آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

إلغاء الاتفاق مع إيران.. من دون إلغائه

اليمن اليوم-

إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه

بقلم/خيرالله خيرالله

لن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقعته مجموعة الخمسة زائدا واحدا معها، صيف العام 2015، لكنها ستتصرف بما يؤكد أن هذا الاتفاق غير موجود.

إذا كان من تكهن لما سيخرج به الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس المقبل، خصوصا بعد وصفه الأيام الراهنة بأنّها شبيهة بـ“الهدوء الذي يسبق العاصفة”، فإن هذا الموقف سيكون، على الأرجح، أقرب إلى العقلانية من شيء آخر. لن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقعته مجموعة الخمسة زائدا واحدا معها، صيف العام 2015، لكنّها ستتصرف بما يؤكد أن هذا الاتفاق غير موجود.

وهذا يعني في طبيعة الحال، أنّ عقوبات جديدة ستفرض في المستقبل على إيران التي أرادت التصرف على طريقتها بعد الاتفاق وفي المرحلة التمهيدية له. تقول الطريقة الإيرانية بكل بساطة أن لا رابط بين الاتفاق النووي من جهة، والسلوك الإيراني خارج الحدود الإيرانية وبتطوير الصواريخ الباليستية من جهة أخرى.

يبقى ترامب رجل المفاجآت. حصوله على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة كان مفاجأة، خصوصا أنه جاء من خارج الحزب. المفاجأة الأكبر كانت في انتخابه رئيسا على الرغم من كل الفضائح التي ظهرت خلال حملته، وهي فضائح لا تزال تلاحقه إلى اليوم. بين هذه الفضائح ما هو مرتبط بالعلاقة بينه وبين القيادة الروسية التي دعمته في وجه هيلاري كلينتون.

ما يدعو إلى التكهّن بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق النووي، الرأي السائد في أوساط مجموعة الضباط التي تحيط بترامب. بين هؤلاء رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي ومستشاره لشؤون الأمن القومي هربرت مكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس. لهؤلاء رأي في الاتفاق النووي، لكنّهم ليسوا مع الخروج منه. يريدون إلغاء الاتفاق من دون إلغائه. هذا هو الإطار الذي يتحرّك ترامب في إطاره.

وهذا ما أعلنه وزير الدفاع مرارا. وهذا ما تعرفه إيران التي ستحرمها أميركا من فوائد كانت تعتقد أن الاتفاق سيأتي بها. على رأس هذه الفوائد إلغاء العقوبات المفروضة عليها من دون أن يعني ذلك أي تغيير في سلوكها. أرادت بكل بساطة الاستفادة من لذتين. لذة إلغاء العقوبات الأميركية والدولية ولذّة التغاضي عما تقوم به في المنطقة والعالم تحت ذريعة أن لا بدّ من حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي.

لا بدّ من العودة قليلا إلى الخلف للتأكّد من أن إيران كانت تستعد لمرحلة ستجد فيها نفسها مضطرة لمواجهة مع إدارة ترامب. فقبل تثبيت الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس في موقع وزير الدفاع في الإدارة الجديدة، سارعت إيران إلى تعيين سفير جديد لها في بغداد هو إيرج مسجدي، كبير مستشاري الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” الذي يقع العراق ضمن مسؤولياته.


دلّ تعيين مسجدي سفيرا جديدا لإيران في العراق على أن الكلمة الأولى والأخيرة في “الجمهورية الإسلامية” هي لـ“الحرس الثوري” الذي لا يمكن إلا أن يتصدى للتوجه المختلف، المحتمل، لإدارة ترامب، خصوصا لوزير الدفاع المعيّن الذي لم يجد صعوبة في تثبيته في موقعه على الرغم من عدم مضي سبع سنوات على تقاعده. استثنى الكونغرس الجنرال ماتيس، ذا الثقافة الواسعة والخبرة العميقة في شؤون العالم والشرق الأوسط، من قانون يمنع العسكريين من تولي مناصب سياسية قبل مضي سبع سنوات على تقاعدهم.

كان موقف الجنرال ماتيس أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، التي استمعت إليه تمهيدا للموافقة على تعيينه في موقعه الجديد، من النوع الذي لا لبس فيه. اعتبر أنّ على الولايات المتحدة المحافظة على نفوذها في العراق، حتّى بعد معركة تحرير الموصل من “داعش” وذلك لضمان عدم تحوّل العراق دولة تابعة لإيران. قال أيضا في شهادته الخطية إن “الحرب القاسية في سوريا” أثارت اضطرابات في الشرق الأوسط وتمثّل تهديدا للأمن القومي الأميركي.

ورد هذا الكلام في سياق تأكيده في الشهادة الخطية أن إيران تشكل “أكبر قوّة مثيرة للاضطرابات”، وأنّ على الولايات المتحدة التوصّل إلى إستراتيجية بعيدة المدى تضمن “منع إيران من تحقيق هدفها القاضي بفرض الهيمنة على المنطقة”، محذّرا من أن “النفوذ الإيراني المؤذي ينمو” في الشرق الأوسط والخليج. ترك ماتيس الجيش الأميركي في العام 2013 عندما أدرك أن إدارة باراك أوباما مستعدة للتخلي عن العراق لإيران.

ما يعرفه الجنرال ماتيس الذي كان يلقّب بـ“الكلب المسعور” خلال خدمته في الجيش أن عدم التصدي لما تقوم به إيران في العراق هو استسلام لها. هل كان ثمن حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي يقتضي بالاستسلام لها في العراق وفي سوريا أيضا؟

تحسبا لتغيير في السياسة الأميركية، وضع “الحرس الثوري” رجلا من عنده سفيرا في بغداد. هذا يعني أن إيران تنظر بجدية إلى ما يمكن أن تقوم به مستقبلا إدارة دونالد ترامب الذي تسلّم مهماته الرئاسية في العشرين من كانون الثاني- يناير الماضي.

قبل دخول ترامب البيت الأبيض، بدا أن إدارة أوباما مستعدة للتنسيق كليا مع إيران في العراق وحتّى في سوريا حيث تغاضت عن لجوء بشّار الأسد إلى السلاح الكيميائي مرّة تلو الأخرى، خصوصا صيف العام 2013. وفّرت هذه الإدارة في بعض الأحيان غطاء جوّيا لـ“الحشد الشعبي” الذي كان يقوده على الأرض مستشارون إيرانيون. لم تخرج أميركا عن هذا الخط في عهد ترامب. أدى ذلك إلى انتهاء معركة الموصل وهزيمة “داعش”. لم تسقط المدينة فحسب بل دمّرت كليا بحجة القضاء على “داعش”.

هل آن أوان التغيير الأميركي الحقيقي الذي معناه أن يحوّل وزير الدفاع كلامه إلى أفعال؟

كشف كلام ماتيس في الكونغرس مطلع السنة الجارية، أنّه صار في البنتاغون رجل يعرف تماما ما هي إيران وما هو مشروعها التوسّعي الذي أخذ أبعادا جديدة بعد سقوط العراق في العام 2003. لا يوجد في البنتاغون “كلب مسعور”، بل إننا أمام جنرال أميركي يعرف تماما الشرق الأوسط والخليج. فماتيس يعرف خصوصا ماذا يعني أن تكون الحرب على العراق في العام 2003 حربا أميركية- إيرانية في الدرجة الأولى. يعرف ماذا يعني أن يصبح العراق مستعمرة إيرانية، وأنّ ترضخ إدارة أوباما للأمر الواقع فتنسّق انسحابها العسكري والسياسي من العراق بشكل كامل مع إيران.

يعرف ماتيس ومعه الجنرالات الآخرون أن تجربة حرب العراق كانت كارثة على الولايات المتحدة وأن القوّة العظمى الوحيدة في العالم في غنى عن حرب جديدة. لكنّهم يعرفون أيضا أنّ لا مفرّ من التصدي لإيران ولمشروعها من دون الخروج من الاتفاق في شأن ملفّها النووي. هذا هو، على الأرجح، نمط التفكير الذي سيفرض نفسه على المقيم في البيت الأبيض.

المسألة مسألة أيّام قليلة يظهر بعدها إلى أيّ مدى ستذهب الولايات المتحدة في سياستها الإيرانية الجديدة. يحدث ذلك في ظل تغييرات داخلية في العراق حيث تململ واضح من إيران يعبّر عنه رئيس الوزراء حيدر العبادي بين حين وآخر، ومقتدى الصدر وعمّار الحكيم بشكل مستمرّ. أما في سوريا، التي شهدت تغييرات كثيرة على الأرض، لم يعد سرّا الوجود العسكري الأميركي القويّ في مناطق معيّنة، خصوصا في الجزيرة.

كيف ستقرر إيران الرد على ما سيعلنه ترامب قريبا؟ هل تلجأ إلى عمل استفزازي يشعل حربا في المنطقة عن طريق سوريا أو لبنان؟ الأهمّ من ذلك كلّه ما الموقف الروسي من كلّ ما يجري، خصوصا أنّ إضعاف إيران سيحرم موسكو من ورقة ساعدتها، إلى الآن، في القول إنها اللاعب الأول في سوريا والمنتصر الوحيد فيها، وأنّ من حقها التوصل إلى صفقة كبيرة مع أميركا تؤكد ولادة قوة كبيرة تعيد الحياة إلى عالم القوتيْن العظمييْن المهيمنتيْن على العالم.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه إلغاء الاتفاق مع إيران من دون إلغائه



GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين

GMT 14:57 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

أخبار عن مجموعة الدول السبع وروسيا وأفغانستان
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen