آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله

اليمن اليوم-

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله

بقلم/خيرالله خيرالله

انتصار الجيش في جرود رأس بعلبك أكد أن المؤسسة العسكرية اللبنانية ليست في حاجة إلى دعم من ميليشيا مذهبية تشارك في الحرب على الشعب السوري وتستعين بـ'داعش' لتخويف اللبنانيين وبث الرعب في صفوف المسيحيين منهم.

ثمة حلقات مفقودة عدّة في الخطاب الأخير للأمين العام لـ“حزب الله” السيد حسن نصرالله في مدينة بعلبك اللبنانية، المدينة التي كان يمكن أن تكون أكثر مدينة مزدهرة في لبنان. كان ذلك ممكنا لولا ممارسات الحزب الذي جعل من بعلبك مأساة لبنانية بكلّ ما في كلمة مأساة من معنى.

قبل أن يختار بعلبك للإعلان منها عن “التحرير الثاني”، لماذا لا يسأل الأمين العام لـ“حزب الله” نفسه لماذا تعاني هذه المدينة من الحال المزرية التي تعاني منها؟ ولماذا كل هذا الظلم اللاحق بأهلها؟ ولماذا هناك مناطق وأحياء فيها وفي محيطها خارج سلطة الدولة؟ من المسؤول عن عدم المساواة بين اللبنانيين؟ أليس سلاح “حزب الله” غير الشرعي المسؤول الأول والأخير عن ذلك؟ أليس هذا السلاح الذي يمنع التنمية ويعزّز الاقتصاد الريعي الذي يشكّل الخطر الأكبر على لبنان ومستقبله ودوره في المنطقة؟

هناك حلقة مفقودة أخرى تضاف إلى حلقة انتشار البؤس والفوضى في مناطق سيطرة “حزب الله”. في أساس هذه الحلقة، أنّ لا وجود لـ“تحرير ثان” يسعى “حزب الله” إلى إقناع اللبنانيين به بعد الصفقة التي عقدها مع “داعش” في جرود عرسال. ليقل لهم حسن نصرالله قبل ذلك ما الذي حصل بعد “التحرير الأوّل” كي يقتنع اللبنانيون بـ“التحرير الثاني”. كيف وظّف التحرير الأول، أي تحرير الجنوب، بغض النظر عن الظروف التي أحاطت به، في إبقاء لبنان “ساحة” للتجاذبات الإقليمية، بدل أن يكون بداية لمرحلة جديدة ينطلق فيها البلد في اتجاه تطوير نفسه واستعادة أبنائه الذين هاجروا إلى أقاصي الأرض.

لم يكن “التحرير” في السنة 2000 سوى مقدّمة لمزيد من المتاجرة بالبلد من أجل إنهاكه وصولا إلى حرب صيف العام 2006 التي يعتبرها “حزب الله” انتصارا، علما أنها هزيمة بكل معنى الكلمة في ضوء ما لحق بالبلد من خسائر من جهة، وتعطيل للاقتصاد من جهة أخرى. لم تكن تلك الحرب سوى محاولة لتغطية جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وخطوة أخرى من أجل تحقيق انتصار على لبنان بتواطؤ إسرائيلي واضح.

لو كان لبنان انتصر فعلا في العام 2000، لما كانت قضية مزارع شبعا بقيت عالقة من أجل أن يظل البلد مرتبطا بنزاع يمكن حله بسهولة فائقة. لو كان مطلوبا التوصل إلى حلّ لقضية مزارع شبعا، لكان النظام السوري بعث في حينه برسالة إلى مجلس الأمن يؤكد فيها أن المزارع أرض لبنانية وليست سورية. احتلّت إسرائيل المزارع، وهي لبنانية أصلا استولى عليها السوريون في خمسينات القرن الماضي، في العام 1967. ينطبق عليها القرار 242 الذي يخصّ سوريا وليس القرار 425 المتعلّق بلبنان.


لم يفعل النظام السوري شيئا إلا تأكيد أن مزارع شبعا أرض سورية وليست لبنانية، وأنّ مصير هذه الأرض مرتبط بمصير مرتفعات الجولان. هذه وجهة نظر النظام الذي يراهن عليه “حزب الله”، وهو نظام باع الجولان باكرا ولم يفعل في أي يوم شيئا من أجل استعادته. من يريد استرجاع مزارع شبعا يتوجّه إلى النظام السوري أولا، بدل تجاوز الواقع والحقائق والدخول في مزايدات لا هدف لها سوى إبقاء جنوب لبنان سلعة في لعبة إقليمية من مصلحة لبنان النأي بنفسه عنها.

من يريد بالفعـل استعـادة مـزارع شبعا، لا يعمل على توريط لبنان في مشاكل ونزاعات هـو في غنى عنها. من يريد استعادة مزارع شبعا لا يلجأ إلى إقناع اللبنانيين بأفضال النظام السوري عليهم. إنها أفضال بدأت بإغراق لبنان بالسلاح وتزويد كل من أراد تأسيس ميليشيا به. سلح الفلسطينيين وأرسلهم إلى لبنان، ثم سلح الميليشيـات المسيحية كي تدخل في قتال مع الفلسطينيين. سلح كل أنواع الميليشيات المسيحية والإسلامية من أجل القضاء على لبنان والظهور في مظهر الإطفائي الذي يخمد الحرائق لدى الجار القريب.

لم يتردد النظام السوري، الذي أدخل “الحرس الثوري” الإيراني إلى لبنان في العام 1982، في قتل خيرة اللبنانيين، على رأسهم كمال جنبلاط. قتل في المخيمات الفلسطينية الموجودة في لبنان، مباشرة أو عبر أدواته، أكثر بكثير مما قتلت إسرائيل.

يمكن إضافة عدد لا بأس به من الحلقات المفقودة الأخرى إلى خطاب الأمين العام لـ“حزب الله”. أبرز هذه الحلقات اثنتان. الأولى دعوته إلى تطبيع مع النظام السوري. هل هذا نظام طبيعي مقبول من شعبه كي تكون هناك علاقات عادية معه؟ ما الذي قدّمه النظام السوري للبنان واللبنانيين غير القتل والتدمير؟ ما الذي قدمه للسوريين أصلا غير القمع والتشريد والبراميل المتفجرة والسلاح الكيميائي؟ نسي حسن نصرالله أن النظام السوري صار جزءا من الماضي.

لا مكان لبشّار الأسد، في سوريا المستقبل، هذا إذا بقي شيء من سوريا التي عرفناها والتي صارت تحت خمس وصايات على الأقل. لن ينقذ “داعش” النظام السوري. العالم الجدّي، بما في ذلك فرنسا، يعرف تماما أن النظام السوري شريك في الإرهاب وليس في الحرب على الإرهاب. يريد “حزب الله” من اللبنانيين الرهان على نظام انتهى وربط مستقبل بلدهم بهذا النظام الذي عانى منذ اليوم الأول لقيامه من غياب أي شرعية لديه، ومن أنه جزء من مشروع فاشل اسمه حلف الأقليات ولا شيء آخر غير ذلك.

أما الحلقة الثانية التي يمكن إضافتها إلى الحلقات المفقودة الأخرى، فهي الإصرار لدى حسن نصرالله على المعادلة “الذهبية” التي اسمها “الجيش والشعب والمقاومة”. هذه معادلة في حكم المنتهية منذ سنوات عدّة، منذ العام 2005 تحديدا، عندما اغتيل رفيق الحريري، وعندما اكتشف اللبنانيون بأكثريتهم الساحقة ما وظيفة “المقاومة” المتعاونة مع النظام السوري.

جاء انتصار الجيش في جرود رأس بعلبك ليـؤكد أن المـؤسسة العسكرية اللبنانية ليست في حاجة إلى دعم من ميليشيا مذهبية تشارك في الحرب على الشعب السوري وتستعين بـ“داعش” لتخويف اللبنانيين وبث الرعب في صفوف المسيحيين منهم بشكل خاص. هناك نقطة تحوّل حصلت على الصعيد اللبناني في اليوم الذي أكد فيه الجيش أنه لا ينسق مع “حزب الله”، ولا مع القوات التابعة للنظام السوري.

إذا كان من خدمة يستطيع “حزب الله” تقديمها إلى اللبنانيين، يمكن أن يبدأ بعمل شيء في بعلبك. لماذا كل هذا البؤس في بعلبك؟ هل “المقاومة” تعني نشر البؤس والفوضى والفقر في مدينة ذات تاريخ عريق كان يمكن أن تساهم في تحسين أوضاع الاقتصاد اللبناني كلّه وليس أوضاع أهلها فقط؟

لو كان “حزب الله” صادقا مع نفسه ومع اللبنانيين، لكان حاول أولا استيعاب المشكلة التي اسمها بعلبك التي تعاني من إهمال الدولة بسببه وبسبب سلاحه قبل أيّ شيء… إلا إذا كان لدى الحزب مثل أعلى يهمه تسويقه هو النموذج الإيراني حيث ما يزيد على نصف السكّان تحت خط الفقر.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen