آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

أميركا ووحدة سورية

اليمن اليوم-

أميركا ووحدة سورية

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

وصلتنى رسالة تحوى مقالاً مترجماً كتبه جوناثان ستيفنسون، وهو زميل أقدم فى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، فى صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «خطورة فكرة التقسيم السورى»، استهله قائلاً إنه بغض النظر عما ستؤول إليه المباحثات الجارية بشأن الانتقال السياسى، من الصعب تصور أن تعود سوريا إلى حدود ما قبل الحرب كدولة موحدة. ولذلك، بدأ المفاوضون يقترحون فكرة مختلفة بصورة جذرية، وهى التقسيم. ففى حديثه أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الشهر الماضى، ألمح وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ضمنياً إلى أنه حال فشل المفاوضات الحالية الرامية لفرض هدنة وتسوية سياسية فى سوريا، يمكن أن يغدو التقسيم خطة بديلة. وقد اقترح الروس علناً حلاً فيدرالياً، ويزعم أحد الدبلوماسيين فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن فكرة منح الحكم الذاتى لمناطق مختلفة فى سوريا بدأت تجذب اهتمام القوى الغربية الكبرى.

ويقول الكاتب إن التقسيم لا يعد الحل الأمثل بأى حال من الأحوال؛ نظراً إلى أنه يعنى الرضوخ لوحشية الرئيس بشار الأسد وتجاهل اعتراضات المعارضة، ويتطلب عمليات نزوح داخلية للسكان على أسس طائفية، وربما التنازل عن بعض المناطق لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقد لا يؤدى التقسيم أو النظام الكونفيدرالى إلى إنهاء الحرب الداخلية والكارثة الإنسانية المصاحبة لها، فى حين سيسمح بوجود دويلة يقودها الأسد يمكن أن يواصل «داعش» حشد صفوفه من أجل إسقاطها، ودويلة سنية قد يسعى العلويون لتقويضها. ويشير الكاتب إلى أنه للتقسيم الناجم عن الحرب سمعة مشكوك فيها: ففى كوريا وألمانيا على سبيل المثال، اشتمل على العزل الوحشى لعدد هائل من السكان ومهد الطريق لحروب كبرى فى المستقبل. ويمكن أن يقود التقسيم فى ظروف استثنائية إلى استقرار وأمن نسبى طويل الأجل، كما فى قبرص وأيرلندا الشمالية والبوسنة. ولكن التقسيم جاء بنتائج إيجابية فى هذه الحالات الثلاث بسبب الدور الذى قامت به أوروبا فى إرساء السلام والاستقرار وتعزيز أهمية السيادة الوطنية المفترضة، والأهم من ذلك هو غياب أى تحركات استفزازية خارجية. ولا ينطبق أى من ذلك على الوضع السورى. فقد نشبت الحرب السورية فى منطقة حافلة بالمشكلات والتحديات والنزاعات؛ ولم تتمكن جامعة الدول العربية من تخفيف حدتها؛ وتفاقم الصراع نتيجة تدخل أطراف خارجية عازمة على التعامل معه على أنه حرب بالوكالة. كما يعد الصراع السورى أكثر دموية ومقاتلوه أكثر وفرة وأشد تسليحاً مما شهدته قبرص أو أيرلندا.

ويقول الكاتب إن الطريقة الوحيدة لنجاح فكرة التقسيم فى سوريا هى مشاركة القوى الخارجية من خلال الاتفاق على هدنة من شأنها تجميد الصراع وعزل «داعش»، واستخدام القوة العسكرية تحت رعاية الأمم المتحدة للحفاظ على هذه الهدنة وتيسير عملية التقسيم، وردع القوى الإقليمية عن التدخل جيوسياسياً.

ومن غير المرجح أن تدعم الولايات المتحدة أو دول حلف شمال الأطلسى الأخرى أو روسيا، ناهيك عن المملكة العربية السعودية أو تركيا، إرسال قوة قتالية كبرى للإشراف على عملية تقسيم سوريا إذا كان لا يعنى ذلك مواجهة تنظيم داعش وغيره من الجماعات الجهادية على الأرض. وما تزال هناك تحديات معقدة أخرى، مثل المفاوضات الخلافية بين النظام والمعارضة المعتدلة حول المدن التى سيسيطر عليها كل جانب. إذ سيصر النظام على إبقاء دمشق، ما سيعنى النقل الجماعى للسكان السنة هناك. وفى الوقت نفسه، لن تقبل تركيا بوجود كيان يسيطر عليه الأكراد، ما سيؤدى إلى سحق هذا الكيان من أجل الحفاظ على إجماع دول حلف الشمال الأطلسى حول التقسيم. وأخيراً، سيتناقض التقسيم السورى، على الأقل إذا كان دائماً، مع معاهدة لوزان 1923 وسيحتاج إلى أن يُدرج ضمن معاهدة جديدة، وهو هدف أكثر صعوبة من مجرد إبرام اتفاق بين الأطراف المعنية. ويمكن أن يعزز تقسيم سوريا أيضاً الميول التقسيمية التى تهدد الاستقرار فى أماكن أخرى من الشرق الأوسط. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن الدولة الموحدة ما تزال البديل الأكثر استقراراً واستساغة، ولهذا يجب أن تواصل واشنطن السعى لتحقيقه فى ظل الإطار الحالى للعملية الدبلوماسية وتجاهل دعوات التقسيم.

هذا مقال جاد، لا بد من تأمله، شكراً لمن ترجمه ومن أرسله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا ووحدة سورية أميركا ووحدة سورية



GMT 00:31 2017 الإثنين ,13 شباط / فبراير

ملاحظات على مباراة

GMT 22:15 2017 السبت ,11 شباط / فبراير

ماذا فعل «الوطني» بالوطن؟

GMT 22:34 2017 الأربعاء ,08 شباط / فبراير

النظارة المصرية... النظارة السعودية

GMT 22:23 2017 الثلاثاء ,07 شباط / فبراير

مش لاقيين وُزرا؟

GMT 02:15 2017 السبت ,04 شباط / فبراير

فيروس «ترامب» اخترق النظام الأمريكى
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen