آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

انهيار عقيدة عروبة التخوم

اليمن اليوم-

انهيار عقيدة عروبة التخوم

بقلم - حسن البطل

اعتبر استراتيجيو الحروب الكلاسيكية (بين الجيوش) أن الحرب العراقية ـ الإيرانية هي الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية.
إن حرباً استمرت ثماني سنوات، وأوقعت مليون قتيل كانت، في نظر معظم العرب، حرباً قومية عربية ـ فارسية، أي وفق عقيدة «عروبة التخوم»، وفي نظر معظم الغرب كانت حرباً عربية ـ إسلامية.
لم يؤازر عرب عربستان ـ خوزستان الجيوش العراقية؛ كما لم يؤازر الشيعة العرب في إيران جيوش «الثورة الإسلامية الإيرانية»، وفي محصّلة ونتيجة هذه الحرب الضروس بقي «شط العرب» هو الحدود الفاصلة بين إيران والعراق.
.. لكن، بعد انكسار العراق، وتحرير الكويت، حصل تمرد شيعي جنوب العراق أمكن لحكومة بغداد قمعه بقسوة.
استمر حكم العروبة السنية العراقية بعده، إلى أن أنهى احتلال بغداد 2003 سيطرتها، وانهار شعار البعث العراقي عن «الشعب العراقي بعربه وأكراده وأقلياته القومية المتآخية»، أي انهار التخم العراقي في عقيدة «التخوم».
بعد ذلك بعقد تقريباً، بدأ «الربيع العربي» في سورية، وأدى إلى انهيار الدولة و»التخم» السوري من هذه العقيدة.
بدلاً من عرب وفرس إيرانيين؛ وعرب وطورانيين أتراك، صار الحديث عن حروب مذهبية وعرقية وقومية دخلت عامها الثامن، ولا تبدو نهايتها قريبة، مع تدخل إقليمي ودولي.
الامبراطورية العربية ـ الإسلامية، التي عاشت قرنين ذهبيين، بعد الانتصار على امبراطوريتين في بلاد فارس وبلاد الأناضول، كشّت إلى رسم العروبة حسب حدود اللغة العربية .
الإسلام العربي لم ينتشر بحدّ السيف فقط، بل بالدعوة والتجارة حتى مشارف الصين شرقاً وأفريقيا جنوباً، وروسيا شمالاً. يقال إنها حضارة عربية ـ إسلامية، نهلت من الحضارة الإغريقية، وحضارات ما قبل الإسلام في بلاد الشام والعراق، لكن ربما الأصح أن يقال إنها حضارة عربية ـ فارسية أساسا.
العرب أعطوا دينهم لبلاد فارس، وأخذوا عنها حضارتها في الإدارة والعمارة والعلوم والثقافة.. وأيضاً في تقعيد اللغة العربية، وفي الشعر العربي، وتنقيط حروفها.. إلخ.
ليس دقيقاً أن الامبراطورية العربية ـ الإسلامية، تقتصر على حقبتيها الأموية والعباسية، أو فرعهما الأندلسي.
بعد معركة القادسية، وسقوط الدولة الساسانية، وسيطرة العرب على بلاد فارس، استمرت حركات التمرد على الحكم العربي في بلاد فارس طيلة القرون الإسلامية الأولى، وخلال حكم الخلفاء الراشدين، ثم الأمويين والعباسيين.
المانوية والزرادشتية، وما لا يحصى من الحركات الدينية والمجوسية كانت جزءاً من حركات التمرد على الفتح الإسلامي، وسيطرة العرب على بلاد فارس.
يعتقد بعض عامة العرب المسلمين السنّة منهم بشكل خاص، أن المذهب الشيعي ـ الإسلامي موطنه بلاد فارس، والحقيقة أن موطنه كان في بلاد الشام، وبخاصة العراق، حيث العتبات المقدسة للشيعة أولاً، وللسنة أيضاً، ومن ثم انتقل التشيّع إلى بلاد فارس، هرباً من الدولة الأيوبية السنّية، التي أسسها صلاح الدين الأيوبي وأولاده، الذي أنهى حكم الفاطميين الشيعة في مصر، ولم ينه الثقافة الشيعية و»موسم الحسين».
يمكن القول، إجمالاً، أن الفرس الإيرانيين الحاليين الشيعة في غالبيتهم، ردوا «الزيارة» على العرب السنّة؛ وأن الأتراك ردوا على الفتح العربي بالامبراطورية العثمانية الإسلامية السنّية.
مع انهيار عقيدة التخوم العربية، وخاصة الانهيارين العراقي والسوري، صارت إيران تتدخل عميقاً في العراق، وبشكل أقل في سورية ولبنان واليمن، مع أن فرق المذهب الشيعي أكثر تعدداً وتفرعاً من المذاهب الإسلامية السنّية الأربعة، لكنها تبدو وقد انضوت تحت راية الشيعة الإيرانية حالياً.
يبدو حزب الله بالذات ذراعاً شيعية إيرانية، وكان ذراعاً إسلامية شيعية عربية، لما كان قائده هو الراحل محمد حسين فضل الله، وشيعة «جبل عامل»، وأخيراً أشاد نصر الله بالعروبة وجمال عبد الناصر، لتدعيم زعامته للشيعة المقاتلة والمعادية لإسرائيل، وميل بعض الدول العربية السنّية الى التحالف مع أميركا وإسرائيل ضد التمدد الشيعي الإيراني.
لا يمكن فهم إيران الحالية، دون فهم الحركات الدينية فيها خلال القرون الإسلامية الأولى، وهو موضوع دراسة غنية بشكل أطروحة دكتوراه قدمها البروفيسور غلام حسين صدّيقي (1905ـ1991) إلى جامعة السوربون بالفرنسية 1938، وترجمت إلى الفارسية، وأخيراً العربية، وصدرت عن «المركز الأكاديمي للأبحاث» ـ بيروت 2013.
لتركيا نموذجها في الديمقراطية الإسلامية السنّية، ولإيران نموذجها في الديمقراطية الإسلامية الشيعية، وللدول العربية السنّية نماذجها في الاستبداد العربي.. ولإسرائيل نموذجها في الديمقراطية اليهودية.
.. هذا هو جانب من جوانب انهيار عقيدة التخوم العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انهيار عقيدة عروبة التخوم انهيار عقيدة عروبة التخوم



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:24 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

اجتماع للحكومه اليمنية للوقوف على الأوضاع الراهنة في تعز

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 01:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة توضح مساعدة الأنظمة الغذائية في التصدي للأمراض

GMT 12:20 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

وزارة التربية الفلسطينية تعلق الدراسة في "رام الله" و"البيرة"

GMT 04:58 2017 الأحد ,01 كانون الثاني / يناير

جاكلين عقيقي تؤكد أن "القوس" من الأبراج الأكثر تفاؤلًا

GMT 19:20 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النجم الفرنسي أوليفيه جيرو يحرز جائزة بوشكاش

GMT 13:49 2019 الخميس ,14 شباط / فبراير

عرض كارولينا هيريرا carolina Herrera 2015
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen