بقلم : معتز بالله عبد الفتاح
فى مقال بعنوان «السعودية ومصر تحالف لا بد منه» كتب الأستاذ فهد الخيطان فى جريدة الغد الأردنية تحليلاً جيداً لموازين القوة فى منطقتنا.
يقول الأستاذ فهد: التحالف الاستراتيجى الذى خط البلدان أوراقه قبل أشهر بات حقيقة ملموسة، يصعب بعدها التفكير بضرب أوتار العلاقة الوثيقة بين الرياض والقاهرة.
كان وقع الزيارة على خصوم السيسى من حلفاء السعودية ثقيلاً ومحبطاً؛ تبدّى ذلك فى التغطيات الإعلامية الشحيحة لنشاطات خادم الحرمين فى مصر.
عمل المحور القطرى التركى خلال الفترة السابقة على احتواء التقارب السعودى المصرى، وتظهير الخلافات فى سياسة البلدين حيال ملفات مهمة بالنسبة للرياض كالملف السورى، وتأليب الرياض على النظام المصرى. كما بُذلت محاولات كثيرة لمد جسور العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين فى مصر والقيادة السعودية. وكان الرهان كبيراً فى بعض الأوقات ببعث تحالف واسع يجمع السعودية وتركيا وقطر وحركات الإسلام السياسى وفى مقدمتها جماعة الإخوان، لخنق لنظام السياسى، وقطع شريان المساعدات السعودية والخليجية عنه. وتكفلت وسائل إعلام بعضها محسوب على السعودية فى حملة تعبوية لدفع الرياض إلى التخلى عن نظام السيسى، والتشكيك بمواقفه حيال القيادة الجديدة فى السعودية.
وفى مرحلة من المراحل نجحت هذه الحملة بتوتير العلاقة بين الرياض والقاهرة، لكن متغيراً إقليمياً كبيراً دفع بالقيادة السعودية إلى مراجعة حساباتها وإعادة ترتيب أولوياتها وتحالفاتها. والمقصود هنا الخطر الإيرانى فى التوصيف السعودى بوصفه التحدى الأكبر، ودخول السعودية وإيران مرحلة المجابهة المباشرة، وعلى كل الجبهات.
إزاء ذلك لم يكن أمام الرياض من خيار سوى التشبيك مع مصر بصرف النظر عن تباين المواقف حيال الأزمة السورية وأزمات أخرى. مصر الدولة العربية الأكبر، ومن دونها لا يمكن للعالم العربى أن يقف على قدميه فى مواجهة إيران.
اليمن كانت جسراً للتعاون السعودى المصرى، وعليه سارت القيادة السعودية نحو بناء جسور العلاقة الوثيقة مع القاهرة.
وفق هذا التصور السعودى تغدو قضية الإخوان المسلمين تفصيلاً صغيراً لا يجدر التوقف عنده، خاصة أن الجماعة اتخذت من تركيا حليفاً وراعياً لها.
القيادة التركية التى عملت بجد لتعزيز علاقاتها مع السعودية، وسعت جاهدة لتوسيع الفجوة بين القاهرة والرياض، لن يكون أمامها من خيار سوى القبول بالأمر الواقع، وعنوانه: «الرياض لن تغامر بخسارة مصر مقابل تركيا». وفى مرحلة لاحقة قد تضطر القيادة التركية إلى التخفيف من حدة الأزمة مع القاهرة، إذا ما رغبت فى كسب ود السعوديين.
بعد الزيارة التاريخية لملك السعودية إلى القاهرة، نشهد ولأول مرة استعادة أسس محور عربى كان حاضراً بقوة قبل ثورات الربيع العربى، وركيزتاه الرياض والقاهرة، إلى جانب الأردن والإمارات العربية، والبحرين، وليس بعيداً الكويت.
وليس من معيق لاستعادة زخم العلاقات بين أطراف المحور المذكور سوى الأزمة السورية؛ عقدة المنطقة وتحالفاتها، وفى حال مضت مفاوضات جنيف على سكة الحل السياسى، فإن روحاً «قديمة» ستنبعث فى المنطقة.
أرسل تعليقك