درج ناس بلادنا، فوق المدارية، على الربط بين الشتاء والمطر، وبين المطر والقرّ. في بلاد أخرى درج الناس، في المنطقة الاستوائية، على الربط بين الصيف والمطر.
تصادف، هذا العام، أن بدأ التوقيت الشتوي مع «رشرشة» السماء زخة مطر للمرة الثانية، ومعه «تلخبطت» الساعة البيولوجية لمدة يومين أو ثلاثة، كحال بدء التوقيت الصيفي.
اللخبطة هذه لا تنفي «وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً»، رغم أن بورصات العالم لا تعترف بالساعة البيولوجية، وكذا المدن الكبرى التي تختلط فيها حركة الحياة ليلاً نهاراً.
اليابانيون أدخلوا حكمتين إلى لغات العالم: «السوشي» إلى أطباق الطعام، وحكمة نسيتها وتعني: الموت من إرهاق العمل.
مع أن الألمان شعب شَغِّيل ومُجِدّ، ولكن ليس بدرجة اليابانيين، وهم يطالبون، الآن، الاتحاد الأوروبي بإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي والشتوي ـ الذي بدأ عندهم كما عندنا بالأمس ـ لأنه يسلب حقهم بالنوم ساعة.
أعتقد أن الألمان، وهم من بدأ التوقيت الصيفي عام 1980، واقتدى الاتحاد الأوروبي بهم في العام التالي. الألمان لا يقيلون، ظهراً أو عصراً، ساعة كما شأن اليونانيين مثلاً، وشأن معظم العرب، أيضاً.
يبدو أن روّاد المحطة الدولية الفضائية مارسوا تدريباً على تطويع ساعتهم البيولوجية، ولا أدري كيف سيقتدي بهم روّاد فضاء قد يسافرون نصف عام قبل الوصول إلى المرِّيخ لاستعماره واستيطانه البشري لاحقاً. يبقى كوكب الأرض هو المائي (سائلاً، جامداً.. وغازياً).
كانت الكهوف بيوتاً للإنسان الأول، ويأوي إليها مع آخر ضوء للنهار مثل الدجاج، ويبدو أنه سيأوي إليها في تابعنا القمري، حيث اكتشفوا مغارة طولها 50كم وعرضها 100متر، ولا أعرف هل هذا في الجانب المضيء أبداً من القمر أو المظلم أبداً منه. المهم أن في القمر بقية من ماء جامد ضرورية كمحطة سفر إلى كواكب أبعد.
ليست كل الكواكب في مجموعتنا الشمسية تدور حول نفسها كل 24 ساعة، ومن ثم سوف تتلخبط الساعة البيولوجية للروّاد المستعمرين من البشر.
آخر اكتشافات طبية عن تأثير الساعة البيولوجية تقول إن أنجح عمليات القلب تجري خلال ساعات بعد الظهر، وليس في الصباح مثلاً.
ما الذي يقلق ماي؟
رئيسة وزراء بريطانيا العظمى، تيريزا ماي، لا يقلقها ضميرها عندما قالت في مجلس العموم إنها لن تعتذر للفلسطينيين عن احتفاء بلادها بمرور قرن على «وعد بلفور» (سيجرى الاحتفال في 7 تشرين الثاني).
كان سلفها العمّالي توني بلير قد رفض الاعتذار عن دوره في إقناع الرئيس بوش بغزو العراق. عندما طولب في بلاده بالاعتذار عن معلومات مضلّلة، عمداً، عن ذريعة السلاح الكيماوي العراقي، التي أدت إلى خراب البلاد والعباد، ونشوء «داعش»، فقد اكتفى بالقول: «آسف». وحده كولن باول اعتذر.
من قبل، كان الرئيس بوش ـ الأب، خلال زيارة لليابان، قد طولب بالاعتذار عن قصف «بلاد الشمس» بقنبلتين نوويتين.. فما كان منه إلاّ أن خرّ مغشياً عليه من على مائدة الخطابات.
أكثر الكلمات المتداولة في بلاد الإنكليز هي «صباح الخير» و»شكراً» و»آسف» وكان بإمكان الست تريزا ماي أن لا تنطق بكلمة «أعتذر» بل «آسف» لكنها أظهرت الافتخار بالوعد، ودوره في إقامة إسرائيل، بعد ثلاثين عاماً منه.
كان مجلس اللوردات البريطاني، قبل ثلاثة أعوام، قد طلب من الحكومة الاعتراف بدولة فلسطين، ومثله مجلس العموم (650 مقابل 12)، ومثله البرلمان الفرنسي، والإسباني، وبرلمان الاتحاد الأوروبي، أيضاً (28 دولة). اكتفت ماي بالقول: ندعم معادلة «الحل بدولتين». ببساطة كان عليها مع افتخارها بوعد بلفور أن تعترف بدولة فلسطين، استجابة لبرلمان بلادها، كما فعلت حكومة السويد.
ما الذي يقلق الستّ ماي؟ أنها على غاية القلق من انتشار التحرش الجنسي في البرلمان البريطاني.
«تخاطر» مع غباي
إليكم حواراً طريفاً دار بين رئيس حزب «العمل» الإسرائيلي، آفي غباي، ونقله محرّر «هآرتس» رفيف دروكر:
آفي غباي: بيقين أنا أؤمن بالله. اليهودي لا يستطيع، في الحقيقة، أن لا يؤمن بالله. هذا صعب.
المحاور دوف البويم: سيكون يهود كثيرون سيقولون لك: أنا يهودي؛ وأنا لا أؤمن بالله.
غباي: أسمع هناك شيء ما فوقنا. هناك من لا يعرفون كيف يسمونه. أيضاً، أنا مع التكنولوجيا الموجودة، وكل ما يتوفر لدينا. هناك ظواهر لا نعرف تفسيراً لها. التلبثة (التخاطر) مثلاً. أنا، قبل أن تتصل زوجتي معي بلحظة أعرف أنها ستتصل.
• بويم: ما الذي تقوله؟
ـ غباي: أعرف قبل لحظتين من اتصالها. أعرف ذلك.
• بويم: هذا جميل جداً. هذا يدل على أن علاقتكما حميمة.
ـ غباي: لا أحد يعرف تفسيراً لذلك. هناك شيء ما خلف الأمور التي نفهمها.
• بويم: هكذا إذاً ترى مفهوم الله.. هل هذا ما تصدقه؟
ـ غباي: نعم.. نعم.
***
لم يعد هناك عاملة «بدّالة تلفون» في نظام الاتصالات الحديث، ولا «دقّت ساعة بغ ـ بن» لكن الله، جلّ جلاله، يذكّر غباي أن زوجته ستتصل به.. قبل لحظة، وعن طريق «التخاطر».
«اليهودية»، أيضاً، تحتل الصهيونية العلمانية أصلاً.
أرسل تعليقك