ما بين مزدوجين منسوبة للشاعر البلشفي فلاديمير مايا كوفسكي، وما بين قوسين استبدال كلمة «الشيوعي» بكلمة «العربي»!
هل يمكن استبدال مرور ربع قرن، إلاّ عاماً، على هذه الأوسلو، بمناسبة أيلولية هي رفع العلم الفلسطيني على سارية أعلام دول الأمم المتحدة، أو بمناسبة أيلولية أبعد زمانياً هي المقارنة بين أيلول الانفصال السوري في 28 من العام 1961 والواقع السوري والعربي بعد سبع سنوات عجاف على هذا «الربيع العربي»؟
كان لي من العمر 17 سنة، لَمَّا تلقيت صدمة الانفصال وهي، ربما بحكم العمر، كانت الأقسى عليَّ من صدمة الهزيمة الحزيرانية، وواقع «الربيع العربي».
لا أعرف كيف سيكون واقع الجيل العربي ابن الـ17 ربيعاً حالياً، عندما يبلغ من العمر ما أبلغه الآن من العام السبعيني.
لماذا هذا الخلط بين فشل أوّل وحدة عربية، شعبية ودستورية، بين سورية ومصر؛ وفشل مثلث عروبي للتوحيد قسراً، كما فعل العراق بإلحاقه الكويت به، وفشل آخر إطار مانع لمجلس التعاون الخليجي السداسي، بالأزمة الخليجية مع قطر.
سبق آخر فشل في الخليج، محاولات وحدوية في إطار «اتحاد الجمهوريات العربية» الرباعي (مصر، سورية، العراق، ليبيا) ومن بعد، فشل مشروع الاتحاد المغاربي (تونس، الجزائر، المغرب.. وليبيا، أيضاً)، وها هو مشروع الوحدة اليمانية في مَهبِّ رياح الفشل.
استمرت أول الوحدة الدستورية الشعبية، بعد استفتاء عليها، حوالى ثلاث سنوات ونصف السنة، أي نصف العمر الحالي لهذا «الربيع العربي».
لا أعرف متى أنشد كورال من المطربين العرب أغنية «الحلم العربي»، ومن قبل هذا نشيد «وطني الأكبر».
إلى ماذا أفضى نشيد شعبي عربي مطلع «الربيع العربي» بعد سبع سنوات عجاف؟
بدأ النشيد هذا في شارع بورقيبة، ثم ساحة التحرير في القاهرة، وساحة العاصمة صنعاء، لكن في سورية، بالذات، لم يبدأ في ساحة العباسيين أو الأمويين، لكن في درعا ومن ثم سائر مدن سورية.
سنلاحظ، بسرعة، أن أعنف وأوخم فصول هذا «الربيع العربي» كانت في دول الشعار العروبي الراديكالي ـ الوحدوي، أي: العراق، وسورية وليبيا واليمن.
بماذا يفكّر جيل الشباب العربي، البالغ من العمر الآن 17 سنة، أي جيلي بعد الانفصال السوري؟
أوّلاً، لم تتم هزيمة نظام الاستبداد، وثانياً، يسير المشروع الإسلامي، بعد فشل المشروع العروبي، إلى فشل وفوضى ضاربة، والتمرد الشعبي العربي الأوسع في التاريخ العربي المعاصر، فشل في تحقيق ديمقراطية الدولة القطرية العربية، المهددة بالتفكك مع ذلك!
ما هي العروبة أصلاً؟ إنها عروبة سياسية ـ قومية في بلاد الشام والعراق؛ وعروبة ثقافية في مصر؛ وقبلية في شبه الجزيرة العربية؛ وإسلامية في دول المغرب العربي.
في العام 1978 عقدت قمة عربية في عمّان، وفيها طرح العراقي سعدون حمادي أهم مشروع للوفاق العربي، وهو «عقد التنمية» وصولاً إلى نوع اقتصادي من الوحدة العربية، يمهد لنوع سياسي منها، كما هي حال اتحاد الحديد والصُلب الفرنسي ـ الألماني، الذي أرسى السوق الأوروبية المشتركة، ثم الاتحاد الأوروبي، وعملة «اليورو» واتفاقية «شنجن».. وعلم أزرق مرصّع بنجوم ذهبية يُرفع إلى جانب أعلام الدول الأعضاء.
بعد عام واحد من مشروع «عقد التنمية» العربية، انصرف العراق إلى حربه المديدة مع إيران الإسلامية، وإلى حروب متلاحقة، انتهت إلى مشروع «الدولة الإسلامية» في سورية والعراق، وإلى حق أكراده في الاستفتاء على الانفصال.
لم يتحقق مشروع قومي ـ اقتصادي قديم هو إحياء «الخط الحديدي الحجازي» بين دول الشمال ودول الجنوب، بل حصل في هذا «الربيع العربي» تدخل بعض دول شبه الجزيرة العربية لتخريب دول الشمال العربي، بدعم الحركات الإسلامية الإرهابية المسلحة.
هناك من يعقد مشابهة بين الحروب الأوروبية، بعد الثورة الفرنسية الكبرى، وبين حروب «الربيع العربي».
ربما من الأفضل والأقرب أن نعقد مقارنة بين فوضى ثورة أكتوبر الشيوعية الروسية، من مطلع القرن التاسع عشر، وفوضى الثورة الصينية من «الكومنتاغ» إلى الثورة الصينية الكبرى بقيادة ماو.
هذا زمن نهضة الحضارات القديمة ـ المتجددة في آسيا والعالم، والحضارة العربية ـ الإسلامية كانت آخر هذه الحضارات، وتعثُّرها سوف يستمر عقوداً من السنوات، قبل أن يتبلور مشروع قومي عروبي ـ إسلامي ديمقراطي.
لسبب شخصي، وربما سياسي، انتحر شاعر البلشفية، المتمرد الحالم، فلاديمير مايا كوفسكي شاباً، وقال في إحدى أجمل قصائده:
«سآتيكم في الغد الشيوعي البعيد»
هل تبشر كوابيس الاستبداد والثورات الشعبية، وانتكاسة العروبة إلى الإسلام، بمخاضٍ عروبي نحو غد عربي مشترك ما، يتحقق فيه كورال نشيد «الحلم العربي» أو «لنا مدنيّة سلفت سنحييها وإن دُثِرَت..». الحال العربية في أسوأ حالاتها، وهذا شرط من شروط الصعود الجديد، على منوال: «ليس بعد الليل إلاّ فجرُ مجدٍ يتسامى»؟!
بين ممثل ومخرج
فرح الفلسطينيون بجائرة «أفضل ممثل» من مهرجان البندقية أحرزها المقدسي كامل الباشا؛ وهاجمت وزيرة الثقافة الإسرائيلية المخرج شموليك معوز، لفوز فيلمه «فو كاس تروت» بجائزة «الأسد الفضي».
أرسل تعليقك