آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الشراكة المغربية

اليمن اليوم-

الشراكة المغربية

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل. هذه مملكة لا عقد فيها. لا عقدة القطاع الخاص ولا عقدة القطاع العام. هناك دعوة إلى شراكة بين القطاعين من أجل إيجاد اقتصاد أكثر فاعلية يستفيد منه الشباب المغربي عن طريق إيجاد فرص عمل جديدة.

من يعتقد أن الخطابات التي يلقيها الملك محمد السادس خطابات عابرة، يخطئ كثيرا. جاء الخطاب الأخير للعاهل المغربي في مناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة ليؤكد تلك الاستمرارية التي ميّزت السنوات العشرين من عهده. يطلق الخطاب الملكي مشروعا اقتصاديا واجتماعيا يصلح للمرحلة الجديدة.

يتعلق الأمر بمشروع تنموي يضم الحكومة و”بنك المغرب” (المصرف المركزي) ومجموعة المصارف المغربية. يهدف المشروع إلى تمويل التشغيل الذاتي، إذ يدعو الملك المصارف والإدارة إلى تغيير عقليتها وتمكين أكبر عدد من الشباب المؤهل، من مختلف الفئات، من الحصول على قروض مصرفية.

باختصار، يدخل المغرب أول مشروع اقتصادي واجتماعي في المرحلة التنموية الجديدة التي حدد محمّد السادس معالمها في خطاب عيد العرش آخر شهر تموز – يوليو الماضي. محور المشروع القطاع المصرفي والمالي ويقوم على وضع مخطط لدعم الشباب والمقاولات الصغرى والمتوسطة وتسهيل ولوج المواطنين للخدمات المصرفية. فالأمر يتعلق بمشروع تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جانب القطاع الخاص.

بكلام أوضح، يبدو أن المرحلة التنموية الجديدة تعتمد على عمل جماعي بين الحكومة والبرلمان والقطاع الخاص. إنّها شراكة من نوع جديد تعتمد على قدرة المغرب على تطوير نفسه. تعتمد هذه الشراكة على قول محمّد السادس في خطاب عيد العرش “لقد أنجزنا نقلة نوعية، على مستوى البنيات التحتية، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة، والقطار الفائق السرعة والموانئ الكبرى أو في مجال الطاقات المتجددة وتأهيل المدن والمجال الحضري. كما قطعنا خطوات مشهودة، في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة. إلا أننا ندرك أن البنى التحتية، والإصلاحات المؤسسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها. ومن منطلق الوضوح والموضوعية، فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية، هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات، لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي”.

من خلال خطابي عيد العرش وافتتاح الدورة البرلمانية، يتأكّد الاستثناء المغربي. يتمثّل هذا الاستثناء في أن المراجعة للتجربة التي دخلتها المملكة في السنوات العشرين الماضية، مراجعة مستمرّة وفي العمق. دفعت المراجعة محمّد السادس إلى الإشارة، في سياق حديثه عمّا تحقق في المملكة، إلى “أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة، تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، بخاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى. ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المئة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة. لذلك، أعطينا أهمية خاصة لبرامج التنمية البشرية، وللنهوض بالسياسات الاجتماعية، والتجاوب مع الانشغالات الملحة للمغاربة. وكما قلت في خطاب السنة الماضية (2018)، فإنه لن يهدأ لي بال، حتى نعالج المعيقات، ونجد الحلول المناسبة للمشاكل التنموية والاجتماعية”.

ذلك هو الجانب الإنساني الذي تقوم عليه التجربة المغربية، وهو جانب جعل المواطن المغربي محور خطاب عيد العرش الـ20… ثم خطاب افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة.

مع مرور عشرين عاما على صعود محمد السادس إلى العرش، دخلت المملكة مرحلة جديدة تقوم على النظر إلى الواقع بعيون ناقدة. فهناك المجالات التي حقق فيها النموذج المغربي نتائج جد إيجابية على المستوى الداخلي والخارجي. لكن هذا النموذج أبان عن نواقص يجب استدراكها، بما في ذلك العوائق التي تجعل بعض الشركات الأجنبية تمتنع عن الاستثمار في المغرب وخلق فرص عمل فيه. لا يتردد محمد السادس في كشف النواقص حيث توجد نواقص.

في خطاب عيد العرش، الذي كان محوره المواطن المغربي، دعا محمّد السادس إلى مراجعة النموذج التنموي لتستطيع جميع فئات المجتمع الاستفادة من العدالة الاجتماعية في كل القطاعات. من هذا المنطلق، تقرر تنصيب لجنة خاصة للنموذج التنموي في مجموعة من المجالات الحيوية قادرة على قول الحقيقة واقتراح حلول ناجعة.

جاء خطاب افتتاح الدورة البرلمانية ليؤكد أن كلام محمد السادس لا يظل كلاما، بل بدأت بالفعل ترجمته على أرض الواقع بدءا بالبحث عن طرق عملية لشراكة جديدة بين كلّ فئات المجتمع. ليس الخطاب سوى دعوة إلى كلّ القوى الفاعلة، بما في ذلك الحكومة والبرلمان إلى الانخراط في هذه الشراكة. فالملك يستمر في رسم توجهات المرحلة الجديدة وآليات العمل فيها ويدعو إلى الوحدة واليقظة ويوجه رسائل مباشرة إلى البرلمان والحكومة وباقي الفاعلين.

تتمثّل هذه الرسائل في تنبيه الأحزاب السياسية المكونة للحكومة إلى تجاوز الصراعات والخلافات وأن يكون ما تبقى من الولاية البرلمانية مجالا لتنفيذ كل الإصلاحات بعيدا عن الصراعات السياسية الانتخابية. فالخطاب يرتدي تنبيها مباشرا إلى مكونات الأغلبية الحكومية.

إلى ذلك، يضع الخطاب الملكي الحكومة والبرلمان أمام مسؤولية توفير شروط نجاح المرحلة الجديدة التي يدخلها المغرب. فالحكومة والبرلمان أمام عام التحديات الاقتصادية والتنموية، ليس على صعيد المغرب فحسب، بل المنطقة كلّها وصولا إلى أوروبا…

أكثر من ذلك، يدعو الملك الحكومة والبرلمان إلى ممارسة اختصاصاتهما، وذلك بأن تعمل الحكومة على تقديم المخططات والتنفيذ والتتبع، وأن تقوم الإدارة بصفة كونها الأداة التنفيذية للحكومة بتوظيف كل الوسائل وتقديم المعطيات داخل هذه المرحلة التنموية الجديدة. في مقابل ذلك، يدعو الملك البرلمان إلى الاضطلاع بمسؤولياته المتمثلة في التشريع ومراقبة الحكومة وتقييم السياسات العمومية، فيما مطلوب من الحكومة والبرلمان والإدارة العمل داخل المعادلة الدستورية القائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة.

لم يعد سرّا أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل. هذه مملكة لا عقد فيها. لا عقدة القطاع الخاص ولا عقدة القطاع العام. هناك دعوة إلى شراكة بين القطاعين من أجل إيجاد اقتصاد أكثر فاعلية يستفيد منه الشباب المغربي عن طريق إيجاد فرص عمل جديدة.

يظلّ الإنسان المغربي الهاجس الأوّل للعاهل المغربي الذي قرّر منذ توليه مسؤولية العرش قبل عشرين عاما الانصراف إلى الحرب على الفقر. ما تؤكده الأرقام نجاحه في هذه المهمّة من دون أن يعني ذلك الاستكانة إلى ما تحقّق بمقدار ما يعني العمل المستمرّ على تطوير التجربة المغربية. هذا التطوير يتولاه محمّد السادس، العين الساهرة على المغرب الذي استطاع تجاوز عقبات كثيرة في السنوات العشرين الماضية وذلك ليس لأنّه دولة عريقة فحسب، بل لأن حساباته حسابات مغربية أوّلا وأخيرا. حسابات الإنسان المغربي البسيط الساعي إلى مستقبل أفضل بكلّ بساطة وصراحة. تندرج تلك الحسابات في الشراكة الأهمّ القائمة بين الملك والشعب، وهي في أساسها ثقة عميقة متبادلة ومتجددة، هي من أسرار المغرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشراكة المغربية الشراكة المغربية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen