بقلم : حسن البطل
في إحدى جولاتنا الأولى في القدس الشرقية، بعد عودتنا الأوسلوية، كان دليلنا الزميل القديم إبراهيم قراعين، محرر مجلة "العودة" بشارع صلاح الدين. في موقع مقدسي، ولعله سلوان، أخبرنا بالتالي: كان من أفكار ومقترحات تيدي كوليك، أول رئيس بلدية، بعد الاحتلال والضم، إقامة استاد رياضي لشباب القدس العربية في المكان.
طُويت الفكرة أو المشروع لأسباب من بينها نداء م.ت.ف للمقادسة: قاطعوا بلدية تيدي كوليك. هل أضعنا فرصة صغيرة؟ هذا سؤال من أسئلة كثيرة في صراع القدس القديم ـ المتجدد، لكن استاد فيصل الحسيني في بلدة الرام، بعد حقبة السلطة، كان جواباً في غير مكان القدس الشرقية.
كنّا في إعلام م.ت.ف أوفياء لسياستها وشعاراتها مثل: قاطعوا الانتخابات البلدية في القدس. لكن، وقبل الانتفاضة الثانية كتبت، في هذا المكان، مشكّكاً بنجاعة وجدوى شعار مقاطعة انتخابات بلدية القدس، وبخاصة تصويت سكان بيت صفافا.
في اليوم التالي، زارتني قيادة حركة "فتح" في القدس الشرقية معترضة على ما كتبته. عندما شكوتهم إلى المرحوم صخر حبش، أخبرني أن المسألة موضع خلاف، وأن شخصيات مثل "أمير القدس" المرحوم فيصل الحسيني، ترى ما اراه. البلدية نعم النيابية لا.
في وقت لاحق، اعترض مقادسة على فكرة مشروع طرحه فيصل الحسيني لإقامة منطقة ترفيهية سياحية من مطاعم ومقاه وحدائق قرب مطار قلنديا الدولي القديم في ضواحي القدس الشرقية.
ربما كان الجنرال مردخاي غور قائد احتلال القدس الشرقية والحرم القدسي، أيضاً، ورسالته إلى قيادته، "جبل الهيكل في أيدينا" دخلت التاريخ، لكن بعد أيام من رفع علم إسرائيل على الحرم، أمر موشي ديان بإنزاله، وله قول ـ نبوءة شهيرة: "لنحذر أن تغدو المناطق المدارة جمرة في يد إسرائيل"!
قبل الاحتلال، كانت مساحة القدس الشرقية من 6كم2، وهي الآن، بعد الاحتلال، حوالي 86كم2، ويقال إن الجنرالين غور ونركيس هما من ألحقا 28 قرية فلسطينية بالقدس الموحَّدة ـ المكبَّرة.
الآن، منذ آخر مؤتمر إسرائيلي للأمن القومي طرح فيه زعيم "المعسكر الصهيوني" اسحق هيرتسوغ خطة لترانسفير جغرافي لـ 28 قرية ملحقة بالقدس المكبَّرة، تشكلت حركة "إنقاذ القدس اليهودية" بزعامة الوزير السابق العمالي حاييم رامون، وتضم شخصيات أمنية وسياسية، يسارية وغير يسارية.
لا يصوّت الـ 380 ألفا من الفلسطينيين الذين يحملون هُويّة القدس (مقيم دائم ـ غير مواطن) في انتخابات البلدية، لكن إن فعلوا قد يأتي زمن يكون فيه رئيس بلديتها فلسطينياً.
يشكل حملة هُويّة القدس الزرقاء حوالي 40% من مجمل سكان القدس المكبَّرة، بينهم أكثر من 200 ألف في بلدات تريد الحركة لإنقاذ القدس اليهودية، إخراجهم منها، وجعل مناطقهم منها خارج جدار جديد، ومصنّفة أمنياً C و B لحرية عمل الجيش لا الشرطة فيها.
حسب الخطة تتراجع الديمغرافيا الفلسطينية من 40% إلى 20% أو أقلّ قليلاً، لكن في البلدة القديمة يعيش 27 ألف فلسطيني و6 آلاف يهودي إسرائيلي، وهناك 198 ألف مستوطن في القدس الشرقية في 12 مستوطنة.
هذه الخطة هي ترانسفير جغرافي ـ ديمغرافي ـ عنصري ـ سياسي تذكر بمشروع ايفيت ليبرمان الأوسع نطاقاً لتعديل حدود دولة إسرائيل لإخراج مناطق ذات كثافة فلسطينية (المثلث وأم الفحم وبعض مناطق الجليل) من حدود الدولة وضم الكتل والمستوطنات والغور إليها.
يشكل الفلسطينيون في دولة إسرائيل حالياً خُمس سكانها، وتتوخى خطة ليبرمان خفض هذه النسبة، وحتى إخراج النواب العرب من الكنيست برفع نسبة الحسم للقوائم، وهو مشروع أجهضته الأحزاب العربية بتأليف قائمة مشتركة... والآن يهدد نوابها بترك الكنيست كلها "يهودية" غير "ديمقراطية".
لدى إسرائيل عقدة عنصرية ـ ديمغرافية هي عقدة الخُمس في القدس، وحتى عقدة جغرافية هي توسيع وضم الكتل الاستيطانية والمستوطنات، بما يخفض مساحة دولة فلسطين المزمعة من 22% إلى أقلّ من 20%، لأن مقترحات التبادل الجغرافي المطروحة من جانب إسرائيل هي ضم 6–8% من الضفة مقابل تعويض لا يتعدّى الـ 1-2%.
يقول أنصار إخراج قرى القدس من نطاقها إن إسرائيل ستوفر 3 مليارات شيكل تأمينا وطنيا وطبيا، وهي كافية لإقامة جدار آخر (من قدس بلا أسوار إلى الدولة المسوّرة!).
"يهودية القدس" ديمغرافياً، أو القدس المكبَّرة جغرافياً؟ والمفارقة أن العلمانيين الصهاينة واليساريين هم من يقترح "يهودية القدس" لكن هناك غيرهم من تصوّر القدس المكبَّرة من أطراف البحر المتوسط إلى أطراف بريّة البحر الميت!
إن "حل الدولتين" يتضمن القدس عاصمة دولتين، وهناك 161 دولة تقيم علاقات بإسرائيل، بينها 81 دولة لها تمثيل دبلوماسي، ولا دولة تعترف بـ "القدس المكبَّرة" أو "الموحَّدة" ويعتقد أنصار خطة قدس يهودية 80% يهود و20% فلسطينيون، أن هذا قد يسهل الاعتراف بقدس يهودية مقلّصة، وهذا مجرّد رهان لا يقوم على أساس قانوني، لكن إسرائيل تضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية.
ضحايا المعتمرين !
في وقت قصير تكرر انقلاب حافلة معتمرين في الصحراء الأردنية ـ السعودية ومصرع العشرات في الحادثين.
الأسباب تتراوح بين فنية وميكانيكية وإنسانية، لكن لماذا يسافر المعتمرون بالحافلات؟ وأين المشروع العربي القديم بإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي؟
تصرف السعودية أموالاً لتوسيع الحرم المكي، ودول خليجية ترعى فرقاً رياضية عالمية، وتقيم مشاريع عمرانية عملاقة (الهامش العربي يحكم المركز العربي).
تعرفون أن السكك الحديدية هي الأكثر أماناً بعد الخطوط الجوية، وأنها مكّنت من إقامة الولايات المتحدة، لكن ظل مشروع قطار الشرق السريع والخط الحديدي الحجازي على الورق منذ أن نسفه "لورنس العرب".
الآن، عصر القطارات فائقة السرعة، أو "قطار الرصاصة" ولماذا مع هذه الأموال الخليجية الطائلة يبقى مشروع إحياء وتحديث الخط الحديدي الحجازي على الورق؟.
أرسل تعليقك