آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون

اليمن اليوم-

الأكراد كما العرب لا يتعلمون

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

تطورات الشمال الشرقي لسوريا، عاصفة ومتسارعة ... «بجرة مكالمة واحدة» بين ترامب وأردوغان، «مسح» الرئيس الأمريكي كافة تعهدات إدارته لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حمايتها ... و»منح» أنقرة ضوءاً أخضر لتنفيذ مشروعها بإنشاء «منطقة آمنة»، ترى تركيا أن تكون بعمق ثلاثين كيلومتراً وطول يقارب الخمسمائة كيلومتر على امتداد الحدود.
واشنطن توقعت أن تنفذ تركيا اجتياحاتها في أية وقت وأية لحظة ... الاستعدادات اكتملت وصور الأقمار الاصطناعية تظهر ذلك ... وواشنطن أكدت أنها «لن تدعم العملية التركية ولن تشارك»، لكأن المطلوب منها أن تقف في صف تركيا ضد أكراد سوريا، وهي التي طالما تعهدت بحمايتهم، وكانت المسؤولة عن «رفع سقف توقعاتهم»، وهي أكثر من غيرها، من عمد إلى تعطيل حواراتهم ومفاوضاتهم مع دمشق، تحت طائلة التهديد والوعيد بتركهم لقمة صائغة للأتراك.
حتى قبل أيام، ظلت واشنطن على موقفها القائل بأن الترتيبات التي اتخذتها على نحو مشترك مع الأتراك: تسيير الدوريات البرية المشتركة والطلعات الجوية المنسقة، كافية لحفظ أمن الحدود ... وكانت المفاوضات تدور حول عمق المنطقة الآمنة المطلوبة تركياً، وهوية ساكنيها الجدد من اللاجئين ... واشنطن قبلت بمنطقة بعمق 5-15 كم، وبعودة اللاجئين من أبناء المنطقة إلى مدنهم وقراهم ... لكن الجانب التركي، كان يصر على منطقة بعمق ثلاثين كم، وعودة أي لاجئ سوري إلى هذه المنطقة، من دون اشتراط أن يكون من سكانها الأصليين.
اليوم، كل شيء تبدّل ... واشنطن تتخلى عن حليفها الكردي، وتبرهن بالملموس بأنها لطالما نظرت إليه كورقة وأداة، لا أكثر ولا أقل ... وأن «قضيتهم الوطنية» تسقط كورقة صفراء ذابلة ما أن يتقادم مفعولها، وتصبح «لاغية» ... اليوم جاءت لحظة الحقيقة والاستحقاق، ولن ينفع الأكراد قولهم: أن واشنطن لم تف بوعودها في حماية الأكراد والمناطق الحدودية... لن ينفع الأكراد ولن يعفيهم من مسؤولياتهم، إن هم انخرطوا في «لطميات» تندد بالخذلان وتعيد انتاج خطاب «المظلومية».
هنا والآن، لم تتأخر أفعال واشنطن عن أقوال رئيسها ... «قسد» تحدثت عن انسحابات أمريكية فعلية من الشريط الحدودي، سيما قبالة تل أبيض وراس العين ... وهي التي سبق لها أن طلبت من «قسد» سحب قواتها وأسلحتها الثقيلة وتدمير دشمها وتحصيناتها قبالة الشرط الحدودي توطئة لتفعيل «الآلية المشتركة» المتفق عليها بين البنتاغون ووزارة الدفاع الأمريكية ... اليوم، تعاود «قسد» حشد قواتها وأسلحتها، بعد أن أيقنت أنها تركت وحيدة في مواجهة «يائسة» مع الجيش التركي وجيوش المعارضات المدعومة من أنقرة والممولة منها، ومن دون ظهير أو سند لا من دمشق ولا من أي حلفائها.
لا نعرف متى ستبدأ طلائع الجيش التركي و»تابعيه» من المعارضات التي تتحرك بـ»الريموت كونترول» اجتياح مناطق الشمال الشرقي ... فقد تبدأ هذه العملية قبل أن ترى هذه المقالة النور ... لكن المؤكد أن الكرد الذين لم يتعلموا، كإخوانهم العرب، من تجارب واشنطن الناضحة بكل ألوان الخذلان والتخلي عن الحلفاء والأدوات، سيجدون أحلامهم وأشواقهم لكيانية قومية خاصة بهم، قد تحطمت على صخرة البراغماتية الأمريكية ومصالح الدولة الأعظم ... التاريخ يعيد نفسه، متنقلاً بين كردستان العراق وكردستان سوريا «روج آفاً» هذه المرة.
تركيا ماضية في مشروعها: إعادة هندسة الخرائط الجغرافية والديموغرافية في المنطقة ... مليوني سني، غالبيتهم من السوريين العرب السنّة من غير أبناء المنطقة، سيجري توطينهم فيها، ليشكلوا مع مناطق عمليات «غضن الزيتون» و»درع الفرات» حاجزاً بشرياً، ممسوكاً تماماً، أمنيا وإدارياً ولغوياً وثقافياً (التتريك) من أنقرة، يفصل أكراد تركيا عن أكراد سوريا، وعلويي تركيا عن علويي سوريا.
لن نمضي بعيداً في الحديث عن أطماع تركية - عثمانية إلحاقية للشمال السوري، لكن ما يجري في عفرين وجرابلس والباب، يشي بما سيحصل في الشمال الشرقي، ويوحي بأن تركيا وجدت في هذه الأقاليم لتبقى وتتمدد، وليس لمساعدة اللاجئين على العودة لديارهم، أو لمساعدة السوريين لحفظ وحدة بلادهم واستقلالها ... صحيح أن واشنطن بـ»نفخها في كير» الكيانية الكردية كانت تهدد وحدة سوريا وسلامة أراضيها وشعبها، لكن الصحيح كذلك أن تفعله تركيا تحت ستار كثيف من «الرطانة الدعائية» حول مساعدة اللاجئين والحفاظ على وحدة سوريا ومحاربة الإرهاب، ربما يكون أشد خطورة وأبعد مدى وديمومة، بحكم الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا.
وما لم تتحرك دمشق وحلفاؤها وأصدقاؤها بفاعلية وقبل فوات الأوان، فإن الجيل القادم من السوريين، سيقرأ في كتب التاريخ عن هذه المناطق من ذات الفصل المتعلق بـ»اللواء السليب»، أو الاسكندرون الذي صار «هاتاي» ... مرة أخرى التاريخ يعيد نفسه على صورة فاجعة...فلا العرب تعلموا دروس تجاربهم المتراكمة، ولا الأكراد يتعلمون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأكراد كما العرب لا يتعلمون الأكراد كما العرب لا يتعلمون



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen