بقلم - حسن البطل
في مأثور القول إن "رتبة العلم أعلى الرتب". هذا صحيح، لكن رأيي في الصحافة أن رتبة المحرّر والتحرير الجيّد هي الأعلى، ربما خلاف ما هو سائد في كليات الإعلام والصحافة، التي ترى أن القلم الصحافي يبدأ السُلَّم مُحرِّراً، فإلى المقالة الأسبوعية، ثم يتربّع العمود اليومي على قمّة الرتب!
كاتب هذا العمود ليس خِرِّيج كلية إعلام وصحافة، لكنه كان، أوّلاً، قارئاً للكتب والمجلات والصحف، وباشر الكتابة، أوّلاً، في ميدان القصة القصيرة (هل تلاحظون أن بعض الأعمدة اليومية فيها نَفَس القصة القصيرة؟)؛ وثانياً، كتب المقالة العلمية، ثم التعليق الإذاعي اليومي، الذي يختلف مهنياً وأسلوبياً، عن كتابة المقالة الصحافية، فإلى كتابة زاوية الرأي الأسبوعية، ثم العمود اليومي.
عشرون عاماً من العمود اليومي "تعومد" الكاتب، وخسر من مهارة كتابة المقالة، لكن نصف قرن من الصحافة، يجعل المحرر المبتدئ قارئاً جيّداً، ومحرِّراً مجرّباً في الأسلوب الكتابي. ألا يقال إن "الأسلوب هو الكاتب"!
لكل كاتب عمود يومي أسلوب وحرفيّة، والعمود السياسي، مثل الافتتاحية والتعليق، غير عمود مثل أغصان وأفنان شجرة مثمرة أو غير مثمرة "من كل واد عصا"!
أعتقد أن ما يميز صحيفة عن أخرى، هو التحرير أوّلاً، وتبويب صفحاتها ثانياً، ونمط إخراج الصحيفة ثالثة.
لعلّ "الأيام" هذه تمتاز عن رصيفاتها بسهولة تبويب وتقليب صفحاتها وترتيبها أيضاً، وإن تشابهت، إلى هذا الحدّ أو ذاك، صفحتها الأولى مع بقية الصحف اليومية الفلسطينية.
تخصص "الأيام" ما معدّله 8 صفحات لـ"الأيام" الفلسطينية، ومعظمها أخبار من مراسليها، بالأسماء أو غير الأسماء، ووكالة "وفا".
تفرد "الأيام" صفحة واحدة إلى ثلاث لـ"الأيام العربية والدولية" وثلاث أخرى "بانوراما الصحافة" ثم صفحة "آراء الأيام"، فواحدة بعنوان "الديوان" وأخرى "شبابيك" التي هي صفحة التسلية، فإلى أربع صفحات لـ"الأيام الرياضية" وثلاث لـ"أيام الاقتصاد"، وهي عن الاقتصاد الفلسطيني والعربي والدولي.. وتنتهي الصفحات الداخلية بصفحة "العدسة" المصوّرة، وختام تغطية خبرية خفيفة ومتنوعة، مع زاوية "دفاتر الأيام.. التي كانت يومية وصارت متقطعة، واحتلت صورة فوتوغرافية مكان رسمة الكاريكاتير، التي غابت مع غياب الزميل بهاء البخاري. وصفحة أو اثنتان أسبوعياً "أيام الثقافة".
ربما كانت الصفحة الأولى من "الأيام" يتم تحميلها ما فوق طاقتها من الأخبار المختلفة، التي تتراوح بين 16ـ22 خبراً، مع ترحيل معظم بقية أخبارها إلى صفحة خاصة بالتتمّات، وبعض التتمّات لا تتعدّى سطوراً قليلة، كان يمكن للمحرِّرين اختزالها. ماذا أيضاً؟
تعتمد "الأيام" حرفاً طباعياً صغيراً، كان المخرجون يقولون عنه إنه حرف 10 أسود، وأراه شخصياً مرهقاً نوعاً ما للعين، لكنه يكبر قليلاً، أو يصغر قليلاً في صفحة "آراء الأيام"، وفي نظري أن جريدتي تمتاز عن غيرها بصفحة الآراء هذه، وكذا بتغطية جيدة يتولاها ثلاثة محرِّرين رياضيين، ومنها صفحة للرياضة الدولية، وثلاث للرياضة المحلية، تتصدرها فرق كرة القدم المحلية.
ما يسجل لـ"ألأيام"، وباقي الصحف اليومية الفلسطينية، أن مراسليها يغطُّون الأخبار المحلية الفلسطينية متوازنة بين أخبار الضفة وغزة، سواء قبل الانقسام أو بعده.
بعض الصحف العربية الصادرة في عواصم خارجية تفسح المجال الأكبر لمراسليها في تغطية الأحداث العربية والعالمية. هذه تبدو "ميزة" لكنها مقيّدة بسياسة الجريدة في اختيار مراسليها واتجاهاتهم السياسية، بينما تعتمد "الأيام" على مراسلي وكالات الأنباء العالمية، وهم على الأغلب أكثر موضوعية ومهنية وحيادية من المراسلين!
عادةً، لديَّ نسختان يومياً من "الأيام"، أشتري الأولى، وأقرؤها لماماً في المقهى؛ والثانية أحصل عليها مجّاناً من المؤسّسة.
لا يكلف رئيس تحرير "الأيام" كتّاب الرأي فيها، ولا بالذات كاتب هذا العمود، بكتابة موضوع معين بذاته، وهم أحرار في ما يكتبون، ونادراً ما يتدخَّل في كتاباتهم.. إلاّ إذا اشتطوا كثيراً.
لا يعجبني في "الأيام" ومعظم الصحف الفلسطينية والعربية اعتمادها على الإخراج الالكتروني، لأنه أقلّ جمالية من الإخراج القديم، حيث كانت المواد تُصف الكترونياً ويتم الإخراج "يدوياً" باللصق على الماكيت.
جائزة في "إطناب" المديح
أطلقوا "جائزة إحسان عباس للثقافة والإبداع". تكلمت عن جودة التحرير، وهاكم ما ورد في التعريف بصاحب الجائزة في المطوية "البروشور".
بدلاً من القول: كان موسوعة في ميدانه، ورد "ناقد فذ"، و"دارس رفيع"، و"محقق لا يُشقّ له غبار" للذات، و"مؤرخ كبير"، و"مترجم خلاق" و"أستاذ" لا يجود الزمان بمثله، وإنجازه لا تقوى عليه مؤسسات علمية بكامل إمكانياتها.. إلخ.
إحسان يستحق جائزة باسمه، لكن كل هذا الإطناب في مديحه يمكن اختصاره بالاكتفاء بالقول إنه كان مثقفاً موسوعياً في مجاله.
الطريف في إطلاق جائزة ثقافية جديدة، هو أن المستحق الثاني لها نال الجائزة بناءً على "مخطوطة" سيرة ذاتية، لكن هذه السيرة صارت كتاباً في حفل توزيع الجوائز. كم نسخة من المخطوطة بنى عليها بعض أعضاء مجلس أمناء الجائزة منحه لصاحبها؟
في المطوية: تم حجب الجائزة ثلاث دورات، وفي الرابعة مُنحت لاثنين من كتّاب السيرة، وواحد منهما نالها بناءً على مخطوطة صارت كتاباً يوم توزيع الجائزة.
.. تبقى جوائز "مؤسسة القطّان" للشباب هي الأكثر رصانة ومهنية في جوائز فلسطين.
أرسل تعليقك