بقلم - خير الله خير الله
بات واضحا الآن أن دور الولايات المتحدة القيادي للغرب الليبرالي والناظم للتوازن الدولي قد تزعزع، ما انعكس فقداناً للثقة في الشريك الأميركي بالشرق الأوسط كما في أوروبا.
ترامب يبقى ظاهرة غير مألوفة ومربكة لمؤيديه ومعارضيه
يتوجه الأميركيون في السادس من تشرين الثاني - نوفمبر المقبل إلى صناديق الاقتراع ليعيدوا انتخاب مجلس النواب (435 عضوا) و35 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ المكون من مئة عضو وحكّام 36 ولاية. تعتبر هذه الانتخابات مصيرية بالنسبة إلى الرئيس دونالد ترامب لأنها شبه استفتاء على عامين من ولايته ومؤشر إلى إعادة انتخابه عام 2020، ولأن حصول الديمقراطيين فيها على الأكثرية ولو في مجلس واحد سيكون خطراً عليه لجهة المضي في التحقيق بعدد لا بأس به من القضايا المرفوعة ضده. هل يفعلها ترامب مرّة أخرى ويفاجئ حلفاءه قبل خصومه كما حصل في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها على هيلاري كلينتون قبل عامين؟
مر أميركا بخضات جراء التحولات العميقة في النظام الدولي، كما تشكو في عقر دارها من انحطاط في الخطاب السياسي وانقسامات غير مسبوقة في المجتمع واستقطابات بين أحزابها وداخل كل حزب، تهدد الولاء الدستوري والوطني وتفقد الديمقراطية الكثير من جاذبيتها.
على هذه الخلفية، كان وصول ترامب إلى البيت الأبيض دليلاً على عوارض المرض الأميركي وليس سببا له. جاء في سياق موجة من الغضب الشعبوي، متعهداً إعادة تصويب السياسة الأميركية وفق مبدأ “أميركا أولا”. فهل سيمهد أداؤه الطريق أمام حزبه للفوز بالأكثرية في المجلسين، أم أنه سيشكل حجر عثرة حسبما توحي به آخر استطلاعات الرأي؟
يرى كثيرون في واشنطن أن أهم ما يحسب لترامب هو قيادة التحالف الدولي في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، وقطع مصادر التمويل عنه وعن الجماعات المتطرفة الأخرى العاملة في المنطقة، ما قيد حركتها ميدانيا وقدرتها على التجنيد ونشر عقيدتها المتطرفة. امتلكت إدارة ترامب تحليلا دقيقا لخطورة المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة، فضلا عن تقييم واقعي لتاريخ إيران في دعم الإرهاب منذ العام 1979.
يحسب لترامب أيضاً إعادة مد الجسور مع حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة كالسعودية والأردن ومصر وإسرائيل، بعد أن شهدت العلاقات معهم فتوراً زمن باراك أوباما، كما خروجه في بعض الملفات من الضبابية التي سادت سياسة سلفه في الشرق الأوسط.
بلور ترامب رؤية واضحة حيال دور إيران وميليشياتها المنتشرة في المنطقة. انسحب من الاتفاق النووي مع إيران وأعاد فرض عقوبات عليها على قاعدة أن امتلاك القدرة النووية ليس الخطر الوحيد الذي تشكله إيران، وأن طموحاتها التوسعية في المنطقة وممارساتها المضعضعة لاستقرارها توازي هذا الخطر.
أرسل تعليقك