آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

اليمن اليوم-

إيران ووقاحة البقاء في سوريا

بقلم/خيرالله خيرالله

من الواضح، أن هناك تصميما إيرانيا يتسم بالوقاحة على البقاء في سوريا. عندما سئل ظريف متى ستخرجون من المنطقة العربية، خصوصا من الجنوب السوري أجاب 'لن نخرج أبدا'.

عندما يتحدّث وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في مؤتمر انعقد أخيرا في روما، يتبيّن أن إيران تعتبر نفسها القوّة العظمى الأخرى في العالم وأنها حلت مكان الاتحاد السوفياتي، السعيد الذكر. ما يتبيّن أيضا بالملموس هو أن لا وجود لجناح معتدل وآخر متطرّف في النظام الإيراني.

هناك بكل بساطة نمط واحد لتعاطي المسؤولين الإيرانيين مع بقية دول المنطقة. هذا النمط هو نمط الاستعلاء واعتبار كلّ دولة من دول المنطقة، خصوصا الدول العربية، مجالا حيويا لإيران. من حقّ إيران، من وجهة المسؤولين فيها، أن تمارس نفوذها حيثما تشاء وبالطريقة التي تشاء من دون حسيب أو رقيب.

يوجد داخل النظام الإيراني جناح واحد فقط يعمل بإمرة “المرشد” علي خامنئي الذي يؤمن بأنّ إيران دولة عظمى يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها. لو لم يكن الأمر كذلك لما كان وزير الخارجية الإيراني يستطيع أن يسمح لنفسه في المؤتمر المتوسطي الذي استضافته روما بتجاهل العملية السياسية المتعلقة بسوريا والتي كان مؤتمر جنيف بنسخته الثامنة فصلا من فصولها.

بالنسبة إلى ظريف، الذي أتى على ذكر مؤتمر أستانة ثلاث مرات في كلمته، لا وجود لجنيف الذي يستند البحث فيه إلى القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. هناك مؤتمر أستانة فقط، وهو مؤتمر يحصر الموضوع السوري بين روسيا وإيران وتركيا.

من الواضح، أنّ هناك تصميما إيرانيا يتّسم بالوقاحة على البقاء في سوريا. عندما سئل ظريف متى ستخرجون من المنطقة العربية، خصوصا من الجنوب السوري أجاب “لن نخرج أبدا” مستخدما كلمة never الإنكليزية. أكّد أيضا أن إيران “لا تأخذ أوامر من روسيا”، وأنها لن تخرج من العراق أو غيره. قال بالحرف الواحد “لن نغادر المنطقة. نحن من المنطقة”.

هل صحيح أن إيران من المنطقة وأنّها قادرة على التعايش مع أهل المنطقة… أم أنّها قوّة استعمارية لا أكثر؟

الجواب، بكل بساطة، أن إيران تتصرّف كقوّة استعمارية. ما تغيّر منذ “ثورة” الخميني في العام 1979 أن التصرّف الإيراني تطوّر نحو الأسوأ، وذلك مقارنة مع ما كان عليه أيّام الشاه. كان هناك حدّ أدنى من العقلانية في عهد الشاه الذي كان يعتبر نفسه “شرطي الخليج”.


احتل الجزر الإماراتية الثلاث (أبوموسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى) في العام 1971 بعدما أكّد الشعب البحريني في الاستفتاء الذي جرى بإشراف الأمم المتحدة تمسّكه بالاستقلال. بالنسبة إلى الشاه، كانت الجزر الثلاث تعويضا عن رفض البحرين أن تكون محافظة إيرانية. المؤسف أن شيئا لم يتغيّر منذ 1971. تتمسّك “الجمهورية الإسلامية” بسياسة الشاه، وما زالت تحتلّ الجزر الإماراتية الثلاث رافضة أيّ تفاوض في شأنها.

في مرحلة ما بعد “الثورة”، لم تعد هناك حدود للطموحات الإيرانية. قد يكون ذلك ناجما إلى حاجة النظام إلى متابعة عملية هروبه إلى الأمام في غياب القدرة على حلّ أي مشكلة داخلية يواجهها. كان الشعار الذي رفعته “الثورة الإسلامية” الاستغناء عن مداخيل النفط. مع مرور الأيّام، صارت إيران تعتمد على النفط أكثر فأكثر، وذلك بدل توظيف إمكاناتها من أجل رفاه شعبها وتحسين مستوى المعيشة والعمل على تطوير قطاعات اقتصادية أخرى.

ينمّ كلام وزير الخارجية الإيراني عن وقاحة ليس بعدها وقاحة واستخفاف بالعرب عموما والشعبين السوري والعراقي على وجه التحديد. استند ظريف لتبرير الوجود العسكري الإيراني في سوريا إلى “دعوة” من “حكومة شرعية”. منذ متى هناك حكومة شرعية في سوريا. هل يمتلك النظام السوري القائم على أجهزة أمنية مهمّتها قمع الشعب، شرعية من أيّ نوع؟

في سياق إلقاء ظريف لكلمته في روما، اعترض عدد من الحضور على استخدامه عبارة “الخليج الفارسي”. ردّ على المعترضين بأن طلب منهم “قراءة التاريخ”. لعل أفضل ردّ على تمسّك ظريف بالوجود العسكري الإيراني في سوريا دعوته إلى قراءة التاريخ أيضا. يقول التاريخ أن لا مكان لإيران في سوريا ولا في أيّ دولة عربية، بما في ذلك العراق ولبنان. استطاعت إيران تغيير طبيعة قسم لا بأس به من المجتمع الشيعي في لبنان. لكنهّا لن تستطيع تغيير طبيعة المجتمع اللبناني، حتّى لو بدر عن بعض المسيحيين ما يشير إلى جهلهم بإيران ومشروعها التوسّعي.

ليس هذا الكلام نابعا من شعور ذي طابع شوفيني، بمقدار ما أنه يستند إلى واقع يتمثّل في أن الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية لا يمكن أن يبني علاقة بين إيران وأيّ شعب عربي. كلّ ما هناك أنّ إيران لن تكون قادرة على تحقيق اختراق في العمق في أيّ بلد عربي ما دامت تتصرّف كقوّة استعمارية من منطلق أنّها مرجعية للميليشيات المذهبية التي أسستها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وحتّى في البحرين.

إذا كانت إيران تريد أن يكون لها بالفعل وجود في هذه الدولة العربية أو تلك، يفترض بها التخلي عن الذهنية التي تحكّمت بالنظام منذ العام 1979. هناك للمرّة الأولى إرادة عربية واضحة في التصدي للأطماع الإيرانية، خصوصا بين دول الخليج، على رأسها المملكة العربية السعودية.

صحيح أنّه لا يمكن تجاهل الحرب العراقية – الإيرانية بين 1980 و1988 واضطرار الخميني إلى “تجرّع كأس السمّ في نهايتها”، لكن الصحيح أيضا أن صدّام حسين أضاع كلّ ما كان يمكن تحقيقه من مكاسب في تلك المرحلة بعدما ارتكب جريمة احتلال الكويت من جهة، وبسبب عجزه عن فهم المعادلات العربية والإقليمية من جهة أخرى.

هناك حاليا وعي عربي شامل بخطورة المشروع التوسّعي الإيراني. هناك استيعاب لدى الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، لمعنى أن يتصرّف خامنئي مثل هتلر. من يسعى إلى أن يكون في سوريا والعراق بحجة “إننا من داخل المنطقة وليس من خارجها”، إنّما يتصرّف كما تصرّف هتلر في مرحلة ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية إنْ تجاه النمسا أو تجاه بولندا.

من المفيد ملاحظة أنّ المجتمع الدولي بدأ يعي أبعاد إطلاق إيران صواريخ باليستية من اليمن في اتجاه الأراضي السعودية. لم يعد الأوروبيون والأميركيون أسرى عقدة الملفّ النووي الإيراني. صاروا يميّزون بين أهمية المحافظة على الاتفاق في شأن الملفّ النووي الموقّع صيف العام 2015 من جهة، وبين ملف الصواريخ الإيرانية ونشاطاتها التخريبية في المنطقة من جهة أخرى.

يمكن أن يكون هذا التمييز الأوروبي والأميركي بين الملف النووي والصواريخ الإيرانية ما دفع وزير الخارجية الإيرانية إلى كشف حقيقة السياسة الإيرانية ومدى خطورتها. حقيقة هذه السياسة أن الإيرانيين موجودون عسكريا في العراق وسوريا ولبنان، ويعتقدون أن لا شيء يمكن أن يخرجهم من البلدان الثلاثة.

هل هذا رهان إيراني في محلّه؟ من يقرأ التاريخ ومن يتمعّن بإمكانات إيران، لا بدّ أن يكتشف أن ليس في استطاعة أي دولة لعب دور أكبر من حجمها. روسيا نفسها التي استعانت بها إيران كي يبقى بشّار الأسد في دمشق، بدأت تستوعب أن ليس في استطاعتها فرض حل في هذا البلد من دون تفاهم ما مع الإدارة الأميركية… هذه الإدارة التي يبدو أنّها تتّجه إلى سياسة أكثر تصلّبا تجاه إيران وما تمثّله وما تطمح إليه في المنطقة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ووقاحة البقاء في سوريا إيران ووقاحة البقاء في سوريا



GMT 04:14 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

حقوق المسيحيين… بسلاح "حزب الله"

GMT 01:04 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الرجل الذي قرر مصيره بنفسه

GMT 06:24 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

كذبة اسمها 'سلاح حماس'

GMT 06:07 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين ملك سوريا… في ظل استسلام أميركي!

GMT 06:28 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

بورقيبة الحاضر بعد ثلاثين سنة
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen