آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ماذا لو فشل إرهاب الإرهاب؟

اليمن اليوم-

ماذا لو فشل إرهاب الإرهاب

معتز بالله عبد الفتاح
بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

شئنا أم أبينا، سيواجه العالم السؤال السابق مع هذه الموجة الإرهابية الداعشية.

استقر عند كثير من الدول الديمقراطية مقولة «لا تفاوض مع الإرهابيين أو من يهددون باستخدام العنف ضد المواطنين السلميين»، أى سنظل نقاتلهم ونطاردهم ونسجنهم حتى نقضى عليهم.

بعبارة أخرى: الديمقراطيات لا ينبغى أن تقدم تنازلات معلنة فى مواجهة الإرهاب أو مستخدمى العنف أو المهددين به، ولا أن تعطى مكافآت للإرهابيين مهما كانت أسبابهم أو مبرراتهم.. لماذا؟

عادة تكون حجج هؤلاء فى ثلاثة اتجاهات: أولاً التفاوض يعطى شرعية للإرهابيين، كما يعطى لاستخدام العنف وللتهديد به وزناً سياسياً أعلى كأداة مشروعة. ثانياً، التفاوض مع الإرهابيين يعطى إشارة سلبية إلى أن الراغبين فى التغيير السلمى لن ينجحوا إلا إذا لجأوا للأساليب العنيفة أو التهديد بها. ثالثاً التفاوض مع الإرهابيين ينال من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ومحاصرته.

السطور السابقة تلخص المواقف المعلنة لعشرات الدول التى تتبنى المبدأ نفسه، بل الذى أقرته العديد من تقارير الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن بشأن قضايا مشابهة.

لكن على أرض الواقع، وهذه واحدة من معضلات السياسة، أن المعلَن يمكن -بل ينبغى أحياناً- أن يتعارض مع الممارَس فعلياً، الحكومات الديمقراطية تتفاوض سراً مع الإرهابيين. وظلت الحكومة البريطانية حريصة على مسار تفاوض سرى مع الجيش الجمهورى الأيرلندى الذى كانت تصفه بأنه إرهابى. بل زاد التفاوض بعد أن قام بعض التابعين له بشن هجوم شديد على مقر الحكومة البريطانية فى 10 داوننج ستريت فى عام 1991.

بل إن الحكومة الإسبانية تفاوضت فى عام 1988 مع حركة «إيتا» الانفصالية، التى كانت تصفها الحكومة الإسبانية بأنها حركة عنصرية وانفصالية وإرهابية، فقط بعد ستة أشهر من قتلها نحو 21 مواطناً إسبانياً فى هجوم إرهابى على سوبر ماركت.

وإسرائيل التى تزعم لنفسها أنها «أكثر دول العالم تعرضاً للإرهاب» وجدت أنه من الضرورى أن تتفاوض مع من تعتبرهم «إرهابيين» فى عام 1993 بما أفضى إلى اتفاق أوسلو.

إذن، هناك انفصال واضح بين المعلَن والممارَس فى مسألة عدم التفاوض مع الإرهابيين والمهددين باستخدام العنف. وهو انفصال تضطر إليه الدول لأنه يقلل من السلبيات الثلاث المشار إليها ويسمح لها فى الوقت نفسه بالتفاوض عبر مسارات غير رسمية لتعظيم مصالحها.

وحين درس بعض المتخصصين فكرة «إرهاب الإرهاب»، أى إرهاب الدولة للإرهابيين، وبالتالى ردعهم أو القضاء عليهم، وجدوا أن الإرهاب كالسرطان لا تكاد تسعى لقتل خلية سرطانية إلا وتجد نفسك بالضرورة إما تصيب أخرى بالسرطنة أو تقضى على خلية أخرى سليمة.

وقد سعيت للتدخل موضحاً الأمر لمن بيدهم الأمر لطلاب فى التعليم الثانوى خرجوا فى مظاهرات فتم القبض عليهم وأخذوا تجديد حبس أياماً وراء أيام، وهم الآن فى السجن مع مجرمين متنوعين، وسيخرجون من السجن وقد فاتهم الكثير من أيام الدراسة، وقد يكتسبون قيماً وعادات مضرة بهم نفسياً وذهنياً على المدى الطويل. والملاحظ كذلك أن الكثير من ذويهم، ممن هم أصلاً كانوا معارضين لحكم الإخوان، أصبحوا أكثر نزوعاً نحو الخروج فى مظاهرات احتجاجاً على احتجاز ذويهم أو أصدقائهم، ويتعرض هؤلاء للضرب والإهانة وما هو أكثر فيزدادون تطرفاً. وكما هو معروف غابة التطرف هى التى تنمو فيها شجرة الإرهاب. ومن يفكر على المدى الأطول قليلاً سيكون مطالباً بمنع الأكسجين السياسى عن الوصول إلى غابة التطرف حتى لا تنتج إرهاباً لا نريده. إذن:

أولاً، المعلَن ينبغى أن يكون أنه لا تفاوض مع أى إرهابى أو شخص يهدد المجتمع بالإرهاب قولاً واحداً، ولا مجال لتقديم أى تنازل من أى نوع فى أى اتجاه.

ثانياً، الفعلى هو أنه سيكون هناك تفاوض تقوم به أجهزة أمنية عليا، بالتعاون مع وسطاء، على قاعدة أن هؤلاء مواطنون أخطأوا خطأً جسيماً فى حق الوطن، ولن يفلتوا من العقوبة مهما حدث، إنما النظر فى تخفيف العقوبة ممكن فى ظروف استثنائية مع تعهدات واضحة وملزمة بالامتناع عن العمل السياسى تماماً والتعاون فى كشف الخلايا الإرهابية ومصادر تمويلها وأماكن تجمعها.

المصدر : صحيفة الوطن

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو فشل إرهاب الإرهاب ماذا لو فشل إرهاب الإرهاب



GMT 09:45 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

فرصة غنيم

GMT 02:50 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

قرار شجاع ولكن

GMT 23:18 2019 الأحد ,03 شباط / فبراير

حقوق الإنسان

GMT 01:45 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

لماذا لم نعد نخاف؟

GMT 04:16 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

بطولات وسط المحنة!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen