بقلم/حسن البطل
قلت للعروس: حاذري، ان طبخت له “ورق عنب” ان تنسي أصابعك. تضرّج وجه صديقتنا العروس (س) التي زفت الى صديقنا العروس (س).. وفي اللغة الفصيحة ان العروس صفة للعروسين، ذكراً وأنثى.
سألتُ زوجة صديقي امام زوجها وزوجتي: تُرى ما الحكمة من شعر حواء الطويل؟ بين ثلاث اجابات لكل زوج وزوجة، كانت اجابتي: حتى ترد بأطراف أناملها خصلات شعرها الى ما وراء صيواني أذنيها.. فيخفق خافق بين ضلوعي!
كل هذا الدلال الانثوي في تلك الحركة الانثوية، مثلاً، يختصر لماذا قالوا في تقريب المسافات “قيد أنملة».. قبل ان يبالغوا في القول “أدنى من حبل الوريد».. وعندما تردّ أنامل الأنثى خصلات شعرها الى وراء صيوان اذنها، تقوم بتقريب القريب الى اللمسة.. واللمسة هي المسافة الصفر للاشارة.
***
لم يصوّر شاعر، قط، لغة “حمحمة” الخيل بالروعة التي فعل “ابو الفوارس عنترة”.
فأزورَّ من وقع القنا بلبانه/ وشكى اليّ بعبرة وتحمحم
«لو كان يدري ما المحاورة اشتكى/ ولكان لو علم الكلام مكلّمي
غير ان عنترة أجاد، ايضاً، في جمعه بين قناة الرمح الصلبة ورخاوة الاصبع - البنان:
«فشككت بالرمح الأصمّ ثيابه/ ليس الكريم على القنا بمحرّم
وتركته جزر السباع ينشنه/ يقضمن حُسن بُنانه والمعصم
***
يمكن ان دقة البنان دليل رخاوة الاصبع، وهذه دليل رخاوة العيش.. ويمكن لبائع الخضراوات الشامي ان ينادي “أصابيع البّوبو يا خيار” ويمكن للسبع (اي كل وحش مفترس) ان يقضم أصابع الفرسان، كرام المحتد، الذين يصرعهم “ابو الفرارس»، كما تقضم انت «اصابيع البوبو يا خيار».. او اصابع “ورق العنب”.
.. ويمكن لي ان اداعب عروس صديقي: لا تنسي اصابعك وانت تعدين «طبخة يبرق»!
***
الاصابع لغة الاشارة من الدلال الانثوي، الى هراوة آدم، الى عصا الراعي، وعصا الجنرال. العصا اصبع كبيرة، سطوة وسلطة: “العصا لمن عصى».. او منتهى الرقة: “ألقمت ثديها فم رضيعها”.
.. والاصابع ادوات الدسيسة «يحوك مؤامرة»، ادوات للسلام (المصافحة)، وللصراع (اشارة الفوز والخسارة).. وقد تنحط اشارة بذيئة، او تسمو الى ابتهال وضراعة.. او تصفق طرباً.
***
الأنامل لسان آخر، أبجدية لغة تكمّل او تُسعف تلعثم أبجدية اللسان.. وهي، ايضاً، دليل لا يُدحض في “علم الاناسة”. يقولون: عندما تعامدت اصبع الابهام مع الاصابع الاربع.. بدأ عصر الانسان منتصب القامة. صار يري الخطر قبل ان يدهمه الوحش.
صار “يحوك” الأدوات. كبر حجم مخه قياساً الى وزن جسده.. وهكذا تسيّد باقي المخلوقات.. كأن الزاوية القائمة التي ترسمها اصبع الابهام مع باقي اصابع راحة اليد هي منصة انطلاق الانسان، كما الصاروخ على منصة الاطلاق الى مجاهل الفضاء.
***
لا تتوقف ارنبة الانف عن النمو الوئيد، بعدما تصل العظام الى كمال نموها. لذا يصير خيشوم الرجل العجوز طويلاً، بشعاً. هكذا يقول علماء التشريح.
***
من هو خليفة العبقري البرت اينشتاين؟ رجل عالم اميركي ضربه الشلل في سائر جسده.. ولم يترك له سوى اصبع واحدة تنقر على مفاتيح الحاسوب، وتضع نظريات جديدة لتمدد الكون اللانهائي.
يقولون: كان اينشتاين صاحب “النسبية” يرتاح في كوخه، فسأله ولد صغير جمرة من موقد. حار عالم النسبية في اي وعاء يضعها. الولد أخذ ملء حفنة من الرماد في قبضة يده الصغيرة.. وقال: ضعها هنا!
***
هل تردم التكنولوجيا الفوارق بين خشونة اصابع الرجل، ورقة أنامل المرأة.. التي تزداد رهافة وجمالاً؟ حتى انها عندما تلتقط شيئاً (إبرة او لقمة خبز من الصحن) تشكل باقي الأنامل ما يشبه جناح الطير قبل ان يحط من طيرانه على الأرض؟ قلبي يقفز.. ولا يطير.
التكنولوجيا في خدمة أنامل النساء، ومستحضرات التجميل ايضاً، ولا أدري لماذا يشيرون الى الاصبع الوسط بـ”اصبع زينب».. ولكنهم قد يشيرون، في الشام، الى نوع من العنب، طويل الحبة، بـ”اصابع زينب”.
ماذا كانت زينب “تحوك” من لغة الدسائس”؟ من اشارات العشق.. حتى وصلت حفيداتها الى ذلك الدلال: اصابع انثوية ترد خصلات شعر انثوية خلف صيوان أذن انثوية؟ قلبي يقفز ولا يطير.
أرسل تعليقك