آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الوجه الآخر للحرب اليمنية

اليمن اليوم-

الوجه الآخر للحرب اليمنية

بقلم/خيرالله خيرالله

لم تكن هناك من حرب على اليمن. كان هناك تحرير للمحافظات الجنوبية من 'أنصار الله' وإصرار على متابعة الوجه الآخر للحرب، أي الحرب على الفقر والتخلف والأمراض. من يحارب الفقر إنما يحارب الإرهاب بكل أشكاله.

هناك وجه آخر للحرب الدائرة في اليمن. لا علاقة لهذا الوجه الآخر، بالوجه البشع لتلك الحرب، أي بالمعارك الدائرة على الأرض. تستهدف الحرب بوجهها الآخر إلى التوصل، في نهاية المطاف، إلى تسوية سياسية قابلة للحياة وليس إلى متابعة المجازر التي كان آخرها ما تعرّض له مصلون في مسجد تابع لمعسكر في محافظة مأرب.

كان الهدف الخليجي لدى الإعلان عن بدء “عاصفة الحزم” أن لا يكون هذا البلد ذو الأهمّية الإستراتيجية شوكة في خصر المملكة العربية السعودية والدول العربية في الخليج.

يتمثّل هذا الوجه الآخر للحرب اليمنية في متابعة دولة الإمارات العربية المتحدة المهمّة الإنسانية التي بدأتها في اليمن في العام 1982 عندما تبرّعت بمبلغ من المال من أجل مساعدة منكوبي الفيضانات التي اجتاحت منطقة مأرب. توجت تلك المهمّة الإنسانية وقتذاك بتبرّع الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، من ماله الخاص من أجل إعادة بناء سد مأرب. كان التبرّع في العام 1984. جاء افتتاح السدّ في الشهر الأخير من العام 1986 بحضور الشيخ زايد. أمّن السدّ الجديد، الذي أقيم في مكان ملائم قريب من الموقع القديم للسدّ، ريّ ستة عشر ألف هكتار من الأراضي الزراعية بعد بناء بحيرة مساحتها 30 كيلومترا مربّعا.

لم تحد الإمارات، إلى اليوم، عن الهدف الذي وضعه أصلا الشيخ زايد. هناك عسكريون إماراتيون دفعوا ضريبة الدم من أجل اليمن ومن أجل مأرب. لم تكتف الإمارات في العام 2015 بإعادة مأرب إلى الشرعية ورفع علمي اليمن وعلمها على السدّ، كما وعد الشيخ محمّد بن زايد، بل أتبعت ذلك بالدفع في اتجاه كلّ ما يمكن أن يعيد الأمل إلى اليمنيين.

لم تكن “عاصفـة الحزم” التي انطلقـت قبل عامين، بقيادة المملكـة العربيـة السعودية، سوى خطوة غير معتادة لقطع الطريق على التمدد الإيراني الذي بلغ اليمن. لا وجود لحرب على اليمن. هناك حرب من أجل اليمن، ومن أجل أن لا يكون أرضا معادية لأهل الخليج ومنطلقا لتحويل جزء من شبه الجزيرة العربية إلى موطئ قدم لإيران.

استهدف التمدّد الإيراني أصلا تحويل هذا البلد، الذي اسمه اليمن، إلى مجرّد قاعدة تستخدم في إطار مخطط واضح كلّ الوضوح. كانت “عاصفة الحزم” ولا تزال عملية ذات طابع دفاعي فرضتها وقائع معيّنة. بدأت هذه الوقائع تتبلور في اليوم الذي سيطر فيه الحوثيون (أنصار الله) على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014.


من لديه أدنى شكّ في النيّات الإيرانية في مرحلة ما بعد الاجتياح الحوثي لصنعاء بسبب أخطاء ارتكبها وقتذاك الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي، يستطيع العودة إلى ما جرى في تلك المرحلة. لم يتوقف “أنصار الله” في صنعاء، خصوصا بعدما أقاموا حلفا مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي كان حذّر عبدربّه من مغبّة ترك الحوثيين يسيطرون على محافظة عمران والقضاء على اللواء 310 الذي كان بقيادة العميد حميد القشيبي. كان هذا اللواء، الذي يعتبر من أهمّ ألوية الجيش اليمني يحمي البوابة الشمالية لصنعاء. كان علي عبدالله صالح، على الرغم من تحسّسه تجاه كلّ ما له علاقة بالإخوان المسلمين والعميد القشيبي المرتبط بخصمه اللواء علي محسن صالح (نائب رئيس الجمهورية حاليا) يعرف معنى عدم التصدي للحوثيين في عمران.

حصل ما حصل في اليمن ووصل “أنصار الله” إلى صنعاء بعدما قضوا على اللواء 310 واستولوا على أسلحته وقتلوا القشيبي. تابعوا مسيرتهم، وهي مسيرة إيرانية، في اتجاه تعز، حيث لهم وجود بفضل علي عبدالله صالح. كان علي عبدالله صالح قائد لواء تعز، قبل أن يصبح رئيسا في العام 1978. التفّوا على تعز وسيطروا على عدن. ذهب “أنصار الله” إلى أبعد من ذلك. كان هناك إصرار على الاستيلاء على ميناء المخا الاستراتيجي الذي يتحكّم بباب المندب الذي هو في نهاية المطاف المدخل إلى قناة السويس.

لم يكن مسمـوحا أن يضع الحوثيون يدهم على اليمن. حرّرت “عاصفة الحزم” مأرب وحرّرت عدن والمكلا (عاصمة حضرموت) وواجهت في الوقت ذاته “القاعدة” في أبين وشبوه. لم تكن هناك من حرب على اليمن. كان هناك تحرير للمحافظات الجنوبية من “أنصار الله” وإصرار على متابعة الوجه الآخر للحرب، أي الحرب على الفقر والتخلّف والأمراض. من يحارب الفقر، إنّما يحارب الإرهاب بكل أشكاله. إنها الحرب التي باشرها الشيخ زايد عندما أعاد بناء سدّ مأرب من أجل تمكين اليمنيين من التمسّك بأرضهم والبقاء فيها.

في سياق الحرب وطرد “أنصار الله” من مناطق ساحلية في غاية الأهمّية ومن المحافظات الجنوبية، تابعت دولة الإمارات الاستثمار في كلّ ما من شأنه مساعدة اليمنيين على تجاوز المأساة التي يعيشونها. فعلت ذلك بغض النظر عن الحسابات السياسية والمصالح الضيقة للحوثيين وعلي عبدالله صالح وتطلعات الرئيس الانتقالي الذي لا يعتقد أن شيئا ما تغيّر في اليمن. لا يزال عبدربّه منصور أسير عقدة سلفه، رافضا الاعتراف بأنّه لا يستطيع العودة إلى صنعـاء وأن عـدن لا ترحّب به. تصرّف بطريقة غيـر لائقـة عندما حاول السيطرة على مطار عـدن غير مبال بأن هذا المطار ليس مجرّد بـاب رزق لأنصـاره، بمقـدار ما إنّه جـزء من منظومة أمنية تتجاوز حدود اليمن.

بلغة الأرقام، بنت الإمارات مدارس وحاولت إصلاح التعليم في كلّ المناطق التي استعيدت من “أنصار الله”. دعمت كلّ المنظمات الدولية التي تساعد اليمنيين على التقاط أنفاسهم. دعمت الأمم المتحدة نفسها كي تتمكن من القيام بدورها في اليمن. لا توجد منظمة تابعة للأمم المتحدة إلّا وحصلت على مساعدات إماراتية، بما في ذلك “يونيسيف” و”منظمة الصحة العالمية”. من يريد أرقاما محدّدة وواضحة، هناك ما يثبت له انّه جرى إعادة إعمار وترميم 154 مدرسة في محافظتي عدن ولحج. كانت هناك صيانة لأكثر من 230 مدرسة في مختلف المحافظات.

شملت المساعدات الإماراتية المجال الصحّي والأمني. لم تترك مجالا تستطيع فيه مساعدة اليمن إلا ووظفت فيه ما تستطيع توظيفه. فعلت كلّ ذلك من أجل الوصول إلى مرحلة يتمكن فيها اليمنيون من أن يكونوا أسياد نفسهم، بعيدا عن التدخلات الخارجية في بلد يموت فيه طفل كلّ عشر دقائق!

هل الاستثمار في الوجه الآخر للحرب اليمنية استثمار في محلّه؟ الجواب بكلّ بساطة نعم وألف نعم. اليمن بلد يستحقّ الحياة، واليمنيون ليسوا سوى شعب يبحث عن مستقبل أفضل. الاستثمار ذو الطابع الإنساني والإنمائي في اليمن سيساعد اليمنيين في الوصول مستقبلا إلى صيغة جديدة لبلدهم تسمح لهم بالخروج من أسرّ أنانية السياسيين الذين لا هدف لهم سوى حماية مصالحهم التي لا علاقة لها بطموحات المواطن العادي من قريب أو من بعيد.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الآخر للحرب اليمنية الوجه الآخر للحرب اليمنية



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen