آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

كي لا ينجح "حزب الله" حيث فشل في 2009

اليمن اليوم-

كي لا ينجح حزب الله حيث فشل في 2009

بقلم / خير الله خير الله

من الواضح أن الوضع الأمني في لبنان ممسوك إلى حدّ كبير. يساعد في ذلك وجود رئيس للجمهورية، هو العماد ميشال عون يعمل، على طريقته، من أجل المحافظة على التوازنات الداخلية واستعادة العرب ثقتهم بلبنان.

هناك، في موازاة ذلك، حكومة تمثل فئات واسعة من الطبقة السياسية برئاسة سعد الحريري الساعي، يوميا، إلى إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة من جهة، وتحريك العجلة الاقتصادية من جهة أخرى. فضلا عن ذلك، هناك قسم من الحكومة يعي الخطر الإيراني ويعمل على مواجهة هذا الخطر الذي في أساسه مشروع توسّعي مكشوف قائم على الاستثمار في الغرائز المذهبية في كلّ دولة عربية واستخدام جزء من اللبنانيين في خدمة هذا المشروع. إنّه مشروع يستهدف كلّ مجتمع من المجتمعات العربية. مؤسف أن هناك لبنانيين لم يستوعبوا ذلك في الماضي ولم يستوعبوه في الحاضر.

يبدو الإمساك بالوضع الأمني، كما ظهر من خلال إحباط العملية الانتحارية في مقهى “كوستا” في شارع الحمراء، عائدا أيضا إلى التعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة. يتم ذلك في ظلّ وجود وزير للداخلية اسمه نهاد المشنوق يعتبر نفسه وزيرا لكلّ لبنان واللبنانيين. الأهمّ من ذلك كلّه، وربّما في أساسه، أن لا مصلحة لـ”حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني في إرباك الوضع اللبناني، أقلّه في هذه المرحلة. مثل هذا التصرّف، الذي ينمّ عن رغبة في إبقاء لبنان في مأمن عن الحريق السوري، يجب أن لا يغيّب الخطر الذي يمثلّه السلاح غير الشرعي الذي في يد ميليشيا مذهبية قرارها في طهران. لا يمكن إلا أن تكون هناك نتائج في غاية السلبية على مستقبل البلد بسبب وجود سلاح غير شرعي ومناطق تحت سيطرة ميليشيا مذهبية قررت عدم الاعتراف بوجود حدود دولية للجمهورية اللبنانية من جهة، والتدخل إلى جانب النظام السوري في الحرب التي يشنّها على شعبه من جهة أخرى.

هناك ما يشير إلى وجود بقايا مؤسسات لدولة لبنانية. يمكن البناء على بقايا المؤسسات. لا يمنع ذلك التخوف من أن أحداثا يمكن أن تحصل مستقبلا، لكن الثابت أنّ على البلد إعداد نفسه للمرحلة المقبلة، مرحلة الانتخابات النيابية. هذه الانتخابات اللبنانية ستثبت أن لبنان قادر على استكمال عملية استعادة مؤسساته.

تمثّل هذه الانتخابات التي يُفترض أن تحصل في أيار ـ مايو المقبل، في حال لم يكن هناك تأجيل ذو طابع تقني، منعطفا على الصعيد اللبناني. ستثبت الانتخابات أن هناك محاولة جدّية لإعادة بناء البلد في ظلّ ظروف إقليمية أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها معقّدة.

من هذا المنطلق، يمكن أن تكون الانتخابات سيفا ذا حدّين. يمكن أن تساعد لبنان في تحصين نفسه، ويمكن أن تساهم في تكريس لبنان مستعمرة إيرانية. وهذا ما ترفضه أكثرية لبنانية تعي تماما ماذا يعني أن يكون قانون الانتخابات على قياس “حزب الله” الطامح إلى قلب المعادلة داخل مجلس النوّاب. يستند الحزب في ذلك إلى أنّه يعتبر نفسه قادرا على السيطرة بشكل شبه كامل على الطائفة الشيعية، فيما يستطيع تحييد المسيحيين إلى حدّ ما… مع شق السنّة والدروز إلى حدّ كبير وانتزاع مقاعد لموالين له ولما يمثّله من هاتين الطائفتين. بكلام أوضح، يعتقد “حزب الله” أن في استطاعته إلغاء العلاقة العضوية بين “تيّار المستقبل” وأهل السنّة، كما في استطاعته إيجاد طريقة لتقليص الحجم الدرزي لوليد جنبلاط لمصلحة بعض التافهين الذين يعتقدون أنّ لديهم وجودا داخل هذه الطائفة. صحيح أن الطائفة الدرزية طائفة صغيرة. لكنّ الصحيح أيضا أنّها طائفة مؤسسة في لبنان ليس هناك من يستطيع إلغاءها لأسباب عدة. من بين هذه الأسباب الوجود الدرزي في لبنان من الناحية الجغرافية، والتماسك داخل المجتمع الدرزي… والدور العربي التاريخي للدروز المنتشرين في لبنان وفلسطين وسوريا، وحتّى في الأردن، فضلا عن طبيعة الزعامة الدرزية التي يرمز إليها في هذه المرحلة وليد جنبلاط.

ليس طبيعيا أن يذهب لبنان إلى قانون انتخابي يسمح لـ”حزب الله” بتحقيق ما عجز عنه في انتخابات العام 2009. وقتذاك، لعب سعد الحريري دورا محوريا في التصدي للتوجّه الإيراني ومنع الحزب من السيطرة على لبنان، عن طريق صناديق الاقتراع. ربح رهانه على الرغم من أنّ كثيرين كانوا يعتقدون أنّه لن يتمكن من ذلك، وأن لبنان ورقة خاسرة. ليس ما يدعو إلى العودة إلى ما قدّمه سعد الحريري في تلك المرحلة وإلى تضحياته، على كلّ صعيد، من أجل تحقيق انتصار في الانتخابات. وضع الرجل عائقا يستهدف منع الحزب الإيراني من السيطرة على الجمهورية اللبنانية عبر أكثرية تابعة له في مجلس النوّاب. ليس سرّا أن الانتصار الذي تحقّق في 2009 لم تكن له ترجمة على الأرض بعدما رفع “حزب اللّه” سلاحه ومنع مجلس النواب من الانعقاد لانتخاب رئيس للجمهورية في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في أيار ـ مايو من العام 2014.

قبل ذلك، في العامين 2010 و2011، لم تكن من ترجمة لهذا الانتصار، وهو انتصار للشعب اللبناني أوّلا، عندما أسقطت ميليشيا “حزب الله”، بقمصانها السود، حكومة سعد الحريري بسحب “الوزير الملك” منها تمهيدا لتشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي. لم يكن من هدف لهذه الحكومة سوى إذلال المسيحيين والسنّة والدروز في لبنان.

ما الذي سيحصل الآن؟ قانون الستين مرفوض. هل يبني “حزب اللّه” على هذا الرفض من أجل تحقيق ما عجز عن تحقيقه في 2009؟
ثمّة واقع، لم يعد في الإمكان تجاهله، خصوصا في ظلّ تورط “حزب اللّه” في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري. هذا الواقع يفرض على لبنان متابعة المقاومة. المقاومة الحقيقية هي مقاومة الهيمنة الإيرانية التي يسعى الحزب إلى فرضها على لبنان. هل من قانون انتخابي عادل يأخذ في الاعتبار حقوق كلّ اللبنانيين ومصالحهم تجري على أساسه الانتخابات المقبلة؟
الجواب أن في الإمكان التوصّل إلى مثل هذا القانون، أقلّه من أجل تفادي السقوط في الفخّ الذي تنصبه إيران للبنان.

في الإمكان الانطلاق من قانون الستين، مع بعض التعديلات له، من أجل التوصل إلى صيغة ترضي الجميع. صيغة تكون بعيدة عن قانون النسبية الكاملة الذي يطالب “حزب الله” به لتحقيق غايات معيّنة. أيّ قانون عادل سيخدم المحافظة على السلم الأهلي، في وقت يحتاج لبنان إلى كثير من الهدوء في سعيه لإعادة بناء مؤسساته وإبقاء الأمن مضبوطا داخليا، ولتمرير مرحلة التغييرات الكبيرة التي تبدو سوريا مقبلة عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كي لا ينجح حزب الله حيث فشل في 2009 كي لا ينجح حزب الله حيث فشل في 2009



GMT 12:40 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

GMT 09:46 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معركة تحرير العراق

GMT 16:21 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة الجنوب الشيعية وطرابلس السنّية

GMT 12:19 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشراكة المغربية

GMT 13:09 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen