آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

طقــطقــة !

اليمن اليوم-

طقــطقــة

بقلم/حسن البطل

عدتُ إلى الطقطقة. هذه عودة ثانية إلى العادة. في الأولى كنتُ أطقطق طيلة 13 عاماً في قبرص. انقطعت عن الطقطقة منذ أوسلو، وعدت إليها منذ عام ونيّف.
لا أعرف ما الذي كان يقلق المتنبي، هذا الفحل الشعري، ودفعه إلى القول: «على قلق كأن الريح تحتي». يقولون في وصف الحالة غير المستقرة «قلقزة» ولعلّها مسمّى آخر للقلق.
في الطقطقة القبرصية، كانت ريح القلق تضربني من تحتي ومن فوقي، ومنذ عام ونيّف، صارت تهبُّ عليَّ من الجهات الأصلية والفرعية.
ما يقلقني، مثلاً، أن هذه القرقعة القطرية «قلقزت» دول العالم بين مع وضد وبين بين؛ بأكثر مما فعلت «الصفقة» الموعودة الترامبية، التي أعادت كل أوراق الحل إلى السلّة الأميركية.
قديماً، قال الشاعر نفسه: لا خيل عندك تهديها ولا مال/ فليسعد النطق إن لم تسعد الحال»، وفلسطين لا يسعفها حتى النطق في هذه القرقعة، بينما تُسعد ادعاء إسرائيل المستجد، منذ هذا «الربيع العربي»، بأن فلسطين ليست القضية المركزية، لا للعرب.. والآن ولا للعجم!
الطقطقة هي صوت حبّات المسبحة بحركة إبهام الكفّ اليسرى أو اليمنى، مستندة إلى اصبع السبّابة، بينما «الانكتابة» الجديدة عدت بنقر أصابع اليدين على مفاتيح الحروف، والانكتابة القديمة التي أمارسها هي أسطرة الحروف على ورق غير صقيل بثلاثة أصابع من أصابع الكفّ، أي الإبهام والسبّابة والوسطى.
تعرفون أن حرف القاف/ في اللسان العربي بالذات، هو أعمق الحروف الحلقية، بينما حرف الميم هو أرقّها لفظاً، وأن «القلق» هو حيرة الإنسان، إن هبّت عليه من الجهات كلها؟
لا أعرف ما علاقة المسبحة وطقطقتها بالديانات، أرضية كانت أم سماوية، لكن في قبرص سألتني زوجة فلسطينية مسيحية لزوجٍ قبرصي: أتعرفون لماذا تعداد المسبحة يكون إمّا 33 حبّة أو 66 أو 99؟ وأجابت من عندها على حيرتنا بالزعم: صُلِبَ السيد المسيح على الخشبة لما كان له من العمر 33 عاماً. طيّب وماذا عن 66 و99 حبّة!
المسبحة القصيرة ذات الـ33 حبّة هي الأكثر رواجاً لكنني في زيارة إلى صنعاء العام 1983 اخترت مسبحة ذات 99 حبّة من العقيق اليماني الأحمر، وخاتم من الفضة اليمانية الخفيفة والمصنوع يدوياً، لأهديها إلى أُمّي.
طقطقت فيها أيّاماً، فانفرطت حبّاتها، وضاعت حبّة واحدة، تعب أخي طويلاً في الشام حتى عثر على ما يُضاهيها.
طقطقت أمي حبّات المسبحة الـ 99 زهاء ربع قرن بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، وما بعد صلاة وصلاة، مترحّمة على أخي الشهيد، وداعية لي بالفلاح.
صرت أطقطق في قبرص بمسابح مختلفة، كانت تضيع الواحدة تلو الأخرى، وعدت للطقطقة في فلسطين بمسابح شتّى تضيع الواحدة بعد الأخرى، أيضاً.
لما خَتْيَرَت أمي، أرسلت لي، عَبر حفيدتها، حصّتي من مسبحة العقيق اليمانية حمراء الحبّات، وكانت 33 حبّة، وكان نصيب أخَوَي الكبيرين مسبحتين مماثلتين.
كما تتوقعون، خبّأت نصيبي في حرز حريز، وصرتُ أطقطق بمسابح صينية تصنيع من زجاج أو بلاستيك، ولما ضاعت مسبحتي الاحتياطية، طقطقت بمسبحة أمي يوماً واحداً، كان كافياً لأتوسّل للحصول على مسبحة أخرى كانت من خشب!
مع حصتي من المسبحة اليمانية أعادت لي أمي الخاتم اليماني الفضي، وبه حجر في حجم عين الذبابة من الياقوت الأثمن من العقيق، وأيضاً سترة زرقاء بحرية كانت الأثيرة لأخي الشهيد، ثم استحلتها ابنتي التي لا تعرف وجه أخي، لكن تحفظ له صورة في منزلها اللندني، كما أحفظ على جدران بيتي في رام الله صوراً للراحلين أبي، أمي، إخوتي الرجال وشقيقاتي النساء.
في زيارتي المقبلة، هذا الصيف أو الخريف، سأهدي ابنتي مسبحة العقيق الأحمر وخاتم الفضة.
منذ عام ونيّف، صرت أسطّر كعادتي بقلم «البغ» على  الورق بأصابعي الثلاث، وأطقطق بكفّ أصابعي اليسرى باصبعين، بدلاً من سيكارة أخرى تلو أخرى!

فرنسا الخامسة، إسرائيل الثالثة !
شارون البدين هو من جعل «حيروت» تحت اسم «الليكود» شرطاً لانضمامه إلى حزب بيغن، ثم شقّ «الليكود» وشكّل «كاديما ـ إلى الأمام» التي كانت أكبر فقاعة حزبية ما لبثت أن «نفّست».
ما الذي يذكّرني بشارون وحروبه وانشقاقه الحزبي؟، ربما ما حصل في فرنسا هذا العام من صعود صاروخي لحزب إيمانويل ماكرون: «الجمهورية ـ إلى الأمام»؟
كان الجنرال شارل دي - غول قد نَشَل بلاده من الفوضى الحزبية وأسّس ما يعرف بـ «الجمهورية الثالثة» الفرنسية، وأرسى ما يعرف بالجمهورية الرابعة الرئاسية، وانتقل من شعار: «جزائر فرنسية تحت البحر» إلى استفتاء على استقلال الجزائر.
بعد نصف قرن من «الجمهورية الرابعة» الفرنسية الرئاسية لا البرلمانية، صعد الشاب ماكرون رئيساً لجمهورية جديدة، ثم أحرز حزبه نصراً ساحقاً في الانتخابات للجمعية الوطنية (البرلمان) على حساب انهيار أحزاب اليمين وأحزاب اليسار الشيوعي منه والاشتراكي.
كانوا، في مرحلة ما، يقولون إن إسرائيل في حاجة إلى دي - غولها الذي يحرّرها من الاحتلال، لكن على كثرة الفقاعات الحزبية التي تتحدّى نتنياهو وليكوده، يبدو أن إسرائيل في حاجة إلى ماكرون إسرائيلي، يؤسّس لإسرائيل الثالثة، بعد إسرائيل الأولى حتى العام 1967، وإسرائيل الثانية الاحتلالية منذ نصف قرن. إسرائيل الإسرائيلية، لا الصهيونية ولا التوراتية.
اسمعوا ماذا يقول نتنياهو: كل المجال الجغرافي يبقى تحت سيطرة جيش الاحتلال. كل المستوطنات تبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
ليس هناك دي - غول إسرائيلي، وليس في الأفق الإسرائيلي ماكرون. هناك أكثر من مارين لوبان إسرائيلية.. حتى إشعار آخر؟
طقطقة مشاريع حلول. طقطقة صفقات من حبّات خشب. طقطقة مسابح.. وطقطقة إسرائيل الصهيونية إلى إسرائيل التوراتية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طقــطقــة طقــطقــة



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen