آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

اليمن… بعيدا عن عقدة الوحدة والانفصال

اليمن اليوم-

اليمن… بعيدا عن عقدة الوحدة والانفصال

بقلم/خيرالله خيرالله

هناك حاجة إلى صيغة جديدة لليمن في غياب القدرة على العودة صيغة الدولتين المستقلتين أو الدولة المركزية. لا يمكن بدء العمل على بلورة هذه الصيغة من دون 'شرعية' جديدة.

صارت حرب اليمن منسية. لم يعد من كلام سوى عن مآسي اليمن واليمنيين وانتشار وباء الكوليرا الذي يهدد حياة الآلاف منهم في ظل حال من اللامبالاة لدى المجتمع الدولي ولدى من يدّعون أنهم في موقع المسؤولية في اليمن.

ليس الجمود جمودا سياسيا فحسب، بل هو عسكري أيضا. يظل كل كلام كبير عن تغيير في خطوط وقف النار القائمة منذ أشهر عدة، أي بعد تحرير ميناء المخا المشرف على باب المندب من الحوثيين وحلفائهم، من باب التمنيات. هناك استثناء وحيد يتمثل في تقدّم حصل قبل أيّام على جبهة صرواح في محافظة مأرب. لكن الحسم العسكري لا يزال بعيدا، بل بعيدا جدا.

كان مفترضا، بعد تحرير ميناء المخا الذي يتحكّم بمضيق باب المندب الاستراتيجي، أن تكون هناك خطة واضحة المعالم تشمل متابعة التحرك العسكري لقوات “الشرعية” بدعم من التحالف العربي في اتجاه الحديدة. لم يحدث شيء من ذلك. كذلك، ليس مفهوما لماذا تأجّل إعادة فتح مطار صنعاء، وإن وفق شروط معيّنة. هذا يرسم علامات استفهام عدة تدعو إلى التساؤل عن الأسباب التي تحول دون تطويق الحوثيين وحلفائهم وسدّ ميناء الحديدة عليهم، علما أن الميناء محاصر من البحر. لكن ذلك الحصار يظل جزئيا ولا يمنع الحوثيين من الاستفادة من مداخيل مالية، هم في أشدّ الحاجة إليها، يؤمنها لهم الميناء الاستراتيجي.

المخيف أن الوضع اليمني يمكن أن يبقى على حاله سنوات. هذا يعني بكل بساطة أن هناك مأساة ضحيتها شعب كامل مرشّحة لأن تستمر إلى ما لا نهاية. هناك في الوقت الحاضر انسداد على الصعيديْن العسكري والسياسي. كلّ ما عدا ذلك بحث عن أعذار لتبرير بقاء الوضع على حاله من جهة وخلق آمال في غير مكانها عن إمكان دخول صنعاء من جهة أخرى.

لا شكّ أن “عاصفة الحزم” أدّت، إلى الآن، جزءا أساسيا من الهدف المطلوب. قضت على المشروع الإيراني الذي استند على الحوثيين (أنصار الله) الذين كان طموحهم السيطرة على كلّ اليمن وتحويل البلد إلى قاعدة ومنطلق لتهديد الأمن الخليجي، خصوصا الأمن السعودي. لم يتشكل التحالف العربي بقيادة السعودية من عبث. كانت هناك أسباب تدعو إلى التدخّل في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء وإعلانهم قيام نظام جديد يستند إلى “الشرعية الثورية”.


حدث ذلك في الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014، أي قبل نحو ثلاث سنوات تقريبا. لم يكتف “أنصار الله” بالسيطرة على صنعاء في ظل تخاذل “الشرعية” التي لا يزال على رأسها، منذ شباط – فبراير 2012،أي منذ ما يزيد على خمس سنوات، “رئيس انتقالي” اسمه عبدربّه منصور هادي. من الضروري التذكير بأنّ الحوثيين انطلقوا في اتجاه الجنوب وسيطروا في مرحلة معيّنة على عدن التي أخرجتهم منها قوات التحالف العربي أواخر العام 2015، مثلما أخرجت “القاعدة” من المكلا في مرحلة لاحقة، قبل أن تستكمل السيطرة على المخا في أوائل هذه السنة.

لا يمكن بأي شكل الاستخفاف بما حققته “عاصفة الحزم” التي عكست في حينه إرادة عربية تقوم على التصرّف بشكل مستقلّ عن الإدارة الأميركية. كان على قسم من العرب في آذار – مارس 2015 التحرّك على وجه السرعة كون إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم تدرك معنى وجود “انصار الله” في صنعاء وانطلاقهم في اتجاه الجنوب اليمني بعد الالتفاف على تعز، حيث الكثافة السكانية في المناطق الوسطى لليمن. استفاد “أنصار الله” إلى حدّ كبير من الحلف الجديد الذي أقاموه مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح كي يصبح لهم وجود في تعز التي تحولت إلى مدينة شبه منكوبة.

لا فائدة من نقاش محوره الانسداد العسكري والسياسي في اليمن. لا بدّ من الخروج من الحلقة المغلقة. ذلك ليس ممكنا من دون اعتماد الواقعية والبناء على ما تحقّق حتّى الآن، بعيدا عن وهم العودة إلى الدولتين المستقلتين في اليمن، أي الانفصال، أو إلى إمكان حكم اليمن الموحّد من صنعاء كما كانت عليه الحال في مرحلة ما بعد الوحدة في العام 1990.

هناك حاجة إلى صيغة جديدة لليمن في غياب القدرة على العودة إلى صيغة الدولتين المستقلتين أو الدولة المركزية. لا يمكن بدء العمل على بلورة هذه الصيغة من دون “شرعية” جديدة على رأسها شخص أو أشخاص لديهم وجود على الأرض اليمنية. ليس هناك من يستطيع الوقوف في وجه رغبة أبناء المحافظات الجنوبية في البحث عن كيفية الاستثمار في وجود رغبة عربية وخليجية في مساعدتهم. هذا يفرض على هؤلاء مسؤوليات كبيرة في طليعتها أخذ زمام المبادرة بعيدا عن أشخاص مثل عبدربّه منصور هادي لا يمتلكون شرعية في مسقط رأسهم، ولا أيّ مشروع سياسي من أيّ نوع باستثناء أنّهم يمثلون “الشرعية”.

يحتاج كلّ من يدّعي تمثيل الشرعية إلى اعتراف شعبي به أوّلا. هذا من جهة. أمّا من جهة اليمن ككل، فاليمن كبلد يستحق أهله العيش آمنين في ظلّ حكم يهتم بالمواطن وليس بالحافظة على المنصب، أيّا يكن ثمن ذلك.

لا مفرّ من الخروج من عقدة الوحدة والانفصال ومن عقدة العودة إلى صنعاء والتحكّم منها باليمن. ثمّة واقع يمني جديد لا يمكن الهرب منه. الصيغة التي استند إليها علي عبدالله صالح لحكم اليمن الشمالي بين 1978 و1990 ثمّ اليمن كله بين 1990 و2011 شبعت موتا.

انتهت هذه الصيغة في اليوم الذي انقلب عليه الإخوان المسلمون ودارت المعارك من حيّ إلى حيّ داخل صنعاء، بما في ذلك في حيّ الحصبة حيث قصر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، شيخ مشائخ قبيلة حاشد، الذي شكّل صمام أمان للبلد قبل وفاته في آخر عام 2007.

انتهت تلك الصيغة وصارت هناك حاجة إلى بديل منها. في انتظار العثور على هذه الصيغة، لا يمكن إلا محاولة إيجاد حياة طبيعية، إلى حدّ ما، في المناطق التي تحرّرت من “أنصار الله”، خصوصا في عدن. هذه بداية وليست نهاية، لكن هذه البداية تحتاج أوّل ما تحتاج إلى رجال جدد يمتلكون حدّا أدنى من الاعتراف الشعبي بهم، أقلّه في المناطق التي خرج منها الحوثيون. هؤلاء، أي الحوثيون، يبقون، مهما قيل ويقال فيهم، جزءا من المكوّن اليمني. صحيح أن ليس لديهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري باستثناء الشعارات المستوردة من إيران، إلا أن الصحيح أيضا أن ليس في الإمكان إلغاءهم. لا أحد يلغي أحدا في اليمن.

رحمة باليمن واليمنيين، لتكن هناك نقطة انطلاق تؤدي إلى قيام مناطق يمنية، وإن محدودة المساحة، يمكن العيش فيها بأمان ولو نسبيا في انتظار اليوم الذي يظهر فيه رجال يتجاوزن عقد الماضي، بما في ذلك عقدة لبس البذلة التي كان يرتديها علي عبدالله صالح.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن… بعيدا عن عقدة الوحدة والانفصال اليمن… بعيدا عن عقدة الوحدة والانفصال



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen