آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

«سارين» الكرملين وترامب

اليمن اليوم-

«سارين» الكرملين وترامب

بقلم/وليد شقير

مثل سلفه باراك أوباما، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتمنى لو أن المعارضة السورية لم تكن تملك تلك الوسائل الإعلامية التي تمكنها من توثيق القصف الإجرامي لطائرات النظام السوري لبلدة خان شيخون في ريف إدلب بغاز السارين، والفظاعات التي سببها هذا القصف. ففي 21 آب (أغسطس) عام 2013 أحرج إجرام النظام ظهور حقيقة المجزرة التي ارتكبها في الغوطة الشرقية وبلدة زملكا ومعضمية الشام، وأدت إلى مقتل أكثر من 1400 مواطن سوري الكثير منهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن الآلاف الذين نقلوا إلى المستشفيات.

في حينها أصيب أوباما بالغثيان، ليس حزناً على الضحايا السوريين، بل نتيجة الحرج الذي وقع فيه بفعل تخطي بشار الأسد الخطوط الحمر التي رسمها له، والذي اضطره إلى أن يفكر بالرد على هذا الفعل بعمل عسكري، فيما كان في الاجتماعات المغلقة مع أركان إدارته يتردد في تنفيذه، كما كشف في مقابلته الشهيرة مع مجلة «ذي أتلانتيك» في نيسان (أبريل) 2016، إلى أن أنقذه فلاديمير بوتين من التخبط، عن طريق اتفاقهما على نزع السلاح الكيماوي من سورية، الذي أثبتت مجزرة خان شيخون أنه كان أشبه بمسرحية هدفت إلى إطالة عمر نظام الأسد.

ومن راقب تطور رد الفعل عند إدارة ترامب، وكيف تدرجت تعليقاتها على المجزرة الأخيرة، بدءاً من القول إنها لن تغير موقفها من مسألة بقاء الأسد بفعل «الواقعية السياسية» وإن خيار تغيير النظام ليس موجوداً، إلى قول ترامب نفسه إن الأفعال الشائنة للنظام هي «تجاوز لخطوط حمر كثيرة»، وإنه غير موقفه من الأسد، وتلويح مندوبته في الأمم المتحدة نيكي هايلي بأن بلادها ستتصرف منفردة إذا لم يصدر قرار عن مجلس الأمن يمنع «تكرار» الجرائم، يكتشف مدى تطابق سلوك الإدارتين السابقة والحالية. فترامب اضطر إلى رفع اللهجة بعدما تصاعد رد الفعل الغربي، لا سيما الأوروبي، وبعدما ذرف حليفه المدلل بنيامين نتانياهو دموع التماسيح على الأطفال المقتولين الذين جرى تكديس جثثهم في شاحنات. وفيما وجه ترامب اللوم إلى إدارة أوباما بأنها لم تفعل شيئاً بعد مجزرة عام 2013 على رغم تخطي الأسد الخط الأحمر، جاء من يذكره في الصحف الأميركية، على وقع بث صور أطفال ونساء ورجال يلفظون أنفاسهم، بأنه في ذلك الحين قال في تغريدة على «تويتر»: «الرئيس أوباما، لا تضرب سورية... ووفر ما لديك ليوم آخر». لعب الإعلام الأميركي دوراً في تعديل لهجة الرئيس الأميركي التي بنيت على ما يعتبره «حماقة السذاجة الأخلاقية التبشيرية» في التعاطي مع الوضع السوري، فالمعلقون الأميركيون (مثل توماس فريدمان في «نيويورك تايمز») تحدثوا عن «سذاجة» توجهات ترامب بإعطاء الأولوية لضرب «داعش» من دون إيلاء أهمية لدعم روسيا وإيران الأسد ودورهم جميعاً في بروز التنظيم.

هاجم ترامب أوباما ليبرر لنفسه انتهاج الأسلوب ذاته.

السلوك الروسي هو ذاته أيضاً، مقارنة بمجزرة الغوطة قبل 4 سنوات. حينها ادعت موسكو أن أقمارها الاصطناعية التقطت صوراً لإطلاق صاروخين على الغوطة من منطقة دوما، ثم ما لبثت الكذبة أن انكشفت.

فالكرملين يبث غاز «السارين» في المشهدين الإعلامي والسياسي ووسائل التواصل الاجتماعي والأروقة الديبلوماسية، لتسميم الحقائق التي تسوغ له مواصلة دعمه النظام على رغم هجومه على خان شيخون، كما أعلن بفجاجة.

هجوم الطيران السوري بغاز السارين الأخير سبقته هجمات موثقة بغاز الكلور عامي 2014 و2015 شملت حلب. واستسهال الأسد تكرارها يعود إلى تصريحات السفيرة هايلي الأسبوع الماضي ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، بأن إزاحة الأسد ليست أولوية، في وقت كان الانتقال السياسي على طاولة مفاوضات جنيف5. وهذا ما جعله يثق بنفسه أكثر. وواشنطن حملته على أن يختبرها.

هل يغير ترامب موقفه فعلاً، أم أن التعديل اللفظي لمواقفه، بالحديث عن أن «روسيا مشكلة» كما قالت هايلي، هدفه التغطية على التحقيقات التي يجريها الكونغرس الأميركي بصلاته مع الروس قبل الانتخابات الرئاسية ثم قبيل تسلمه مهماته، عبر قنابل دخانية لها مفعول جزيئيات «السارين» لإطفاء تأثير فضائح تلك الاتصالات؟
ثمة من يعتقد أن الرئيس الأميركي يحتاج إلى أكثر من الظهور بمظهر المختلف مع بوتين حول سورية، كي يتخطى أزمة التحقيقات مع فريقه، أي إلى تغيير حقيقي. وسواء صح هذا أم ذاك من الاستنتاجين، فإن السارين الحقيقي يقتل السوريين، والآخرون يتلاعبون بالنتائج، وموسكو تستفيد من ارتماء الأسد في حضنها أكثر قياساً إلى طهران.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سارين» الكرملين وترامب «سارين» الكرملين وترامب



GMT 08:43 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

عيون وآذان (أخبار مهمة أضعها أمام القارئ)

GMT 05:03 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أميركا ـ إسرائيل: انبعاث الخرافيّ

GMT 00:02 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الحضور الروسى فى الشرق الأوسط ..معناه وأهدافه

GMT 05:28 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلمة فى الكونجرس!

GMT 08:14 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بأى حال جئت يا نوفمبر الأمريكى؟!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen