آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الخيار الوحيد أمام "حماس"

اليمن اليوم-

الخيار الوحيد أمام حماس

بقلم : خير الله خير الله

لم يعد من مخرج لدى "حماس" سوى التفكير في كيفية مد الجسور مع مصر التي ليست مستعدة لأن تنسى بسهولة الدور الذي لعبته الحركة في مجال التدخل في شؤونها الداخلية وتوفير مأوى للإرهابيين في سيناء.

لا وجود لقيادة فلسطينية تستطيع إعادة اللحمة بين الضفّة وغزّةحسنا، ألقت “حماس” ما يزيد على ألف فلسطيني في النار الإسرائيلية. قُتل هؤلاء الفلسطينيون في يوم واحد في سياق خطأ في الحسابات ينطلق من الاعتقاد المبني على أن التضحية بعشرات الفلسطينيين وجرح المئات سيؤدي إلى زلزال في المنطقة. 

أكثر من ذلك سيؤدي هذا الزلزال، من وجهة نظر “حماس”، إلى فكّ الحصار عن قطاع غزة، وهو حصار طال ما يزيد على عشر سنوات.

مرّة أخرى أثبتت إسرائيل أنها تمارس إرهاب الدولة من دون حسيب أو رقيب. استغلت اقتراب فلسطينيين من الحدود الدولية لقطاع غزة وسعيهم إلى تجاوزها لتثبيت “حق العودة” كي يقتل قنّاصون بدم بارد العشرات ويجرحون المئات. المؤسف أنّ العالم بقي متفرّجا على ما يجري.

 يبدو هذا العالم مستعدا للبقاء متفرّجا لسنوات طويلة أخرى.كانت حسابات “حماس” وأولئك الذين يقفون خلفها تميل إلى الاعتقاد أن تلك المجزرة، وهي بالفعل مجزرة، ستكون حدثا كبيرا يطغي على كل ما عداه في المنطقة. 

ما دفع إلى هذه الحسابات المضحكة – المبكية أن التحرك “الحمساوي” جاء في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تفتتح سفارتها الجديدة في القدس عشية ذكرى “النكبة”.مرّت سبعون سنة على “النكبة” وستمرّ سبعون أخرى ولن يطرأ جديد في غياب القدرة لدى الفلسطينيين على فهم الواقع القائم والتعاطي معه كما هو. لم تنفع “حماس”، الساعية إلى رفع الحصار عن غزّة، دماء الذين قتلوا مجانا.

 لم تنفعها الحماسة الإيرانية إلى اختلاق بؤر للتوتر في المنطقة كي تظهر طهران أنّها تمتلك أوراقا كثيرة، من بينها الورقة الفلسطينية. 

لم تستوعب “حماس” أن كلّ ما تريده إيران هذه الأيام هو إظهار قدرتها على التفجير هنا أو هناك أو هنالك كي تقول للإدارة الأميركية أن هناك ثمنا لانسحابها من الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني.لم تنفع “حماس” تلك الاندفاعة التركية من أجل التضامن مع الذين سقطوا في غزّة.

 لو كانت تركيا تستطيع عمل شيء لغزّة، لكانت نجحت في فكّ الحصار الذي يتعرّض له القطاع في العام 2010. أرسلت وقتذاك سفنا من أجل خرق الحصار. كانت النتيجة اعتداء إسرائيل على هذه السفن، وبينها واحدة تحمل اسم “مرمرة”. سقط قتلى أتراك كانوا على “مرمرة” التي ما لبثت أن عادت أدراجها. غضبت تركيا وما لبثت أن هدأت. قطعت العلاقات مع إسرائيل ثمّ أعادتها. لم يتغيّر شيء.

 لم يتزحزح الحصار على غزّة قيد أنملة. 

كل ما في الأمر أنّ رجب طيب أردوغان، أسير الأيديولوجية المتخلفة للإخوان المسلمين، يتصرف انطلاقا من حسابات شخصية وأخرى مرتبطة بوضعه الداخلي.ليست غزة سوى مكان يمارس فيه الرئيس التركي لعبة المزايدة التي حدت به إلى الدعوة إلى قمة إسلامية لم تقدّم ولم تؤخر، نظرا إلى أن لا مجال لاتخاذ أي إجراءات عملية من أجل فكّ الحصار عن غزّة حيث وضع لا يطاق.

أسوأ ما في الأمر أن “حماس” فعلت كلّ شيء من أجل أن يستمرّ الحصار الإسرائيلي على غزة. لم تكن مهتمة يوما بمصير الفلسطينيين أهل القطاع الذين يعانون الأمرين. 

كل ما كانت تريده هو تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني ونمط عيش الفلسطينيين. أقامت في غزة، بفضل سلاحها الذي لم يخدم يوما سوى إسرائيل، إمارة إسلامية على الطريقة الطالبانية.لو كان في "حماس" رجل واحد يمتلك صفات قيادية حقيقة، لكان على هذا الرجل الاعتذار من الشعب الفلسطينيفجأة اكتشفت “حماس” أن الوضع لم يعد يطاق في غزة.

 صار هذا الوضع لا يطاق عندما صارت سلطتها مهدّدة، وصارت مضطرة إلى البحث عن مخارج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه. ظنت أن المصالحة مع “فتح” ستؤمّن لها المخرج.

 فشلت هذه المصالحة فشلا ذريعا بعدما رفضت “حماس” التخلي عن سلاحها، وبدأت الآن تلوم رئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس (أبومازن) على عدم قدرته على إعادة لم الشمل الفلسطيني بسبب الضغوط الأميركية. لا تريد “حماس” الاعتراف بأن لا وجود لمثل هذه الضغوط الأميركية. 

ما الفارق لدى إدارة ترامب إذا تصالحت “حماس” و“فتح” أو لم يتصالحا. فضلا عن ذلك، إن مرحلة “أبومازن” انتهت بعدما تبين أن القيادة الفلسطينية انتهت إلى هيكل عظمي ولم يعد فيها من يفكّر إلى أبعد من يومه. لم يجد “أبومازن” ما يردّ به على الصلف الأميركي، خصوصا في ضوء قرار نقل السفارة إلى القدس، سوى زيارة دولة مفلسة سياسيا واقتصاديا اسمها فنزويلا.

 هل من سياسة فاشلة تتسم بقصر النظر أكثر من هذه السياسة؟لا وجود لقيادة فلسطينية تستطيع إعادة اللحمة بين الضفّة وغزّة. 

لم يعد من مخرج لدى “حماس” سوى التفكير في كيفية مدّ الجسور مع مصر التي ليست مستعدة لأن تنسى بسهولة الدور الذي لعبته الحركة في مجال التدخل في شؤونها الداخلية من جهة، وتوفير مأوى للإرهابيين وكل المتطرفين الذين يتحركون في سيناء من جهة أخرى.لو كان في “حماس” رجل واحد يمتلك صفات قيادية حقيقة، لكان على هذا الرجل الاعتذار من الشعب الفلسطيني والاعتراف بأن كل المشروع “الحمساوي” انتهى إلى غير رجعة. كل ما في الأمر أن “حماس” أضاعت كل الفرص التي توافرت من أجل تحويل قطاع غزة إلى نواة لدولة فلسطينية يمكن أن تشكل نموذجا ناجحا لما يمكن أن تكون عليه دولة فلسطينية مستقلة “قابلة للحياة” تضمّ الضفّة والقطاع.انسحبت إسرائيل من قطاع غزة بالكامل في آب – أغسطس من العام 2005. 

بدل أن تساعد “حماس” في بناء مؤسسات لدولة، نشرت فوضى السلاح والقطاع وبدأت تتحدث عن “تحرير فلسطين”. لم تكتف بانقلاب منتصف حزيران – يونيو 2007 الذي انتهى بسيطرتها الكاملة على غزة، بل خاضت حروبا عدّة مع إسرائيل متجاهلة موازين القوى معها. هناك عائلات بكاملها أُبيدت وهناك بيوت مهدمة لا يزال أهلها يعيشون في العراء منذ سنوات طويلة بفضل بطولات “حماس” ومقاتليها الأشاوس.لم يعد أمام “حماس” سوى الاعتذار والانسحاب من الساحة السياسية. كلّ ما عدا ذلك يخدم إسرائيل التي أرادت من الانسحاب الكامل من غزة في 2005 إظهار أن الفلسطينيين لا يستأهلون دولة، وأن لا شريك فلسطينيا يمكن التفاوض معه. نعم، حققت “حماس” لإسرائيل أكثر مما كانت تطمح إليه بكثير.باعت “حماس” الفلسطينيين كلّ أنواع الأوهام.

 كثيرون اشتروا من بضاعتها وصوتوا لمصلحة مرشحيها في انتخابات العام 2006.آن أوان إدراك أن هناك مشروعا انتهى وأن أي كلام عن هدنة لعشر سنوات أو مئة سنة لم يعد بضاعة قابلة للتسويق. وحده الخيار المصري يمكن أن يؤدي إلى رفع الحصار وإلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سفينة تغرق اسمها قطاع غزة حيث مليون و800 ألف بني آدم يعيشون في 360 كيلومترا مربّعا.

المصدر : جريدة العرب

 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الوحيد أمام حماس الخيار الوحيد أمام حماس



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen