بقلم/ علي الأمين
الجدل الدائر حول قانون الانتخاب بين اقطاب السلطة، محكوم بقاعدة ثابتة ، النقاء المذهبي والطائفي للنائب المنتخب، وهذا حصيلة مسار بدأ منذ خرجت مقولة الحكومة البتراء، وانبتت مقولات عن الميثاقية لا علاقة لها بالدستور ووصلت اخيرا الى الرئيس القوي... في طائفته (منعا للالتباس الوطني).
عندما يستعيد رئيس التيار الوطني الحر الى اقتراح اعتماد القانون الأرثوذكسي في الانتخابات النيابية المقبلة، فهو منسجم مع السجال الدائر بين اقطاب السلطة حول قانون الانتخاب، وهو الأكثر صراحة بين أقرانه، لجهة الكشف عن واقع السجال الدائر واهداف كل فريق من وراء قانون الانتخاب، فبعد الإستسلام او التسليم السياسي لسلطة حزب الله ولمرجعية الشيعية السياسية بقيادة "سماحة السيد" غاب الخلاف السياسي وحلّ الوئام ولم يعد من عناوين سياسية تستحق ان تكون عنوان المعركة الانتخابية على المستوى الوطني، سوى نقاء التمثيل الطائفي لكل نائب سينتخب. ما دام حزب الله والثنائية الشيعية لا تعتبران النائب عقاب صقر على سبيل المثال لا الحصر نائبا شيعيا كالنائب محمد رعد، بسبب كونه انتخب من لبنانيين اكثريتهم من غير الشيعة، فان باسيل نفسه يحق له أن يعتبر أنّ النائب ميشال موسى او اميل رحمة أو النائب عاطف مجدلاني وغيرهم انتخبوا بأكثرية من أصوات الناخبين السنة او الشيعة او الاثنين معا وأن مسيحيتهم منتقصة بالمعنى السياسي. ويمكن ملاحظة نفس المنطق يسري على السنة الدروز والعلويين وغيرهم بعدما انكشف المشهد على غاية محورية تبناها الجميع عمليا هي ان غاية الانتخابات النيابية هي كيف نؤمن تمثيلا طائفيا نقياَ لا تختلط فيه اصوات انتخابية من طوائف أخرى.
عندما يصبح وصول نجيب ميقاتي الى رئاسة الحكومة انتهاكا للطائفة السنية وترشيح عقاب صقر لرئاسة مجلس النواب طعنة للطائفة الشيعية، ووصول ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية ضربة في صميم المسيحية السياسية، وعندما ينسحب وزراء الشيعة من الحكومة اخلال بالميثاقية، وسبيلا لتعطيل الحكم والدولة، يتحول مطلب الوزير جبران باسيل باعتماد القانون الأرثوذكسي الى نتيجة منطقية لهذا المسار السياسي ولهذا المنطق الذي استخدمه الجميع وان بشكل متفاوت بين فريق وآخر داخل السلطة.
جبران باسيل انت اصدقهم وأكثرهم وضوحاً، ولو كان الطريق الذي تسير به ويسيرون فيه كفيل بجعلك مع بقية أقطاب السلطة قادة طائفيين تمنحكم هذه الصفة حصانة من ايّ مساءلة او مراقبة او محاسبة، وكفيل بجعلنا نحن المواطنين الى مجرد عبيد نسبح بحمدكم ونشكر الله الذي منّ علينا بقادة انقياء من شبهة طائفة اخرى. الرئيس نبيه بري امس وردا على طرح باسيل للقانون الأرثوذكسي قال مستعينا بآية قرآنية: "سبحان من يحيي العظام وهي رميم" الرميم ليس القانون الارثوذكسي الذي هو عمليا ديدن السلطة ودستورها الخفي. الرميم هو المواطن ودولة المواطن التي استبيحت حتى الرمق الأخير، ومشروع الموازنة مثال صارخ ونموذج لهذه الدولة التي صارت رميما.. وسبحان من سيحييها.
أرسل تعليقك