بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
سأبدأ بقصتين، بطلاها شقيقان من سوريا، ثم من العراق.
جاء على مواقع التواصل الاجتماعى ما يلى:
«وأنا فى السوبر ماركت من شوية.. كل الناس بتشترى فسيخ ورنجة وسردين.. واحدة سورية واقفة تحاسب ومعاها بناتها صغيرين واقفين سادين مناخيرهم من ريحة طبق سردين محطوط.. الكاشير بص لهم وضحك وبيديهم لبان وبيقول هم.. «إيه ماعندكمش فسيخ وسردين فى سوريا».. البنت الصغيرة سنها لا تتجاوز 8 سنوات، نطقت بكلمتين ما يستطيع أن ينطقهم أكثرنا فلسفة وحجة، وقالت: «ما عاد عندنا سوريا من الأساس.. بس تيجى هى، وعم ناكل فيها التراب، ما راح نقول لاء».
سهم الله نزل علينا كلنا وكأن على رؤوسنا الطير.. لحد ما قلت لها «يا حبيبتى انتى هنا فى بلدك وأكتر»، ردت أمها وقالت: «تكرم.. ربنا يحميها مصر إلكو وإيلنا ويهدى اللى عم بيحاول يخربها»..
لحظات مؤلمة عليا، فما بالكم على الست وأولادها».
كتب مواطن عراقى عن أسباب رغبة الكثيرين فى الهجرة من العراق، رداً على من يقول لهم «الوطن ليس غرفة فى فندق نغادرها حين تسوء الخدمة»:
«الناس تغادر الفندق وتقفز من الشبابيك والبلكونات حالياً وتخاطر أنها تقع وتنكسر رقابهم ليس بسبب الأكل ما به ملح، أو الشوربة اللى يقدمها الفندق باردة أو الكيك ليس به ما يكفى من كريم. لا الناس تغادر الفندق لأسباب أكبر:
الفندق فيه طوابق مشتعلة بيها النار، وإدارة الفندق ما تستخدم رجال إطفاء وإنما يبصقون على النار حتى تطفى.. والنار ستصل إلى غرفتك وتشويك أنت وأهلك وأنتم على قيد الحياة.. وإذا تقترح أى اقتراح تطفى بها النار، أو أنهم هم سبب هذه النار، سيتهمونك أنك أنت الذى أشعلتها.. ومطلوب منك أن تبصق معهم على النار حتى تنطفئ، وإلا أنت جبان!!»
انتهى الاقتباسان.
ومنهما أستخلص عدة أمور:
أولاً، الحمد لله على نعمة الوطن. الوطن مثل الصحة تاج على رؤوسنا لا نعرف قيمته إلا حين نفقده. كنت فى الماضى أستشعر ذلك من أشقائنا الفلسطينيين والصوماليين، الذين كنت ألتقيهم خارج مصر، ولكن الهم زاد، ففقد أشقاؤنا أوطاناً لثلاثية الأسباب: أخطاء الحكام، مؤامرات المتآمرين، ضعف المناعة الفكرية والثقافية عند قطاعات من الشعوب.
ثانياً، تقول بعض التقديرات إن مصر بها خمسة ملايين لاجئ من دول عربية وأفريقية، ولكن أياً منهم لا يعيش فى مخيمات وإنما هم يعيشون بيننا ومعنا، يعانون ما نعانى، ويستفيدون مما نملك.
ثالثاً، مشاكل مصر العشر هى أسوأ ما فى وطننا، لكنه وطننا. هذه المشاكل هى العدو الحقيقى لنا: الجهل، الفقر، المرض، الفساد، الاستبداد، الادعاء، البطالة، الإرهاب، الإهمال، الإنجاب بلا حساب. ولا أعرف لماذا لا يكون هذا الكلام جزءاً من حملة قومية توعوية، لتوضيح هذه المخاطر وكيفية مواجهتها. لا بد أن يكون الشعب فاعلاً فى بناء الوطن، وليس مفعولاً لأجله.
رابعاً، الحمد لله على نعمة الوطن. الحمد لله على نعمة الوطن. الحمد لله على نعمة الوطن.
أرسل تعليقك