آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لماذا انعدام الأمل في اليمن

اليمن اليوم-

لماذا انعدام الأمل في اليمن

خير الله خير الله
بقلم :خير الله خير الله

منذ توقفت مفاوضات الكويت، طرأ جمود على الوضع اليمني، وهو وضع كان في الأصل جامدا. شكلت مفاوضات الكويت فرصة، بل بصيص أمل، للتوصل إلى خطوط عريضة يمكن أن تؤدي إلى مخرج أو تسوية ما في مرحلة معيّنة تنضج فيها الظروف، وذلك في حال وجد الطرفان أن لكلّ منهما مصلحة في تجاوز الوضع الراهن.

في ظل استمرار موازين القوى القائمة حاليا، يصعب التكهن بإمكان أن يتزحزح كل طرف من الطرفين عن موقفه. هناك طرف “الشرعية” ممثلة بالرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن صالح ورئيس الوزراء أحمد بن دغر من جهة. وهناك الحلف القائم بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحوثيين “أنصارالله” من جهة أخرى.

لكلّ من الطرفين نقاط ضعف خاصة به. لكن نقاط الضعف هذه لا تحول دون تمسّك كل من الطرفين بمواقفه انطلاقا من اعتقاد ثابت لدى كل منهما بأنّ لديه نقاط قوّة أيضا. في طليعة نقاط القوّة التي يتسلّح بها عبدربّه منصور ورقة “الشرعية” التي لا غنى عنها للتحالف العربي الذي يقاوم سيطرة إيران على اليمن ويتصدّى له.

في المقابل، يعتقد علي عبدالله صالح و“أنصارالله” أن قوتهما تكمن في أن لديهما خيارا يتمثل في القدرة على الاحتفاظ بصنعاء والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك الميناء الاستراتيجي على البحر الأحمر، أي ميناء الحديدة. تحت شعار المحافظة على الوحدة اليمنية، يعمل هذا الطرف على السير في عملية التقسيم لليمن. تركيزه الواضح على صنعاء وعلى وجود له في تعز. ما لا بدّ من الاعتراف به أن لا تغيير طرأ على تعز منذ أشهر عدّة على الرغم من حصول اختراقات لقوات “الشرعية” في أحياء ومناطق معيّنة. كذلك، لا يمكن الحديث عن تبدل كبير في منطقة نهم على الرغم من تقدّم لقوات “الشرعية” في بعض المحاور المعيّنة.

كلّما مرّ يوم يتبيّن أن الحصار يضيق على صنعاء ولكن من دون ما يشير إلى أنّه سيكون في استطاعة “الشرعية” العودة إليها يوما من دون اتفاق سياسي. لنفترض أن عبدربّه منصور عاد إلى صنعاء غدا. ما الذي سيفعل في اليوم التالي لعودته؟ الجواب أن ليس في استطاعة الرئيس الانتقالي العمل انطلاقا من صنعاء والبقاء فيها. هذا عائد إلى سبب في غاية البساطة. لا يمتلك الرئيس الانتقالي أي “شرعية” في صنعاء. لم يستطع حتّى الإقامة في عدن، هو الآتي من الجنوب، من محافظة أبين تحديدا، فكيف سيتمكن من الإقامة في العاصمة التي هي في الأصل عاصمة الشمال؟

صحيح أنه لا يمكن تجاهل أن عبدربه منصور حقق ما لم يستطع أي سياسي جنوبي تحقيقه في الماضي، أي تعميق الشرخ بين الشماليين، بين علي عبدالله صالح والحوثيين من جهة، وخصومهم من جهة أخرى، لكن الصحيح أيضا أن هذا الشرخ لا يسمح له بالإقامة في صنعاء، أقلّه في المدى المنظور.

هناك تخبط ليس بعده تخبّط في اليمن. ينسحب هذا التخبط على كلّ القوى السياسية من دون استثناء. لا رؤية سياسية لدى علي عبدالله صالح والحوثيين غير خيار قطاع غزّة الذي أقامت فيه “حماس” إمارة إسلامية على الطريقة الطالبانية منذ منتصف العام 2007. هناك مصلحة لدى إسرائيل في بقاء هذا الخيار حيّا يرزق. ولذلك مازال الإخوان المسلمون يحكمون غزّة منذ تسع سنوات. لدى إسرائيل، مثلها مثل “حماس”، مصلحة في بقاء الحصار على غزّة إلى ما لا نهاية. كذلك لديها مصلحة في بقاء الشرخ بين القطاع والضفّة الغربية، خصوصا أن همها يبدو محصورا في خلق واقع جديد على الأرض في الضفّة عبر سياسة الاستيطان.

هل يكفي الدعم الإيراني لعلي عبدالله صالح والحوثيين كي يصبح في الإمكان الكلام عن خيار غزّة لدى طرفي هذا الحلف اليمني القديم ـ الجديد؟

تكمن مشكلة هذا الحلف مع خيار غزّة في أنّه قد لا يكون خيارا قابلا للحياة في اليمن، خصوصا في ظلّ الحصار البحري والجوي والبرّي المضروب على صنعاء ومناطق أخرى يسيطر هذا الحلف عليها. وكما يقول رجل يعرف جيدا الوضع اليمني “بعد تحرير الجنوب كاملا وتحرير مأرب والجوف، أصبح طموح الحوثي إلى حكم اليمن كلّه أقرب إلى أن يكون وهما. إنهم (الحوثيون) يقاتلون في تعز والبيضاء ويحتفظون بالحديدة. هذا إرث سياسي أمامي (نسبة إلى العهد الأمامي)، عندما كان مصدر الدخل لدى الدولة من هذه المناطق. جعلهم غباؤهم يتمسكون بهذا الإرث ويتركون مصدر الثروة في أيامنا هذه، وهو البترول والغاز والمصافي والموانئ وراحوا يبحثون عن الزكاة والجباية من رعية الإمام في إب وتعز”.

لا مشروع سياسيا أو اقتصاديا قابلا للحياة لدى علي عبدالله صالح والحوثيين في الوقت الراهن، خصوصا بعد انتقال الصراع السياسي والعسكري إلى داخل صنعاء ابتداء من العام 2011، وبعد سيطرة الحوثيين سيطرة كاملة على العاصمة في الحادي والعشرين من أيلول ـ سبتمبر 2014. لذلك حصل تراجع على كلّ المستويات لدى هذا الحلف غير الطبيعي بين طرفين الأوّل أيديولوجي والآخر براغماتي. حصل التراجع بمجرّد بدء “عاصفة الحزم”. هل يستطيع هذا الحلف الخروج من المأزق الذي أدخل فيه اليمن، كما أدخل نفسه فيه؟

المؤسف أن لا شيء يمكن أن يحصل في ظلّ موازين القوى القائمة. لا يمكن للحوثي إخراج سلاحه من صنعاء أو من أي مكان آخر. من دون هذا السلاح، لا يساوي الحوثي شيئا، على الرغم من ضرورة الاعتراف بأنه ظلم تاريخيا. يريد أن يكون شريكا فعليا في السلطة. هذا من حق الحوثي. ما ليس من حقه أنّه يريد تحقيق هذه المشاركة بفضل سلاحه وميليشياته المذهبية وبالتحالف مع إيران. وهو تحالف أكدته الزيارة التي قام بها وفد من “أنصارالله” أخيرا لبغداد، حيث استقبله وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وعدد من قادة الميليشيات الشيعية التابعة مباشرة لإيران.

قطع الوفد زيارته لبغداد وعاد إلى مسقط التي انطلق منها. لم يذهب لا إلى بيروت ولا إلى طهران، كما كان متوقّعا. لكنّ ما حصل قد حصل. ظهر جليّا أن كلّ ما يقال عن أن تأثير إيران على الحوثي تأثير هامشي ليس صحيحا بأيّ شكل. المعركة في اليمن مع إيران أولا وأخيرا، وهي معركة طويلة وقاسية.

لا تنقص هذه المعركة الإرادة العربية التي تعبّر عنها “عاصفة الحزم”، بمقدار ما ينقصها الطرف الذي يستطيع كسر الحلقة المقفلة التي يدور فيها البلد. اسم الحلقة هذه ميزان القوى القائم الذي لم تتمكن “الشرعية” من الانتهاء منه على الرغم من كلّ ما توفر لها من مساعدات على كلّ صعيد وفي كلّ مجال.

في غياب الفريق اليمني “الشرعي” القادر على تغيير ميزان القوى جذريا، ليس مشروع التقسيم الذي يستعيد تجربة غزة انطلاقا من صنعاء هو الذي سيفشل فحسب، بل سيفشل أيضا كلّ مشروع لإقامة سلطة مركزية قوية أو دولة اتحادية ذات أقاليم ستة أو أكثر أو أقل أيضا.

لا وجود لأي أمل في اليمن. ما ينتظر اليمن في ظلّ الظروف الراهنة هو التفتيت والمزيد من التفتيت على الرغم من كلّ الجهود العربية المبذولة للقضاء على تنظيم “القاعدة” الإرهابي وإخوته وإخوانه، خصوصا في المناطق الوسطى والجنوبية. هذه الجهود لمواجهة إرهاب “القاعدة” ذات طابع إيجابي من دون أدنى شك… لكن كيف يمكن توظيفها في تحسين الوضع على صعيد البلد كلّه؟ ذلك هو السؤال الكبير، بل السؤال الأهم في هذه الأيام المتشحة بالسواد أكثر من أيّ شيء آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا انعدام الأمل في اليمن لماذا انعدام الأمل في اليمن



GMT 12:40 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

GMT 09:46 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معركة تحرير العراق

GMT 16:21 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة الجنوب الشيعية وطرابلس السنّية

GMT 12:19 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشراكة المغربية

GMT 13:09 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen