بقلم - حسن البطل
خلال إقامتي في جزيرة أفروديت (قبرص) 13 عاماً، بين خروج بيروت ودخول فلسطين، تعلمت شيئاً زيتونياً، خارج التراث الزيتوني الفلسطيني العريق، كما خارج تقاليد رصرصته، المسماة «رصيص» جنوب الضفة، و»رصيع» شمالها، أي مؤونة شهر من الزمان في «مزمزة» حبات الزيتون.
لـ»مكبوس» الزيتون أساليب إعداد في «نطاق الزيتون» المتوسطي، لكن لجيراننا القبارصة أسلوبهم غير المعتاد في بلادنا.
في القطاف الأول المبكر لثمرات الزيتون، قبل أن تنضج للكبيس والرصرصة، يعدون هناك مؤونة شهر بين القطاف المبكر (يبدأ في فلسطين منتصف أيلول) وفيها يكون الزيتون حامضاً أو مزّاً.
هاكم الطريقة، حفنات قليلة من الحبّ تُنقع في الماء ثلاثة ـــ أربعة أيام، مع تغيير ماء النقع. بعدها توضع حفنات الحبّ في إناء واسع، ويُضاف إليها الكثير من شرائح الليمون (الحامض) المقطّعة لبّاً وقشرةً، وما يلزم من الثوم المهروس هرساً متوسطاً، وكذا ما يلزم من الكزبرة المدقوقة غير الناعمة، وملعقة أو أكثر (حسب حجم وعدد حفنات الحبّ). خلال أسبوعين أو ثلاثة، عليك تقليب الخليط بالملعقة عدة مرات يومياً. يفضّل ترصيص حبّات الزيتون يدوياً بالحجر، للتأكد من فصفصتها كلها.
هل نسيت إضافة الملح؟ كلّا، لأن مزيج هذا الطبق ليس في حاجة للملح، ما دمت لست في حاجة للملح في تخليله شهراً وسنة، بل لاستهلاكه خلال شهر، أو أكثر قليلاً من الزمان، ريثما يكون كبيس الزيتون المملح والمخلّل صار جاهزاً للأكل.
حظينا هذا العام، بعد شتاء واخر المطر، بموسم زيتوني «ماسي» مقدر بإنتاج 25 ـــ27 ألف طن من قطاف وحصاد الزيتون. وحسب وزارة الزراعة، فهذا هو الموسم الأوفر منذ 13 سنة، أي منذ موسم العام 2006، بينما كان موسم العام 2018 أكثر قليلاً من 14 ألف طن، لكن يُقال إن موسم العام 2013 ـــ 2014 كان وافراً جداً بمحصول من 34 ألف طن.
بين منتصف أيلول وأول تشرين الثاني، حددت الوزارة ثلاث قطفات زيتونية حسب المناطق الجغرافية، تبدأ بقطاف للرصرصة والتخليل، وتنصح بتأخير القطاف لبعض الأصناف للحصول على أحسن نسبة زيت.
في كل موسم زيتوني يكون هناك ما يشبه «حرب الزيتون» بين الفلاحين والمستوطنين، وهي حرب على مدار العام ويحمى وطيسها خلال موسم القطاف. حيث يلجأ المستوطنون إلى قطع شجرات الزيتون، أو قلع وشلع أشتالها، أو حرقها.. إضافة إلى سرقة ما يمكن من المحصول.
اعتاد جيش الاحتلال أن يحمي، كثيراً، عربدات المستوطنين، وقليلاً حماية الفلاحين، أو تقييد السماح لهم بساعات وأيام قطاف زيتوناتهم، خاصة تلك التي ما وراء الجدار العازل.
نطاق الزيتون هو نطاق البحر المتوسط أساساً، وبعض مناطق أستراليا وأميركا، لكن في السنوات الأخيرة جرى تهجين الزيتونة للزينة أساساً خارج النطاق المتوسطي، بشكل زيتونات قميئة، أو حتى مثمرة قليلاً.
حتى في بلادنا صارت هناك تهجينات لشكل شجرة الزيتونة حيث فروعها جرداء، وقمة الفروع بشكل تيجان من أوراق الشجر، ولكنها تبقى عاقرة عن حمل حبّات الزيتون، أي للزينة وحسب.
متعة تناول حبّات الزيتون في لفظ نواتها، لكنك تجد في السوبرماركت برطمانات زيتون مجرّدة من نواتها «بلا طعمة»، وكنت تجد جدّاتنا المؤمنات يجعلن من نواة الحبّات مسابح مباركة، ولا أدري لماذا بعد صناعة أطباق من القش، لماذا لا نصنع من نوى الزيتون حبّات مسابح لبيعها في الأسواق الخارجية تحت عنوان أنها من الأرض المقدسة، وقد صارت إسرائيل تصدّر حتى أكواز الصبر للأسواق الخارجية، وحتى نجدها في محلات الخضار لدينا! في موسمها وغير موسمها، أيضاً، كما البطّيخ في موسمه وغير موسمه، أيضاً. وكذا عناقيد العنب في موسمها وغير موسمها.
كان الإسرائيليون يقولون: «الزيتون للدواب والعرب» وأن الصنوبرة هي شجرة إسرائيل القومية، ثم صاروا يقولون إن شجرة الزيتون هي الشجرة القومية لإسرائيل؟
«الوسواس الخنّاس»
ترامب طرد ثالث مستشار للأمن القومي، هو المتشدّد جون بولتون. حسب وزير الخارجية السابق، المطرود بدوره، ريكس تيلرسون، فإن نتنياهو كان وسواساً خنّاساً في أذن الرئيس ترامب، ويعطيه معلومات مضلّلة، كانت وراء مشروع «صفقة القرن».
على «ليكود» ـ نتنياهو دارت الدوائر، فهل سيقوم ترامب «النرفوز» والنزق، بتعديل «الصفقة» أو سحبها من التداول.
أرسل تعليقك