آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الأمير «دال»

اليمن اليوم-

الأمير «دال»

بقلم/حسن البطل

هناك من يشتغل كاتباً لأمير، أو حاجباً من حجابه، غير أن الله مَنَّ عليّ - وأنا العبد الفقير صاحب القلم النحرير - أن يعمل لديّ أمير من أمراء جبال الشوف، معقل التوحيديين، أي: إخواننا الدروز.

أمير درزي صغير، ليس فيه من علائم الإمارة .. إلاّ هذه الطريقة الصقرية المميزّة في تحريك رأسه، كأن رقبته تدور على ترس، فيدير لك رأسه دوران عقارب الثواني في ساعة "أوميغا سي ماستر" الذهبية، سيّدة الساعات قبل عصر "الكوارتز". باختصار : يتوقف رأسه برهة في دورانه.

فيما بعد، لاحظت أن أفلام الخيال العلمي، جعلت البشر الآليين بشراً حقيقيين تقريباً .. إلاّ من شحوب غامض على محيّاهم، وحركة الرقبة البطيئة هذه .. والعجز عن ممارسة الحبّ.

كيف لي أن أسخر من أمير ابن أمير، فبالأقل أنه يدير رقبته كما يفعل "الصقر الأصلع" الذي كاد ينقرض. أمير - صقر؟ هذا مديح يرضي كبرياء الأمراء؟!
ثم كيف لفلسطيني أن يهزأ بأمير من حلفائنا الدروز، وزميل متدرب على مهنة التحرير. لا أدري لماذا لم يستثمر الأمير دريد عراقة محتده، فيصير قائداً صغيراً (مطاعاً كأمير) في ميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي (شعاره القلم والمعول متعانقين)، فالدروز اللبنانيون كانوا أوفى حلفاء الفلسطينيين، وأوفاهم كان "الحزب الجنبلاطي" في الطائفة الدرزية.. لا "الأرسلاني".

أمير درزي، صغير كأنه ابن أختي الكبيرة، جاءنا إلى جريدة "فلسطين الثورة " اليومية ليتدرّب على التحرير، لأن في رأسه موالاً ثورياً لم يستمعوا إليه في الحزب الشيوعي اللبناني العريق، ولا في "منظمة العمل الشيوعي" القومية - الراديكالية .. فذهب إلى "رابطة الشغيلة " التي كان يترأسها التروتسكي القبضاي - الأزعر نائب البرلمان زاهر الخطيب، ثم وجد نفسه على أقصى يسارها، فهو أمير التطرّف طرّاً.

أميرنا يضرب بقلمه كأنه سيف والورقة ترس، أو عبد من عبيده يجب أن يجزّ عنقه لسبب معصية ما اقترفها، أو جارية تمنعت عليه! وأميرنا دريد إذا سألته عن ركاكة خبره المطبوخ في "الأتون" الثوري، يدير لك عنقه كأنه صقر أصلع هبط من جبل صنين ووجد عشّاً له غير مريح في مكاتبنا المتواضعة.

كنا نناديه "دريد" حاف، فكان رأسه يدور ببطء مثير للأعصاب. فصرنا نناديه "أمير دريد" فلانت عظام رقبته بعض الشيء. وأخيراً: يا أمير (لا أدري لماذا لم نفطن ونناديه : يا أمير بلدة بَعْقَلينْ، ربما لانت حركة رقبته كما في ممثلي فيلم "درب النجوم" الشهير).

ومع أن بين دروز لبنان وموارنته ما صنع الحدّاد الأول والأخير، غير أنّ أحلى "القفشات" هي تلك التي كانت تتطاير من حواره مع المخرج الفني "إميل" (وهو ماروني أصلي حتى أن والده الأب طانيوس منعم، يلقب بـ "الخوري الأحمر").

جاءنا الأمير دريد، في "عز دين" الحرب الأهلية اللبنانية، وكاد يفارقنا في أول الورطة السوفياتية في افغانستان، فقد كان له "موقف صنديدي" ضد ذلك التدخل .. وما كنا نستطيع نشر أي "موال" من مواويله، وحتى لا يزعل السفير "الرفيق سولداتوف" فيزعل حلفاء موسكو المتحالفون معنا!

صحيح، أنه كان أميراً بالوراثة؛ وكان أميراً مفلسّاً، ويقيم في "بيت عز" غابر. صحيح، أنه كان أفشل محرّر عمل لدينا (أو عمل لديّ) غير أنه كانت للأمير دريد نبوءات شفهية، كنا نسخر منها ومنه. ومن نبوءاته أن السوفيات دفنوا الاشتراكية في "ممر خيبر" الأفغاني. ذات مرة - يقول أصدقاؤه الخلّص - استهلك مائة ورقة ليملأ ورقة ناريّة واحدة ضد ذلك التدخل .. ثم مزّقها بعد أن سخروا منه.

لو التقيت "الأمير دريد" مصادفة .. لربما التفت إليّ كأن رقبته زوّدت، أخيراً، جداً، ببطارية كوارتز، ولقال : ألا زلتم تقولون أن الانهيار بدأ في برلين؟ أما قلت لكم أنه بدأ في أفغانستان؟
يا دريد. يا أمير. يا أمير الفشل في التحرير. يا أمير بعقلين: هناك مسافة دقيقة بين اللسان الحصيف، والعقل السديد..والقلم الرهيف. تستطيع أن تحلّها لأنك "توحيدي".. لكن لا تستطيع إملاء الحل على سكرتير تحرير أية صحيفة.
يا أمير دريد، يا أغرب من عرفت من الأمراء ..ومن المحررين الصحافيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمير «دال» الأمير «دال»



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen