك، قام الملك محمّد السادس بجولات عدة في أفريقيا، وصولا إلى مدغشقر لتكريس العلاقة العضوية الجديدة بين المغرب وأفريقيا. كانت كل خطوة مغربية مدروسة وتصبّ في تحقيق هدف واضح. من بين الأهداف المغربية المشاركة في الحرب على الإرهاب عن طريق التعريف بحقيقة الدين الإسلامي ومبادئه، بدل ترك الساحة للتطرّف والمتطرفين وللساعين إلى الاستثمار في كلّ ما من شأنه ضرب الاستقرار في هذه الدولة الأفريقية أو تلك.

بدأت أوروبا، لحسن الحظ، تستوعب مغزى التحرّك المغربي على الصعيد الأفريقي وأبعاده. ما بدأت تستوعبه دول مثل إسبانيا، على وجه التحديد، أن قضيّة الصحراء ليست سوى حجّة تستخدم لتفادي البحث في الأساسيات. والأساسيات تعني عدم الغرق في مسائل مستعصية من نوع الاستفتاء في الصحراء. والأساسيات تعني غياب الحاجة إلى البحث عن حلّ ما دام المغرب طرح مثل هذا الحلّ المتمثّل في الحكم الذاتي للولايات الصحراوية في إطار السيادة المغربية واللامركزية الموسعة على صعيد المملكة كلّها.

هناك أجواء جديدة في منطقة المغرب العربي وفي أفريقيا وليس على الصعيد الدولي فقط. أخطر ما في الأمر، وهو ما بدأ العالم يستوعبه، أن هناك قنبلة موقوتة اسمها ليبيا تهدّد دول الجوار، على رأسها تونس، كما تهدّد الأمن الأفريقي. كذلك، تهدّد ليبيا، التي تحوّلت إلى قاعدة لكل أنواع الإرهاب، أوروبا نظرا إلى مدى قربها من إيطاليا.

آن أوان النظر إلى قضية الصحراء من زاوية مختلفة كي لا تكون هناك عودة إلى الدوران في حلقة مغلقة عرف المغرب كيف تجاوزها وكسرها على كلّ صعيد، إن بطرحه مشروع الحكم الذاتي الموسّع للولايات الصحراوية، وإن بدخوله في شراكة مع دول القارة السمراء. لا حدود للمرونة المغربية عندما يتعلّق الأمر بإيجاد حلـول عمليـة تأخذ الـواقع في الاعتبـار. كان آخـر دليل على ذلك أن القوات المغربية رفضت أي مواجهة مع عناصر “بوليساريو” التي تمركزت في الكركرات بهدف واحد هو استفزاز المغرب…

لا مكان في المغرب للصغائر. هناك على العكس من ذلك خطوط عريضة لسياسة واضحة تصبّ في خدمة الحرب على الإرهاب. منذ صعوده إلى العرش قبل ثمانية عشر عاما، ينادي الملك محمّد السادس بـ“الحرب على الفقر”. مثل هذه الحرب جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب والتطرّف. ليس سرّا أن الخطة المغربية الهادفة إلى التخلص من المناطق العشوائية التي تحيط ببعض المدن الكبرى، وإيجاد سكن لائق لكل مواطن جزء لا يتجـزأ من “الحرب على الفقر”.

أدى المغرب المطلوب منه، ثمة حاجة إلى تحرك جدي للأمم المتحدة ولأمينها العام الجديد، أنطونيو غوتيريش، لنقل قضيّة الصحراء إلى فضاء مختلف. يعني ذلك أن توضع هذه القضية في إطارها الصحيح. والإطار الصحيح هو أنها قضية بين المغرب والجزائر التي تطمح إلى لعب دور القوّة الإقليمية المهيمنة، بدل أن يهتمّ النظام فيها بصرف الأموال المخصصة لـ“بوليساريو” على أبناء الشعب الجزائري المظلوم.

ليس بالهرب المستمرّ إلى الخارج، أي إلى استفزاز المغرب عن طريق أداة مثل “بوليساريو”، تستطيع الجزائر الخروج من الأزمة العميقة التي تمرّ فيها، وهي أزمة يمكن أن تكون لها انعكاسات في غاية الخطورة على منطقة شمال أفريقيا كلّها.

بعض التواضع ضروري بين حين وآخر. يقضي التواضع بالاعتراف بأنّ الحل النهائي لقضية الصحراء هو بين المغرب والجزائر. هذا هو إطار القضيّة كلّها، وكلّ ما تبقى هرب من واقع لا مفر من العودة إليه يوما مهما طال الزمن… وهذا ما بدأ يدركه المجتمع الدولي، على رأسه الولايات المتحدة، المصمّم على خوض الحرب على الإرهاب والتطرّف قبل فوات الأوان.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحراء المغربية… والأجواء الدولية المختلفة الصحراء المغربية… والأجواء الدولية المختلفة



GMT 03:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

مواجهة الواقع اللبناني بواقعية

GMT 05:32 2017 الإثنين ,03 تموز / يوليو

اليمن… بعيدا عن عقدة الوحدة والانفصال
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen