آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

اليمن اليوم-

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

بقلم - عريب الرنتاوي

لا معنى لتأجيل الكشف عن «صفقة القرن» أو تعجيله ... فالمبادرة ليست مطروحة للتفاوض، وهي لم تكن كذلك منذ أن بدأ الحديث عنها ... هي من نوع «take it or leave it»، خذها أو اتركها ... وهنا تتضاءل أهمية مواقف الأطراف منها، بما فيها الأطراف صاحبة العلاقة ... اليوم، يجري وضع المبادرة على سكة أخرى، يجري تنفيذها على مراحل متتالية، حتى قبل الكشف عنها، من جانب واحد، ومن دون انتظار مواقف الأطراف، وبدءاً بملفاتها الأكثر خطورة وحساسية على الإطلاق.

في ديسمبر الفائت، أحدث قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، زلزالاً ما زالت تداعياته تضرب في غزة ورام الله ... الرئيس لا يكف عن «المفاخرة» بأنه جاء بما عجز عن فعله كل من سبقه من رؤساء أمريكيين، وهو يزعم بأنه نجح في إخراج ملف القدس الشائك والمعقد، والمسؤول عن فشل جولات تفاوضية متعاقبة، من جدول أعمال المفاوضات ومن على مائدتها.

بعدها بفترة وجيزة، فتح الرئيس وصهره وأركان إدارته النار على «الأونروا» بوصفها رمزاً أممياً لملف اللجوء الفلسطيني، وشاهداً دولياً على مفاعيل «النكبة» ... أوقف دعمه المالي للمنظمة الدولية، وشرع أنصاره في الكونغرس في الترويج لمشروع قانون يحصر اللاجئين الفلسطينيين بالجيل الأول منهم، ويجحب صفة اللجوء عن أبنائهم وأحفادهم، ما يعني أن عامل الزمن وحده، وليس المفاوضات أو مقررات الشرعية، وحده كفيل بحل هذه المشكلة بعد سبعين عاماً مرت عليها، لم تُبق سوى عدد قليل من أبناء ذلك الجيل.

اليوم، تسرب صحف إسرائيل وقنواتها التلفزية، معلومات عن توجه لدى إدارة ترامب، وليس لوبي أصدقاء إسرائيل في الكونغرس فحسب، لإسدال الستار عن «الأونروا» رسمياً، ومنع أي دول من أن تحل محل الولايات المتحدة في تقديم العون المالي لها ... وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، بما يعني إخراج قضية اللجوء من أجندة المفاوضات والحل النهائي، وبصورة لم يجرؤ مسؤول إسرائيلي طوال ربع قرن من المفاوضات، على طرحها.

خلال هذه الفترة، استيقظت الإدارة على «أولوية أخرى»، تدور حول إضعاف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وعزلهما، بل وخنقهما إن تطلب الأمر، طالما أن هذا الفريق الفلسطيني ما زال على موقفه المتصلب من المبادرة، وطالما أن  «حل الدولتين» ليس أثيراً على قلب هذه الإدارة اليمينية، ورأينا تحرشات متكررة بالرئيس ومكتب المنظمة في واشنطن، ورواتب الأسرى والشهداء، وكل ما يمكن أن يشكل أيقونات وأقانيم للعمل الوطني الفلسطيني وللهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.

خنق السلطة، لم يقتصر على تقليص الدعم المقدم لموازنتها، بل وإيقاف المساعدات الاقتصادية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال في الضفة وغزة ... فالقرار الأخير بوقف صرف 223 مليون دولار مساعدات اقتصادية للسلطة، لا يعني شيئاً سوى معاقبة الشعب الفلسطيني برمته، وأخذه بجريرة موقف قيادته الرافض لصفقة القرن، والمتمنع حتى الآن عن إجراء اتصالات مع إدارة ترامب على خلفية موقفها من القدس وقرار نقل السفارة.

لا دولة ولا عودة ولا عاصمة ولا تواصل واتصال جغرافيين، لا سيادة ولا استقلال ولا تقرير مصير ... هذا الحشد من «اللاءات» هو الذي يختصر مآلات صفقة القرن ونتائجها الختامية... ولا شك أن الفلسطيني الذي سيقبل بها، لم يولد بعد، لكن من قال إن ترامب ينتظر قبول الفلسطينيين بمبادرته؟ من قال إنه يحتاج توقيع السلطة أو حماس عليها؟ ما يفعله ترامب وإدارته، هو ترجمة يومية لهذه المبادرة، بدءاً من ملفاتها الشائكة والأكثر خطورة، وهو أمر يجد ترحيباً متحمساً من جانب حكومة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، التي رفعت وتيرة اعتداءاتها على غزة، وكثفت برامجها الاستيطانية والتوسعية في الضفة والقدس، وتحث الخطة لنقل «يهودية الدولة» إلى منظومة تشريعية – دستورية، ونمط حياة وحقائق على الأرض، داخل الخط الأخضر وخارجه.

صفقة القرن، أيها السادة، تتوالى ترجمتها فصولاً أمام ناظرينا، وعلى الأرض، وإن ظل الحال على هذا المنوال، فلن يتبقى لنا الكثير لنفعله غير الغرق في بحث عقيم: هل يعلنها ترامب أم يتراجع عنها ... والأكثر سذاجة من بين جميع الطروحات الفلسطينية والعربية والإقليمية حول هذه الصفقة، تلك التي تصور التأخير في الكشف رسمياً عن محتوياتها، بوصفه انتصاراً للمقاومة، تارة في غزة وأخرى في لبنان، وثالثة في عموم المنطقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen