آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

"مناطق آمنة" نعم ... شريطة أن تكون "توافقية"

اليمن اليوم-

مناطق آمنة نعم  شريطة أن تكون توافقية

بقلم / عريب الرنتاوي

منذ أكثر من عامين ونحن ندعو حكومتنا العتيدة، للتفكير جدياً بإطلاق مبادرة "نحو مناطق آمنة توافقية في سورية" تعمل على استيعاب فائض اللاجئين السوريين الذين لم يتوقف سيلهم عن التدفق (100 ألف لاجئ في مخيمي الركبان وحدلات) إلى جانب مئات ألوف اللاجئين الذين استقروا في مخيمات خاصة أو توزعتهم المدن والقرى والبلدات الأردنية ... لكن أحداً لم يكلف نفسه عناء السؤال، حتى لا نقول الاستجابة لهذه الفكرة.
 
رفضنا مبكراً فكرة المناطق الآمن المفروضة على النظام، والتي أريد بها ولها، أن تكون منصات انطلاق لفعل عسكري لاحق يستهدف دمشق، استبعدنا الفكرة نظراً لـ "عدم واقعيتها"، وآثرنا عليها فكرة "المناطق التوافقية" التي يمكننا العمل على تمريرها باستخدام ما لدينا من "دالّة" على فصائل الجبهة الجنوبية من جهة، وبالنظر لقنواتنا المفتوحة والسالكة – بصعوبة – مع دمشق من جهة ثانية، وعرضنا لفكرتين متلازمتين وضروريتين لإخراج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ:
 
الأولى؛ عرض القيام بوساطة بين المجموعات المسلحة – غير المصنفة إرهابية – من جهة والنظام من جهة ثانية، للوصول إلى مصالحات وتفاهمات، تسمح بإقامة مثل هذه المناطق، بعيداً عن استهداف المسلحين والمتحاربين، وتقلل من الاعتمادية على "قوى الخارج" لتوفير شبكة أمان لها، كما يقتضي الحال مع "المناطق الامنة المفروضة قسراً"، فضلاً عن أنها تغنينا عن المجازفة بالتورط ميدانياً في تلافيف الأزمة السورية ودهاليزها، مما نحن في غنى عنه في مطلق الأحوال ومختلف الظروف.
 
والثانية؛ اللجوء إلى موسكو، خصوصاً بعد أيلول 2015، للقيام بدور في تذليل أية عقبات قد تعترض المشروع، والمساهمة في تقديم ضمانات وتطمينات، ولعب دور في توفير الأمن والحماية لهذه المناطق.
 
أياً من هذه الأفكار لم يجر العمل به أو الالتفات إليه ... إلى أن جاء ترامب وإدارته الجديدة، بمشروع منطقتين آمنتين، الأولى شمالاً بحماية تركية والثانية جنوباً بحماية أردنية ... لا ندري حتى الآن اية تفاصيل إضافية حول هذا المشروع، لكننا نعرف أن ترامب يريد العمل سوية مع الكرملين (القناة الروسية التي تحدثنا عنها)، ويضع ضرب داعش على رأس أولوياته وليس إسقاط النظام أو الإطاحة بالأسد، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية "التوافق" مع النظام حول هذه المناطق، إن بذلت جهوداً مخلصة لتحقيق هذا الغرض.
 
دبلوماسيون غربيون، شككوا في إمكانية قبول الأسد في دمشق، أو بوتين في الكرملين، بفكرة "المناطق الآمنة التوافقية"، يومها كان ردنا أن أمراً كهذا، إن حصل على نحو "توافقي" سيكون في مصلحة كل من روسيا وسوريا، ولا يوجد أي سبب يمنع قبولهما بهذه الفكرة، إن ظلت في الإطار الإنساني غير المفخخ بالنوايا الخبيئة والخبيثة، التي ميزت مواقف دول عربية وإقليمية ودولية عديدة، وهي تتناول "البعد الإنساني" للأزمة السورية... ولقد كنّا في ذلك نصدر عن معطيات توفرت لنا من اتصالاتنا مع مقربين من دمشق، ودبلوماسيين روس، كان جوابهم: نحن بانتظار أن يطلب الأردن ذلك.
 
دمشق ردت على الموقف الأمريكي بالقول: "لا مناطق آمنة إلا بالتنسيق مع القيادة السورية وقبولها" .... وموسكو أعربت عن انفتاحها على الفكرة الأمريكية المستجدة، شريطة أن تكون منسقة مع دمشق... بمعنى أو بآخر، أن نصف الطريق نحو بناء توافق إقليمي دولي حول هذا المشروع قد قطعت، ويبقى النصف الثاني المتمثل في جلوس مختلف الأطراف ذات الصلة، حول مائدة واحدة للتنسيق والتشاور، توطئة للانتقال إلى الميدان.
 
للأردن مصلحة عميقة وقديمة في إقامة مناطق آمنة في جنوب سوريا، تأخرنا في طرحها وإثارتها وتحريكها على أوسع نطاق ... والأردن أطلق أكثر من إشارة دالة على "قنواته المفتوحة" مع النظام في دمشق، وهو لا يخفي علاقاته الحسنة مع فصائل الجبهة الجنوبية وبعض القوى العشائرية السورية، والعلاقة الأردنية مع موسكو في أحسن أحوالها، ويجمع البلدين مع واشنطن، قاسم مشترك أعظم: أولوية الحرب على الإرهاب واستئصال داعش ... والأردن متخوف من عملية "بناء القوة" التي تجريها "دولة داعش الإسلامية"، على مقربة من حدوده الشمالية والشمالية الشرقية، وفي عمق البادية السورية (تدمر) وعلى المثلث الحدودي مع العراق (القائم، عانة وراوة) وعلى مقربة من درعا (قوات خالد بن الوليد) ومقاتلي جبة النصرة التي لا تكف عن تغيير اسمها، من دون أن تغير في عقيدتها أو في ارتباطاتها الجهادية الكونية.
 
كل هذه الأسباب، تدفعنا للتذكير بفكرة "المناطق الآمنة التوافقية" التي يبدو أن العالم يتجه للتوافق حولها، وهي انتقلت إلى حيز التنفيذ على أية حال في الشمال، بعد التقارب الروسي – التركي، ولا ينقصها سوى جذب المزيد من المؤيدين والداعمين لها، وهذا ما قد يحصل في قادمات الأيام.
 
علينا أن نخرج عن تحفظاتنا المبالغ بها، وأن نكف عن "مراعاة" مواقف بعض الأشقاء بأكثر مما ينبغي، فما نواجه من تهديد لأمننا واستقرارنا على الجبهات الشمالية والشمالية الشرقية، أهم من أن يخضع لقواعد "المجاملة" و"المراعاة"، وعلينا أن نكون مبادرين واقتحاميين عند التعامل مع هذا الملف، فالوقت ليس في صالحنا، ولدينا من مشاكل الداخل ما يكفينا ويغنينا عن استقبال المزيد من مشاكل الخارج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مناطق آمنة نعم  شريطة أن تكون توافقية مناطق آمنة نعم  شريطة أن تكون توافقية



GMT 23:00 2021 السبت ,08 أيار / مايو

أخبار من سورية وفلسطين

GMT 17:06 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يريد الاحتفاظ بنفط سورية

GMT 16:57 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دونالد ترامب لن ينسحب من سورية

GMT 12:19 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إذ يقصّ علينا قاسم سليماني قصّة حربـ«نا»

GMT 06:43 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

عيون وآذان (أخبار أجدها مهمة)
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen