آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

يراني .. ولا يرى ما أرى!

اليمن اليوم-

يراني  ولا يرى ما أرى

بقلم : حسن البطل

سألني طلال الثاني: "ممّ تخاف؟"، فأعطيته جوابي: "من شياطيني الداخلية.. ليس إلاّ"، وظلّ طلال الثاني يذكرني بما فهمه من معانٍ مختلفة لجوابي "الغريب".. حتى والسرطان بدأ ينهش رأسه؟

طلال الثاني عاد جثة منتفخة، أصلع الرأس، إلى مسقط رأسه في "ميس الجبل"، إحدى أقرب القرى اللبنانية إلى حدود فلسطين.

كان طلال (الذي عَمِل، في طفولته، دليلاً لأوائل الفدائيين في جنوب لبنان) خذل وصيّتي التي أوصيته بها رجلاً وزميلاً أمام "المقر الحربي" لجريدة "فلسطين الثورة" قبل أيّام من خروجنا: تزوّج روضة يا طلال. اذهب إلى قريتك "الميس" عامين أو ثلاثة.. وعندما تتبدل الأحوال، سيكون زواجك بلاجئة فلسطينية من مخيم شاتيلا مُعيناً آخر لك، في نضالك الجديد نحو معنى جديد لـ "التلاحم اللبناني - الفلسطيني".

عَمِل طلال همداني بنصف الوصية. تزوّج من روضة.. ولحق بنا إلى قبرص، وعَمِل مثل ساعدي الأيمن، أي سكرتيراً للتحرير في مجلّة "فلسطين الثورة".. حتى قبل نهاية الشوط بقليل.
ذات صباح، وفي غرفتنا المشتركة، باح لي بسبب خيانته لنصف وصيّتي. قال: عندما خرجتم، فقد لبنان كثيراً من روحه. لم أتعلم المنفى واللجوء مثلكم. لكن "جماعة أمل" جعلت حياتي مستحيلة في "ميس الجبل"، فإمّا أن أنضمّ إلى "حزب الله"؛ وإمّا أن أحمل السلاح ضد أصدقاء طفولتي الذين صاروا في "أمل".. وإمّا أن ألحق بكم.

- أهلاً وسهلاً؟ قلت له. أهلاً بك في وطن مؤقت فلسطيني في المعنى.. وفي المنفى! كان رهاننا -أنا وطلال الثاني- حول هذه النقطة: هل يستضيفني، يوماً، في "ميس الجبل" أم أستضيفه، يوماً بعيداً، في "طيرة الكرمل".

لم يذهب طلال الثاني، اللبناني الشيعي، إلى النسيان، لكن بعد موته تفاقم خوف روضة على مستقبل أولادها، انتهى طلال إلى قبر في بلاده لبنان أقرب ما يكون إلى فلسطين؛ وانتهت روضة وولداها "يزن" و"فادي" إلى لجوء كندي.

.. وأما طلال الأول، السوري، وسكرتير تحرير "فلسطين الثورة" في المرحلة البيروتية، فقد انتهى إلى قبر في مقبرة الشهداء بمخيم شاتيلا، بعد أن شقّت قذيفة كتائبية صدره، وأخرجت قلبه إلى التراب، وقد كان في مهمّة صحافية إلى "تل الزعتر" المحاصَر.

على قبر طلال الأول؛ طلال رحمة، صديق العمر، وضعت وردة، وعلى قبر طلال الثاني سأضع وردة ذات يوم.

* * *
سألني صديق في رام الله "ممّ تخاف؟"، فلم أعطه أيّ جواب. سأعطيه لقارئي: أخاف ملاكين رجيمين (أكرّر: ملاكين رجيمين)، أحدهما ابن زميلي (الراحل) محمد حمزة غنايم في باقة الغربية؛ وثانيهما ابنة زميلي عزت ضراغمة في بيت لحم.

.. وأيضاً، أخاف شيطاناً رحيماً (أكرّر: شيطاناً رحيماً) يُدعى "الانترنت" لماذا؟
لأنّ رأي الزميلين غنايم وضراغمة، وسواهما، في كتاباتي لا يعنيني كثيراً، وأما رأي الابن والابنة فأحسّه ثقيلاً على كاهلي، لا لشيء إلاّ لأنني أتذكّر تأثيرات قراءاتي الأولى عليّ في أوّل سنّ اليفاعة.

فلماذا أخاف هذا "الانترنت"؟
لأسباب عدّة، سأتحدّث عن "الطازج" منها:
أطلّ عليّ، "البروفيسور عبد القادر ياسين"، من جامعة غوتنبرغ السويدية، عبر "الانترنت" برسالة، مطلعها: "سأستغرب إن كنتَ تتذكّرني".

عبد القادر ياسين يلاحقني بمشاغباته التي أتعبتني في بيروت، وأرهقتني في نيقوسيا، ويكاد يقصم ظهر صبري بسؤاله "الساذج": كيف تشعر وقد أنهيت 48 عاماً في المنفى؟ وهل أن "وطن الدولة" أخذ منك "وطن الحلم والمعنى".
* * *

يا زميلي عبد القادر ياسين، إليك جواباً مقارباً؛
ذهب شعبي عميقاً في الطحين، وذهب أصدقاء كثيرون (لك ولي) عميقاً في دمهم، وها أنا أذهب، في الفترة بين فرض طوق ورفعه، عميقاً "في تفاصيل البلاد"!
من دون الذهاب "في تفاصيل البلاد" لن تحسّ بما عناه درويش في أمله أن "نُصاب بالوطن البسيط واحتمال الياسمين".
فقد مات طلال الأول وطلال الثاني، وعشرات الآلاف سواهم، قبل أن نصاب بـ "الوطن البسيط"، ولعلّك، في غوتنبرغ، تستطيع أن تشمّ شيئاً من رائحة الياسمين.. والسلام.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يراني  ولا يرى ما أرى يراني  ولا يرى ما أرى



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen