آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

البقاء الأميركي في سورية الروسية

اليمن اليوم-

البقاء الأميركي في سورية الروسية

بقلم : وليد شقير

لم يبق الكثير من قمة هلسنكي بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب بعد تصريحات مستشار الأخير جون بولتون عن بقاء القوات الأميركية في سورية.

وإذا لم تحصل مفاجأة من النوع الذي اعتاد ترامب أن يتحفنا به، بأن يصدر قراراً بسحب قواته من بلاد الشام من دون سابق إنذار، فإن الإعلان الأميركي عن بقاء هذه القوات يشكل انقلاباً على تأكيده قبل أشهر أنه يريد انسحاباً في أسرع وقت، وعلى تحضيرات طلبها لتنفيذ وعده هذا في موعد قيل إنه في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل كحد أقصى.

وإذا كان بولتون ربط الانسحاب الأميركي بهدفَي الحؤول دون استعادة "داعش" زمام المبادرة، والعودة إلى السيطرة على بعض المناطق، وضمان الانسحاب الإيراني من سورية، فإن موسكو احتاطت لما بعد تفاهمات هلسنكي بأن الدعوة إلى الخروج الإيراني يفترض أن تصدر عن النظام السوري، وأن القيادة الروسية ليست قادرة على إجبار إيران على الانسحاب. فُهم من هذا الموقف في حينها أنه عندما يطلب القيصر من بشار الأسد إصدار بيان يطلب فيه انسحاب القوات الأجنبية، ومنها الإيرانية، لن يتردد في ذلك.

حين مهد بوتين لهذا الاحتمال في محادثاته مع الجانب الإيراني، بحجة الموافقة الأميركية على بقاء الأسد في السلطة مقابل انسحاب طهران، يبدو أنه لم يهمل نصيحة مستشار المرشد علي أكبر ولايتي بأن يستخدم ورقة الانسحاب الإيراني من أجل الحصول على انسحاب أميركي وتركي أيضاً.

وبمقدار سعي موسكو إلى الإفادة من تسليم ترامب بأن لها اليد العليا في سورية، وأنه مستعد لعقد صفقة معها، ففي واشنطن ما زال رجال البنتاغون وبعض الخارجية والاستخبارات عند قناعتهم بأن روسيا "عالقة" في سورية، وهي العبارة التي رددها بولتون أول من أمس. هؤلاء يدعون إلى الإفادة بدورهم من حاجة الكرملين إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، لأنه مقتنع بأن ولوج الحلول للأزمة السورية وإعادة النازحين وإعادة الإعمار... غير ممكنة من دون هذا الاتفاق. واشنطن باتت تأخذ بنصيحة بعض خبرائها في المنطقة حول ذلك مستعينين بالمثل القائل: أنت حطّمتها. أنت أصلحها وخذها... وروسيا ليست في وارد تحمل كلفة "إصلاحها"، بل تريد إغراء دول الغرب كي تنفق الأموال على إعادة الإعمار عبر خطتها لإعادة النازحين، فيما هذه الدول تشترط حلاً سياسياً وفق القرار 2254.

على صحة القول إن سورية ليست أولوية عند ترامب، لا تقل صحة القناعة بأن الوجود الإيراني في سورية أولوية لإدارته من باب ضمان أمن إسرائيل، وفي ظل العقوبات ضدها للحد من نفوذها الإقليمي، فضلاً عن استمرار وجود "داعش" في بعض مناطقها. والقوات الأميركية ترصد منذ أشهر، وبعد الإعلان الروسي والعراقي الانتصار على تنظيم "الدولة الإسلامية" وجود مقاتليه في مناطق البادية وغيرها، والمعلومات الاستخبارية الأميركية تتحدث منذ مدة عن استعادة التنظيم مناطق كان خرج منها. حجة "داعش" ما زالت قابلة للاستخدام لدى كل الأطراف للبقاء على استنفارها الأمني والعسكري. فلماذا لا يستخدمها الأميركيون مجدداً إذا كان الروس والنظام والإيرانيون والأتراك يستخدمونها لمواصلة العمليات العسكرية على الأرض السورية؟ ما حصل في محافظة السويداء مثل على استثمار مجازر "داعش" من قبل النظام والروس، لجلب مناطق إلى بيت الطاعة.

وإذا كان الجانب الروسي يرصد وجود نحو 20 قاعدة عسكرية أميركية لما يقارب 2500 جندي من القوات الخاصة، في مناطق التواجد الكردي وخارجها، أبرزها التنف على الحدود مع العراق، ، فإن هذه القوات قابلة للتخفيض، على نمط التخفيض الذي سبق لبوتين أن أعلنه بعد تأكيده النصر على "داعش" مطلع هذا العام، لتعود الشرطة الروسية فتتكاثر على الأرض والطائرات في الجو بعد أسابيع قليلة.

مع أن بولتون أكد عدم الاتفاق مع روسيا على طريقة استعادة إدلب من المعارضة وإخراج "النصرة" منها، فإنه عارض استخدام السلاح الكيماوي فيها ولم يرفض العمل العسكري. بقاء القوات الأميركية مؤشر إلى أسلوب أميركي جديد بعدم تكرار تجربة الانسحاب الأميركي من العراق بلا نتائج سياسية، ومن دون التورط على الأرض أكثر وخوض المزيد من الحروب، بل على العكس، التمهيد لصفقة مع موسكو، حتى المتشدد بولتون يريدها. والتوصل إليها يتطلب الاحتفاظ بمناطق النفوذ في شمال شرقي سورية، وتأمين الحماية للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والمساعدة على إعادة الإعمار فيها، وتأمين صمود مواردها المالية... بموازاة "التعايش" مع بقاء الأسد، إلى حين نضوج أي اتفاق بين الدولتين الكبريين، ليتبادلا التنازلات.

المصدر: جريدة الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البقاء الأميركي في سورية الروسية البقاء الأميركي في سورية الروسية



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen