آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

"الاعتماد على الذات" من منظور أكبر

اليمن اليوم-

الاعتماد على الذات من منظور أكبر

بقلم : عريب الرنتاوي

اكتسب شعار "الاعتماد على الذات"، معانٍ إضافية خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، أحسب أنها لم ترد في خاطر الجهات الرسمية عندما اشتقت الشعار وبدأت بترويجه ... فقد طرحت قضية القدس، وما صاحبها من خلافات وتوترات في علاقات الأردن مع أبرز حلفائه الإقليميين والدوليين، المسألة على نحو غير مسبوق، واتضح أكثر من أي وقت مضى، أن "خانة المنح والمساعدات" في الموازنة العامة للدولة، قد أصبحت بوابة محتملة لانتهاك السيادة والاستخفاف بالمصالح والعبث بأعمق المشاعر وأقدسها.

في البدء، بدا أن الشعار إذ يداعب مشاعر الأردنيين وكبريائهم، إنما يشكل توطئة لتمرير تعديلات ضريبية وإجراءات اقتصادية مؤلمة من نوع رفع الدعم، كلياً أو جزئياً عن بعض السلع والخدمات ... ولقد قابل الأردنيون "الحملة الترويجية" لسياسة "الاعتماد على الذات"، بكثير من الشك والتشكيك في أهدافها والنوايا الكامنة ورائها ... ولست ألوم عامة الأردنيين بهذا الشأن، فالخطاب الاقتصادي الجبائي للدولة، ربط الضريبة بسداد العجز، وأخفق في تقديم "فلسفة" ضريبية مقنعة وتوافقية، تربط الضريبة بالخدمة، وتجعل منها أساساً لمنظومة الحقوق والواجبات، وقاعدة تحكم علاقة المواطن بالدولة.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يبدو الأردن بحاجة لوقفة من طبيعة استراتيجية، ذات عناوين اقتصادية ومالية هذه المرة، إذ تشتد الحاجة لشرح وتفصيل شعار "الاعتماد على الذات"، وكيفية ترجمته وتحويله إلى خطط عمل وبرامج وسياسات وإجراءات، ودائماً من ضمن جداول زمنية مصحوبة بمعايير لتقييم الأداء وتقويم المسار ... اليوم، يتعين النظر إلى هذا المسألة من منظار أكبر وأوسع، بعيداً عن "ثقوب الموازنة" التي ما أن نرتق أحدها، حتى يظهر فتق جديد في معادلاتها.

صحيح أن علاقات الأردن الثنائية بالولايات المتحدة، وتحديداً في بند المساعدات الاقتصادية والعسكرية، لم تتأثر بتطورات المشهد الأخير، بل وصحيح أيضاً أن نتائج زيارات الملك لواشنطن قد أفضت إلى توسيع هوامش هذه المساعدات وزيادتها ... لكن "الصدام" الأخير حول القدس، وما اعقبه من حملات تهديد ووعيد شنتها المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، يجب أن تدفعنا للتحسب وأخذ مختلف الاحتمالات والسيناريوهات بنظر الاعتبار.

وزاد من "درامية" المشهد، تواتر الأنباء و"التسريبات"، الصحيحة والمفبركة، عن فتور وتأزم في علاقات الأردن ببعض جواره الخليجي، والخليج هو ثالث مصدر للمنح والمساعدات للأردن، بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عادة، ما يجعلنا أمام استحقاق "تكبير" المقاربة، وإعادة النظر في مفهوم "الاعتمادية على الذات"، وتحويلها إلى استراتيجية وطنية شفافة وتوافقية، إذ من دون ذلك، ستبقى نظرة الشك والاتهام مستوطنة في عقول الأردنيين والأردنيات، ولن ينفع في تبديدها تصريح هنا أو مقابلة تلفزيونية هناك.

والحقيقة أنه لا يمكن لعاقل أن يقلل من شأن "الاعتمادية المالية والاقتصادية على الخارج"، أو "التهوين" من أثرها في تحديد المواقف ورسم سقوف السياسات والتحالفات، فلا شك أنها تبقى دائماً حاضرة في حسابات صانع القرار ... صحيح أنها ليست العامل الوحيد المقرر في عملية صياغة القرار وصنع السياسة، وصحيح أيضاً أنه لا يجوز إهمال أثر العوامل والمحددات الأخرى التي تسهم في رسم السياسة وصنع القرار ... لكن الصحيح كذلك، أنه من دون القدرة على اتخاذ القرار بالتخلي عن "المنح والمساعدات"، سيكون من الصعب اتخاذ كثير من القرارات التي تصب مباشرة في صميم المصلحة والسيادة والكرامة والحق.

لن يستطيع الأردن أن يخرج بقفزة واحدة من "الاعتمادية" إلى "الاستقلال"، مالياً واقتصادياً، لكنه لا يستطيع أن يُبقي الأمر معلقاً على المجهول، ومفتوحاً على الزمن، فلا بد من خطة وطنية، يسهر على وضعها فريق من الخبراء والسياسيين، وأشدد على "السياسيين الرؤيويين"، على أن تكون مجدولة زمنياً، وقابلة للقياس وخاضعة للمراجعة والتقييم، وفي ظني أنها مهمة قابلة للتحقيق، وليست من النوع المستحيل، بل وأستطيع أن أجازف من موقعي "غير الخبير"، بأن الوصول إلى هذه الغاية، سيحفز الأردنيين على تحمل الأعباء والأحمال، شريطة أن تتسم الخطة بالشفافية وأن يتوزع العبء بعدالة ومسؤولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتماد على الذات من منظور أكبر الاعتماد على الذات من منظور أكبر



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen