بقلم - حسن البطل
سهوت، في «ديسمبر الكبير» هذا، أنه يتضمن يوماً عالمياً للغة العربية في 18 منه. لا أعرف من قال في العربية إن «لو تفتح عمل الشيطان» لكن «إذ» في قرارات مجلس الأمن، التي سيصدر منها، في يوم اللغة العربية، القرار 11 وفي ديباجته 10 مرات «إذ» من العام 1967 حتى العام 2016.
تعرفون، في العربية، أن الفاعل فيها إما مبني للمعلوم أو مبني للمجهول، ومشروع القرار المرقوم 11 حول فلسطين والقدس مبني للفاعل المجهول/ المعلوم من حيث الإدانة، فهو لا يذكر بالاسم قرار ترامب بالاعتراف، ولا الولايات المتحدة؟
لا يقولنَّ أحدٌ لي، إن في اللغة العربية قول هو: «يكاد المريب أن يقول: خذوني»، وقد يأخذ مشروع القرار المصري تسعة أصوات أو أكثر، ولكنه سيأخذ «الكرت الأحمر» الأميركي، الذي هو حق النقض، وستكون مفاجأة أن تمتنع أميركا عن التصويت، فيصير القرار بغالبية 14 صوتاً وامتناع واحد، كما صدر القرار العاشر لمجلس الأمن قبل عام بالتحديد، وشكّل «صدمة» لإسرائيل!
في يوم التصويت، أمس، ستبحث «القيادة الفلسطينية»، في أول اجتماع لها، بعد خطاب ترامب في 6 ديسمبر، تحركاتها اللاحقة في ضوء التصويت في مجلس الأمن.
كان رئيس السلطة قد اتخذ موقفاً من خطاب ترامب بعد ساعة منه فقط، ولاقى استحساناً من غالبية الشارع الفلسطيني، لكن من أجل صناعة «قرار» مبني على «الموقف» فقد التقى الرئيس المصري السيسي لمناقشة الموقف من قمة اسطنبول الإسلامية، التي استنكف السيسي عن حضورها، كما ملك السعودية.
قبل اجتماع القيادة، أمس، كان عباس قد زار الدوحة، والتقى أميرها، وبعد اجتماع القيادة، سيزور الرياض، أيضاً!
لا يوجد في السياسة الفلسطينية، وقوامها عدم التدخل في الشؤون العربية، ما يؤخذ عليها من أنها مع محور من المحاور العربية، فقد دفعت مع شعبها وقضية فلسطين نتيجة موقفها من سياسة صدام إزاء الكويت، التي اعتبرت كل الفلسطينيين من «دول الضدّ» ردحاً طويلاً من الزمن.
تذكرنا حركة أبو مازن، قبل خطاب ترامب، وخصوصاً بعده، بحركة الرئيس الراحل أبو عمّار، بعد فشل قمة كامب ديفيد 2000، وإلقاء الرئيس كلينتون المسؤولية علينا، حيث زار عشرات الدول!
إذا كانت المفاجأة في امتناع واشنطن عن استخدام البطاقة الحمراء ـ «الفيتو»، ضد مشروع القرار المصري، المرقوم «إذ» للمرة 11، فإن تلبية أبو مازن لدعوة إيرانية لزيارة طهران، ستكون أمراً مفاجئاً أكبر، يتعلق بتصويت واشنطن على مشروع القرار المصري، وأمور أخرى، من بينها بناء موقف عربي ـ إسلامي ـ دولي لإحباط خطاب ترامب أو منعه من نقل السفارة أو عزله دولياً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
في قمة إسطنبول وقراراتها، لم يختلف كثيراً موقف إيران الإسلامية ـ الشيعية، عن موقف تركيا الإسلامية ـ السنّية، لأن فلسطين وقدسها ليستا مسألة فلسطينية أو عربية، بل مسألة إسلامية.. ودولية، أيضاً.
الرئيس ترامب يُلوِّح بالانسحاب من اتفاقية فيينا حول المشروع النووي الإيراني، لكن باقي دول الاتفاقية ستلتزم بها، إضافة إلى وكالة الطاقة الذرية الدولية.
لا يوجد دولة غير أميركا ستقتدي بها حول القدس عاصمة لإسرائيل، وجميعها مع «حل الدولتين» الذي يشمل القدس عاصمة دولتين.
تستطيع فلسطين أن ترفض استقبال نائب الرئيس الأميركي، لكن لا تتدخل في استقبال القاهرة والرياض له، ولا أعرف هل سيسحب ترامب دعوته لعباس زيارة واشنطن إذا زار رئيس السلطة طهران.
ستأخذ الحركة الدبلوماسية ـ السياسية حول تداعيات اعتراف ترامب إجازة في أعياد الميلاد ورأس السنة، لكن التداعيات الفلسطينية والإسلامية لن تأخذ إجازة، ومن ثم فإن اجتماع القيادة الفلسطينية، أمس، سيدعو إلى اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني قبل منتصف الشهر المقبل، فإذا وافقت «حماس» على حضوره، فالأغلب أن يدعو «المركزي» إلى اجتماع للمجلس الوطني، في حال التقدم بالمصالحة.
إذا قالت السلطة الفلسطينية إن خطاب الاعتراف الأميركي أخرج واشنطن من دور الوسيط، فهي تبحث في «بديل» فأين ستجده؟ علماً أن ثلاثة أطراف من «رباعية مدريد» الدولية تعارض خطاب الاعتراف الأميركي، كما تجلّى في جلسة مجلس الأمن، التي سبقت التصويت على مشروع القرار رقم 11.
أيّاً كانت نتيجة التصويت بالأمس، أو قرارات القيادة، أو زيارات رئيس السلطة لعواصم عربية، أو توصيات «المركزي» فإن المُحصِّلة هي: فلسطين والقدس وحل الدولتين والعاصمة المشتركة هي المسألة المركزية.
للعربية يوم في ديسمبر، لكن للسياسة الفلسطينية شهر كبير في ديسمبر، وسنة كبيرة في العام 2017 الكبير.
أرسل تعليقك