بقلم : حسن البطل
«أصبحنا في زمن آخر.. أليس كذلك» بين ولادة صحيفة «السفير» اللبنانية في 26 آذار 1974 وبيان نعوتها في 31 آذار 2016. كم كان عمر رئيس تحريرها، طلال سلمان، عندما ولدت، وكما صار عمره عندما نعاها؟
سيكون عدد الغياب «تاريخياً» لأن اقلام كتّاب الصحيفة ستسجل التجربة بين الولادة والوفاة، أي ستشارك في تشييع أهم صحيفة رأي في لبنان، بعد صحيفة «النهار» الرائدة ـ القائدة للصحافتين اللبنانية والعربية معاً.
هناك في حياة الصحافة غياب وهناك احتجاب، غياب عن الصحيفة الورقية لصالح الصحيفة الإلكترونية، أو احتجاب صحيفة سنوات تطول أو تقصر، ثم يتجدد الصدور بنبضة اسم الامتياز القديم وبإدارة جديدة وتمويل جديد.
كان هذا يجري في «زمن آخر» لم تكن فيه ثورة وسائل الاتصال المرئية والمسموعة، أو زمن الفضائيات.
لا يتعلق موت «السفير» بالتوزيع ومردود الإعلانات فقط، ولو تدهور إلى النصف في سنوات قليلة، بل يعود إلى علاقة أزمة الإعلام بأزمة لبنان، كما تقول رئيس تحرير «النهار» وأزمة لبنان بأزمة الربيع العربي.
عن أزمة لبنان يقول رئيس تحرير «السفير» إن الانقسامات الطوائفية والمذهبية العربية واللبنانية جعلت لبنان بلداً بلا دولة، ودولة بلا رئيس جمهورية منذ عامين، وبلا مؤسسات، أو مع مجلس نواب معطّل، أو بلا أحزاب فاعلة، أو نقابات.
هذه ثالث أزمة ضربت الصحافة اللبنانية، والأولى كانت في نهاية القرن التاسع عشر، حيث هجرة الصحافيين اللبنانيين إلى مصر بالذات، وتأسيسهم للصحافة المصرية الحديثة.
الثانية، كانت بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية 1975 ـ 1990، حيث هاجرت صحف ومجلات لبنانية إلى أوروبا، طلباً للأمن والأمان الفردي والصحافي. أولاً من «حروب الطوائف» ثم من حروب الاغتيالات للصحافيين في الحقبة السورية من السيطرة على لبنان.
عملياً، كان لكل نظام عربي، تقريباً، صحيفته في لبنان، كما لكل حزب أو طائفة، أيضاً، وكان لبنان عاصمة الصحافة العربية، لكن لم تكن للدولة صحيفة رسمية كحال معظم الدول العربية الوطنية و»الثورية» و»الممانعة»، وإن كانت دولة لبنان تحت تأثير «المارونية السياسية» وكانت لها صحيفة «العمل» المحتجبة، بعد تشظّي حزب «الكتائب».
نعم، صدرت في لبنان صحف جديدة، مثل «المستقبل» لسان حال جماعة الحريري و14 آذار، وكذا صحيفة «الأخبار» المقربة من «حزب الله»، لكن رفيق الحريري، الذي بنى لبنان بعد الحرب الأهلية، صار ابنه سعد الحريري عاجزاً عن دفع رواتب صحيفته منذ خمسة شهور!
أما صحيفة «الأخبار» المقربة من «حزب الله» فقد صدرت بحلة جديدة في فن الإخراج الصحافي، واستقطبت فنيين وكتّاب رأي من طوائف شتى، ولا يبدو أنها تعاني من مشكلة التمويل.
الحقيقة أن الصحف اللبنانية، مثل «السفير» و»النهار» وسواهما استقطبت محررين وكتّاب رأي وإداريين من طوائف شتى.
الخط السياسي ـ التحريري لـ «السفير» بقي منذ ولادتها تقدمياً و»عروبياً» و»يسارياً» مؤيداً لما كان «الحركة الوطنية» اللبنانية، المتحالفة مع م.ت.ف، وصارت ذات «حياد إيجابي» من تيار «الممانعة» و»المقاومة»، مع مرحلة قصيرة بدت فيها أقرب إلى الطائفة الشيعية، ثم صارت الصحيفة المركزية اللبنانية، ولكن لتعدد الآراء فيها للكتاب اللبنانيين والعرب، أيضاً.
«النهار» اللبنانية، التي هي مدرسة صحافية في التحرير، حافظت على خطها الليبرالي، وبقيت وفية للأرثوذوكسية العروبية، وبمنأى عن الاستقطابات الطوائفية الفاقعة في لبنان.
موت «السفير» علامة فارقة على أزمة الصحافة اللبنانية، لكن خطر الغياب والاحتجاب ليس بعيداً عن صحف أخرى، أبرزها «النهار» الرائدة في التحرير والتوزيع والإعلانات، لكنها اضطرت بدورها إلى معالجة الأزمة بالتقشف.
إذا غابت أو احتجبت «النهار» فإن ذلك سيكون علامة على أزمة الصحافة العربية في بلادها، ولو بقيت صحف ناطقة بالعربية تصدر في الخليج أو أوروبا بفعل تمويل خليجي.
هذه حقبة خليجية في الصحافة المكتوبة، كما في الفضائيات المرئية، وكذا في غير مجال اقتصادي وعمراني وثقافي..وفي المحصلة سياسي وأيديولوجي وديني وجهادي، أيضاً.
ما يمكن قوله حول الصحافة الفلسطينية إنها على «قد الحال» وتبدو الصحف اليومية الثلاث ناجحة حتى الآن في «التأقلم» كل صحيفة بطريقتها.
إنجازان فلسطينيان
المعلم الأفضل كان قصة نجاح فلسطينية عالمية، لكن حسب تقرير البنك الدولي، فإن فلسطين قصة نجاح عربية مختلفة في إدارة النفايات الصلبة، بين أربع دول هي، لبنان، المغرب، السعودية حيث مكب نموذجي في جنين، وآخر في جنوب الضفة يعتبران في المرتبة الأولى عربياً.
في بحر أسبوع تقريباً، تم تدشين المستشفى الاستشاري العربي في ضاحية «الجنان» وهو في مستوى إقليمي وعالمي، ايضاً، وتم وضع حجر الأساس لمستشفى خالد الحسن للسرطان وزراعة النخاع.
المشروع الأول أهم مشاريع القطاع الخاص في الصحة، والثاني سيتم تمويله بالتبرعات، لكن مستشفى العيون في بلدة ترمسعيا سينجز خلال عام واحد، وهو بتمويل من فنزويلا، وبرعاية خاصة من رئيسها السابق هوغو شافيز.
الساعة البيولوجية
ساعة لقدام، وساعة للخلف.. هكذا هو التوقيت الصيفي والشتوي، لكن للساعة البيولوجية أن تضطرب أياماً.
الآن، يقول العلماء إن الاضطراب هذا ليس بلا نتائج جانبية سيئة، ومنها أن الانتقال للساعة البيولوجية تصاحبه، أحياناً، سكتات دماغية وقلبية لدى البعض من البشر.
المهم، أنه مع بدء التوقيت الصيفي في بلادنا، ستكون آخر «نوّة» ماطرة ثلاثة أيام في وداع فصل الشتاء.. علماً أنها أثلجت في أول نيسان قبل سنوات.
الدنيا مخربطة في السماء وعلى الأرض.
أرسل تعليقك