آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

اليمن اليوم-

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»

بقلم : عريب الرنتاوي

إدارة الرئيس دونالد ترامب غاضبة على عواصم الاتحاد الرئيسة: لندن، باريس وبرلين، والسبب أن هذه الدول لم تجار الإدارة في موقفها من الاتفاق النووي مع إيران، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي التي كانت من ضمن قائمة «5 + 1» التي انخرطت في مفاوضات ماراثونية، شاقة ومريرة، مع طهران، حول كل حرف ورقم وفاصلة في الاتفاق المذكور.ولأن غضب واشنطن «لا يحتمل» حتى من قبل دول دائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا) أو قائدة للاقتصاد العالمي (ألمانيا)، فقد شهدنا نشاطاً أوروبياً محموماً، يسعى في عدم استثارة المزيد من الغضب الأمريكي، وصولاً للانسحاب من الاتفاق ذاته، كما يهدد ترامب ونائبه مايك بينس صبح مساء، ويتفادى الوقوع في المحظور، أي فتح ملف الاتفاق من جديد، للتفاوض والمقايضة.يبدو أن أوروبا اهتدت إلى ما يتعين عليها فعله: الضغط على إيران في موضوعات أخرى، خارج إطار الاتفاق النووي، كأن يطلب إليها إخضاع برنامجها الصاروخي –الباليستي لقواعد وضوابط ترضي واشنطن وتبدد قلق إسرائيل وتبقي على الاتفاق النووي، بحده الأدنى ... ولا بأس، إن أمكن لأوروبا أن تقنع إيران، أو أن تضغط عليها، من أجل كبح جماح نفوذها الإقليمي في المنطقة، والممتد من بحر قزوين وحتى الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط.أي أنه يتعين على إيران، إن هي أرادت الاحتفاظ بالاتفاق النووي، وضمان بقاء واشنطن على التزاماتها بموجب الاتفاق، أن تدفع «سعراً إضافياً»، من خارج بنود الاتفاق ونصه وروحه، كأن تفتح ملفي دورها الإقليمي وبرنامجها الصاروخي للتفاوض والقيود مجدداً، أي أن تدفع ثمن الاتفاق ذاته، مرتين، الأولى، عندما أبرمت اتفاق «رابح – رابح» على حد وصف محمد جواد ظريف، بما يعني أن إيران قدمت تنازلات مهمة، وحظيت بمكاسب مهمة في المقابل، عند التوقيع على الاتفاق ... والثانية، اليوم، لتفادي نكوص الولايات المتحدة عن توقيعها، وإبقاء الاتفاق قيد التنفيذ.مثل هذا الموقف، أقل ما يمكن أن يوصف به، أنه ينطوي على قدر كبير من الرياء، وهي قاعدة سائدة في العلاقات الدولية، كأن تخرق دولة عظمى التزاماتها حيال دولة أصغر، فينصب جام غضب المجتمع الدولي، على الدولة الأصغر والأضعف، وتشتد الضغوط عليها «بالوكالة»، بدل أن تتوجه صوب الجهة التي بادرت لخرق الاتفاق والنكوص عن الالتزام و»لحس توقيعها».

مثل هذا السلوك حيال إدارة دونالد ترامب، رأينا شبيهاً له في الإقليم، فثمة دول تتبرع لممارسة ضغوط «بالوكالة» أيضاً، على الفلسطينيين من أجل التساوق مع مبادرة ترامب بخصوص القضية الفلسطينية المعروفة مجازاً باسم «صفقة القرن»، أو أقله عدم رفع وتيرة الانتقادات لواشنطن، والتخلي عن الموقف الداعي لابتداع «آلية دولية» جديدة للوساطة في عملية السلام ورعايتها، بديلاً عن الاحتكار الأمريكي لهذه العملية، والممتد لأكثر من ربع قرن من الفشل المتراكم والمتجذر.

دول أخرى، قررت على ما يبدو، أن ترفع وتيرة تعاونها مع واشنطن، في مختلف قضايا المنطقة، تعويضاً عن الخلاف معها، حول قضية القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها ... مرة أخرى، تبدو كلفة الخلاف مع الولايات المتحدة، باهظة على الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء، والجميع من دون استثناء، معني ببذل المزيد من الجهد للحفاظ على بساط الود الممدود مع البيت الأبيض، حتى وإن كانت الوسيلة، تكثيف الضغط على إيران أو الفلسطينيين، مع الفارق الواضح بين السياقين.يفضي هذا السلوك، الذي تجد دول عدة نفسها مرغمة على سلوكه، أو طائعة، لا فرق، إلى تأزيم في العلاقات الدولية والإقليمية، فمناخات الانفراج في علاقات إيران مع الدول الأوروبية التي أعقبت التوقيع على الاتفاق النووي، تبدو في طريقها للتبدد على خلفية الخلاف المفتعل، أو المبالغ فيه، حول برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي، كما أن علاقات الفلسطينيين مع بعض الدول في المنطقة، تمر في مرحلة من الفتور، وربما التأزم على خلفية الموقف من مشروع ترامب وقضية القدس والوساطة الأمريكية في عملية السلام، الأمر الذي يريح واشنطن، ويزيح عن كاهلها أعباء مواجهات مباشرة أوسع نطاقاً، فما حاجة واشنطن لممارسة كل الضغوط وخوض جميع المواجهات، إن كان هناك من يتطوع للقيام بجزء من هذا الدور، بالوكالة عن واشنطن، طائعاً أو طامعاً في كسب الرضا.

المصدر : جريدة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة» واشنطن وتجربة «الضغوط بالوكالة»



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016

GMT 10:07 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض محرز يتجاهل المنافسة مع محمد صلاح

GMT 13:59 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فريق الباطن يستضيف نظيرة الرائد في الدوري السعودي

GMT 20:02 2018 الخميس ,15 آذار/ مارس

قطة تورط بشكتاش التركي في أزمة مع اليويفا

GMT 04:04 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جمارك سيارة إنفينيتي QX50 موديل 2017

GMT 15:30 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إليزابيث هيرلي تنقل أجواء القاهرة السينمائي لجمهورها
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen