آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الجمباز الروسي في سورية

اليمن اليوم-

الجمباز الروسي في سورية

بقلم-وليد شقير

لم ينته اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نتائج واضحة تتبنى فيها واشنطن الخطة الروسية لإقامة مناطق تخفيف التصعيد الأربع في سورية، والتي اعتمدت في اجتماع آستانة. بدلاً من التبني الأميركي لهذه الخطة التي أقل ما يقال فيها إنها غامضة، طالب ترامب شريكه الروسي بأن "يكبح نظام بشار الأسد وإيران ووكلاءها".

ولم يتحقق لموسكو ما دأبت على القيام به مع الإدارة الأميركية منذ أيام باراك أوباما: اتفاقات لوقف النار منذ نهاية عام 2015 كانت تخرق بأبشع أنواع القصف التدميري من الطيران الروسي وطائرات النظام الذي خلف مجازر وإخراج مستشفيات من الخدمة عن سابق تصور وتصميم، تحت عنوان استهداف "داعش" و "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام)، من أجل القضاء على المعارضة المعتدلة كي لا تشكل بديلاً من رأس النظام الحاكم، وجلبها ضعيفة إلى التفاوض وفق شروطه.

ومنذ بداية عام 2016 نظم الروس أكثر من اتفاق لوقف النار والأعمال القتالية (26 شباط/ فبراير) وجروا وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري إلى الموافقة عليه في شكل ثنائي وكي تساهم واشنطن في الضغط على المعارضة لتنفيذه بشتى الوسائل مع تسليم كامل للجيش الروسي بأن يواصل عملياته، ومن دون اشتراط ضبطه إيران على الساحة السورية، في إطار تفاهم غير مكتوب بين إدارة أوباما وبين طهران على عدم معاكسة سياستها في سورية والمنطقة، حرصاً على استمرار حسن تنفيذ الاتفاق على النووي. والمعلومات المسربة عن الخطوات التي تزامنت مع "النووي" أشارت إلى الإفراج عن سجناء إيرانيين دينوا بأعمال إرهابية أو بخرق الحظر على توريد معدات للبرنامج النووي وصرف أموال محتجزة.

أما في شأن اتفاق آستانة الأخير، فإن سعي موسكو إلى نيل غطاء مجلس الأمن لتطبيقه، كما فعلت حين وافقها أوباما على استصدار قرار "وقف النار" المسخرة في شباط 2016، فإنه يواجه تحفظ الدول الغربية في مجلس الأمن نظراً إلى التجارب السابقة. فمنذ صدور القرار 2254 آخر 2015 (والذي أطلق ما يفترض أنه العملية السياسية في جنيف) حتى الآن، اقتصرت القرارات الدولية الصادرة على معالجات أمنية جاءت كلها نتيجة العمليات العسكرية الروسية- الإيرانية- الأسدية، لا أكثر. وآخرها احتلال حلب (القرار 2328)، ففي كل مرة ترعى موسكو ترتيبات أمنية كانت تتبعها هزيمة للمعارضة.

من الطبيعي أن ترتفع علامات الاستفهام بعد اتفاق آستانة الأسبوع الماضي حول المناطق الأربع. بل أن الأدهى هذه المرة أن تكون القيادة الروسية تهدف إلى تحويل إطار آستانة الأمني إلى بديل لإطار جنيف السياسي الذي يستند إلى بيان جنيف الشهير (عام 2012) وصلبه بحث الانتقال السياسي.

لو كان الجانب الروسي جدياً في الحلول للأزمة السورية لما استخدم عناوين ملتبسة للاتفاقات التي يرعاها. فالقادر على التهدئة يمكنه فرض وقف النار الدائم.

التشكيك بالنوايا هنا ليس صعباً. فكيف ترعى روسيا اتفاقاً لتهجير أهالي بلدة برزة في دمشق، غداة مذكرة آستانة التي تنص بين بنودها على "تهيئة ظروف العودة الآمنة والطوعية للاجئين"؟ وكيف يستوي ذلك مع تحضيرات لتهجير أهالي القابون (تقع في إحدى المناطق الأربع)، التي أعلن مسؤولو النظام أنها ستكون الخطوة التالية؟ تحت مظلة آستانة يقضم النظام مناطق التهدئة المفترضة، بتشجيع من إيران، والتهاء تركيا عن ممارسة دورها، بخوض معركة الاحتجاج على تسليح الولايات المتحدة الأكراد في الشمال، على رغم أنها واحد من رعاة الاتفاق الثلاثة. وبشار الأسد يكرر أنه مصمم على بسط سيطرته على سورية وأنه سيعيد النازحين، بعد إعادة الإعمار! وهو ما يعزز الاعتقاد السائد بأن موسكو وأنقرة وطهران تتقاسم مناطق النفوذ عبر المناطق الأربع، ما يؤسس لحروب مفتوحة بين هذه المناطق.

كانت حجة موسكو سابقا أن إدارة أوباما غير جدية في الاتفاق معها على سورية، وأنها تصوغ اتفاقات مرحلية مع جون كيري في انتظار الإدارة الجديدة، وإذ بها تتعاطى مع ترامب بالأسلوب ذاته. أما حجتها الآن، فهي العمل على إقناع ترامب بدورها الوسيط بينه وبين القيادة الإيرانية، فيما الرئيس الأميركي يتهيأ لزيارة المملكة العربية السعودية للتنسيق معها في ضرب الإرهاب و "داعش" ومواجهة تمدد إيران الإقليمي.

محاولة القيصر التوسط بين طهران وخصومها سبق أن فشلت حين تنطح لهذا الدور بالعلاقة مع دول الخليج، التي أبلغته أنها لن تلدغ من الجحر مرة أخرى. هل باتت موسكو عاجزة في سورية، فتبقي أزمتها معلقة، ونزيفها مستمراً، باعتمادها نوعاً من الجمباز السياسي؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمباز الروسي في سورية الجمباز الروسي في سورية



GMT 05:41 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

حرب دبلوماسية بين بريطانيا وروسيا

GMT 05:49 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

(ترامب وماكرون وسورية في بريد القراء)
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen