آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

تأخرت معركة الحديدة.. أم لم تتأخر

اليمن اليوم-

تأخرت معركة الحديدة أم لم تتأخر

بقلم/خيرالله خيرالله

تأخرت معركة الحديدة أم لم تتأخر، ليست تلك المسألة. ما لا يجب أن يتأخر هو أسس الحل السياسي في اليمن التي فرضتها المعطيات الجديدة.

من الأفضل التعاطي مع الموضوع اليمني بكثير من الحذر واليقظة والواقعية، لا لشيء سوى لأنّ الحسم العسكري الكامل يعتبر من الأمور الصعبة، إن لم يكن من الأمور المستحيلة. هذا عائد إلى الطبيعة الجغرافية للبلد أوّلا، وإلى طبيعة اليمنيين والمجتمع اليمني ثانيا. هؤلاء على استعداد للقتال إلى ما لا نهاية في مناطق معيّنة.

من الضروري الإشارة هنا إلى أن الجمهورية لم تدخل مناطق عدة في اليمن، خصوصا في شمال الشمال، وذلك بعد التوصل، في آذار – مارس من العام 1970، إلى اتفاق المصالحة الوطنية في جدّة. أوقف اتفاق المصالحة الحرب الداخلية ذات الامتدادات الإقليمية التي تلت الانتهاء من العهد الإمامي في السادس والعشرين من أيلول – سبتمبر 1962، لكنّ بعض المناطق بقيت خارج الجمهورية عمليا، خصوصا صعدة ومحيطها، معقل الحوثيين الذين سمّوا أنفسهم لاحقا “أنصار الله”.

عبر التاريخ الطويل لليمن، بقيت هناك مناطق شبه متمرّدة، عصيّة على السلطة المركزية وعلى الخارج، بما في ذلك الاستعمار التركي. على سبيل المثال وليس الحصر، استمرت الحرب بين الحوثيين والنظام القائم برئاسة علي عبدالله صالح بين 2004 و2010. حصلت ست حروب بين الجانبين لم يتمكن فيها النظام القائم من الحسم على الرغم من امتلاكه قوات عسكرية كبيرة وأسلحة متطورة، نسبيا، مقارنة مع الأسلحة التي كانت لدى الحوثيين. كان النظام قويا جدا. كان نظاما مركزيا يسيطر على كل البلد تقريبا، لكنه لم يستطع التخلص من الحوثيين لأسباب متنوّعة وفي غاية التعقيد، من بينها مسألة الخلافة. ما لبث “أنصار الله” أن أخذوا المبادرة وسيطروا على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014، عندما سنحت لهم الفرصة للقيام بذلك.

من هذا المنطلق، لا مفرّ من البحث عن أفكار جديدة ذات طابع عملي. يُفترض أن تكون هذه الأفكار خلّاقة نظرا إلى ضرورة التعاطي مع الموضوع اليمني بتعقيداته وأبعاده الإقليمية والدولية بشكل جديد فرضته تطورات السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك انهيار السلطة المركزية في صنعاء بعدما صار القتال داخل أسوار المدينة وفي أحيائها بين علي عبدالله صالح وخصومه من الإخوان المسلمين.

يبدأ طرح الأفكار ذات الطابع العملي بالاعتراف بأن “عاصفة الحزم”، التي انطلقت في آذار – مارس 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية، حققت جانبا أساسيا من الأهداف التي توختها. في مقدّم هذه الأهداف توجيه ضربة إلى المشروع الإيراني الذي كان يرمي إلى السيطرة على اليمن واستخدامه في عملية التفاف على دول الخليج العربية على رأسها السعودية، فضلا عن التحكم بمضيق باب المندب ذي الأهمية الإستراتيجية.


لا حاجة إلى إعادة التذكير بأن “أنصار الله”، لم يكتفوا بالسيطرة على صنعاء وإعلان زعيمهم عبدالملك الحوثي قيام نظام جديد في اليمن يستند إلى العلاقة مع إيران وتجربة “حزب الله” في لبنان، بل انطلقوا في اتجاه الجنوب واتجاه عدن تحديدا، بعد الالتفاف على تعز. لم يعد سرّا من أخرجهم من عدن ثمّ من المكلا ومن أبعدهم قبل أسابيع قليلة عن المخا، أي عن موقع كانوا يستخدمونه لتهديد ممرّ مائي دولي هو باب المندب.

ماذا يعني البحث عن أفكار عملية لليمن؟ البداية تكون بتحرير “اليمن المفيد” من “أنصار الله” الذين يشكلون مع “القاعدة” خطرا ليس على مستقبل البلد فحسب، بل على كلّ دول الخليج أيضا. لذلك، كان مهمّا إخراج المتطرفين، بكل فئاتهم وأيديولوجياتهم العفنة من الشريط الساحلي الممتد من حضرموت وصولا إلى المكلا، مرورا بعدن، بمينائها ومطارها. لذلك أيضا، ستكون معركة ميناء الحديدة في غاية الأهمية نظرا إلى أن هذا الميناء، الذي يعتبر بين الأهم على البحر الأحمر، يلعب دورا حيويا في مجال توفير وسائل دعم للحوثيين، بما في ذلك توفير بضائع مهرّبة من كل الأنواع، بينها السلاح الآتي من إيران، إضافة إلى مداخيل مالية هم في أشدّ الحاجة إليها.

سيساعد التغيير الذي طرأ على الموقف الأميركي في نجاح عملية إنقاذ الحديدة وإخراج الميناء من سيطرة “أنصار الله”. هناك بداية وعي أميركية لخطورة الوجود الإيراني في اليمن وإبعاده. تشكل بداية هذا الوعي منطلقا لنظرة جديدة إلى أهمية اليمن، وإلى خطورة المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة كلّها.

في الإمكان تحمّل الجمود على الجبهات الداخلية طويلا، لكنّه كلّما استعجل “التحالف العربي” استكمال عملية الإمساك بالشريط الساحلي، كلّما زاد الخناق ضيقا على “أنصار الله” المتحالفين مع الرئيس السابق الذي ساعد في مرحلة معيّنة في إيجادهم وإدخالهم مجلس النوّاب، قبل أن ينقلبوا عليه وخوض الحروب الست معه ومع الذين كانوا إلى جانبه في مرحلة معيّنة.

لا يمكن الفصل بين السيطرة على الشريط الساحلي لليمن وإعـادته إلى “الشرعية”، وبين البحث عن حل سياسي يأخذ في الاعتبار الحاجة إلى صيغة جديدة للبلد. الأكيد أن هذه الصيغة لا يمكن إلا أن تكون مبنية على اللامركزية الموسعة بعيدا عن مجرد التفكير في العودة إلى مرحلة علي عبدالله صالح. اليمن تغيّر كليا قبل قبول الرئيس السابق بالمبادرة الخليجية، وقبل تقديم استقالته استنادا إلى هذه المبادرة وبدء المرحلة الانتقالية التي لا تزال مستمرّة إلى اليوم على الرغم من أنه كان مفترضا ألا تدوم سوى سنتين. أي أن تنتهي في شباط ـ فبراير 2014.

ليس مقبولا أن يكون المؤقت دائما في اليمن. ليس مقبولا أن يكون هناك استكمال لاستعادة الشريط الساحلي من الانقلابيين، حتّى لو تأخرت معركة الحديدة، وألا يكون هناك طرح سياسي يرافق الإنجازات العسكرية.

سقط الحوثيون في الفخ الذي نصبوه لأنفسهم عندما ساروا في خط تحقيق الانتصارات العسكرية من دون أن يكون لديهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي باستثناء وضع اليمن في تصرّف الإستراتيجية الإيرانية.

لا يمكن أن يكون هناك طرح سياسي يؤدي إلى نتائج عملية في بلد يموت أهله جوعا ويقضي المرض على أطفاله من دون مراجعة شاملة تأخذ في الاعتبار أن الحاجة إلى شرعية جديدة تتمثل فيها كلّ الفئات اليمنية، بمن في ذلك “أنصار الله” ولكن ليس على طريقة تمثيل “حزب الله” في لبنان كما شدّد على ذلك اللواء أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي والناطق باسم “قوات التحالف” العاملة في اليمن.

عندما تكون هناك خطة عسكرية واضحة لمحاصرة “أنصار الله” وحلفائهم، فضلا عن إبعاد “القاعدة” عن الساحل اليمني، إن في حضرموت أو في عدن، يصبح من البديهيات البحث عن “شرعية” مختلفة في اليمن بعيدا كلّ البعد عن الرئيس الانتقالي الحالي عبدربّه منصور هادي الذي تكمن مشكلته الأولى في أنّه لا يمتلك قاعدة شعبية في أي منطقة يمنية.

تأخرت معركة الحديدة أم لم تتأخّر، ليست تلك المسألة. ما لا يجب أن يتأخّر هو أسس الحل السياسي في اليمن التي فرضتها المعطيات الجديدة، على رأسها أن اليمن الذي عرفناه لم يعد قائما وأن لا بديل من أقاليم جديدة، مثلما أن لا بديل من “شرعية” مختلفة تكون بالفعل شرعية.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأخرت معركة الحديدة أم لم تتأخر تأخرت معركة الحديدة أم لم تتأخر



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen