آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

عن "داعش" والراسخون في علومه

اليمن اليوم-

عن داعش والراسخون في علومه

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

فيما يجري اللاعبون الإقليميون والدوليون “تمارينهم الذهنية” حول مرحلة ما بعد “داعش” في سوريا والعراق... وفيما يتحدث خبراء عالميون لـ “واشنطن بوست” عن قرب نهاية التنظيم ومحاولات قياداته تهيئة قياداته وقواعده لمرحلة ما بعد سقوط “دولة الخلافة”، يصر بعض “خبراء الحركات الإسلامية” العرب، على إظهار “الدهشة” بقدرة التنظيم على البقاء، وقدرته “فوق العادة”، على البقاء والتمدد.

وفيما أنت تصغي باهتمام لـ “أهل الرأي والخبرة” من “الراسخين في علوم داعش”، تصاب بالدهشة، لكأنهم لا يرغبون في وصول التنظيم إلى نهاياته، أو “أفول نجمه” ... ثمة تفكير رغائبي عند هؤلاء، بأن تبقى الحال على حاله، وأن يظل سوق العرض والطلب على خدماتهم وخبراتهم، مزدهراً ... يبدو أننا أمام نوع غريب عجيب من تلازم المصالح بين بعض هؤلاء من جهة، وتفشي ظواهر الغلو والتطرف والإرهاب ... تشعر أحياناً، أنهم يخشون كساداً عظيماً، إن صحت النبوءات بقرب زوال التنظيم واندثاره.

والحقيقة أننا من بين من يؤمنون بأن عصر “داعش” قد ولّى، وأن التنظيم يخوض آخر معاركه وحروبه على ضفاف الموصل والرقة ومنبج وسرت ...وأن ما يجري اليوم من تصعيد ضد أهداف “رخوة” ضد العدو القريب والبعيد، إنما يندرج في سياق ما يوصف في عرفنا الشعبي بـ “ضربة مقفي” ... إنهم يعوضون عن خساراتهم المتلاحقة للأرض والقيادات والكوادر والمقاتلين الذين يتساقطون يومياً بالعشرات، بعمليات استعراضية، قاسية ومؤلمة ودامية، بيد أنها من النوع الممكن، والأسواء أنها من النوع الذي مترعة بالنذالة والخسة، إذ تستهدف المارة والمدنيين الأبرياء والرجال والنساء العزل.
لن يمضي وقت طويل، قبل أن تصبح دولة أبو بكر البغدادي أثراً بعد عين ... هو يعرف ذلك، وقيادات التنظيم يعرفون نهايتهم الوشيكة ... وربما لهذا السبب بالذات، بدأوا منذ حين يتحدثون عن “إحدى الحسنيين”، بعد أن طغى على أحاديثهم قبل عامين أو ثلاثة أعوام، شعور النصر وأحاسيسه ... الآن هم يرتضون بالشهادة، لأنها الخيار الأخير، أو بالأحرى الخيار الوحيد المتاح أمامهم ... هذه هي هو حال “داعش” اليوم، وستظل حالها على هذا المنوال لأشهر قادمات، قبل أن يكتب على مقراتهم ولاتهم وأمراؤهم: من هنا مرّوا ... وهنا يرقدون.

في البدء، اجتاحت بعض هؤلاء الخبراء نوبة من التحليلات والقراءات، التي تسعى في تفسير الظاهرة من داخلها ... لكأننا لسنا بإزاء ظاهرة سياسية/ امنية/ اقتصادية/ اجتماعية، تتشكل في سياق تاريخي وسياسي واجتماعي وثقافي متعيّن ... علماً بأن هذه الظاهرة لا يمكن أن تفهم من داخلها، بأي حال من الأحوال ... فالتطرف والغلو، والقراءات الأكثر تشدداً للدين والفقه، وجدت على الدوام، والتاريخ العربي والإسلامي حافل بمثيلاتها ... لكن ما يجعل الظاهرة قابلة للتفشي والانتشار، واجتذاب المريدين والأنصار و”الاستشهاديين” و”الانغماسيين”، إنما يعود لأسباب وعوامل لا يمكن إيجادها في النص الديني والتراثي، بل في النصوص السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي علاقات القوى وحروب المحاور والمعسكرات المتناحرة، وسياسات التوظيف المتبادل للإرهاب، لتحقيق أغراض ومكاسب سياسية، وتسوية حسابات سابقة ولاحقة ... هي الظاهرة التي تغذت أيضاً بالمعايير المزدوجة، التي تميز بين إرهاب جيد، يمكن الركون إليه والصبر عليه والعمل على الاستفادة من تداعيات نفوذه وأنشطته، وإرهاب مكروه ومذموم، يستحق حشد حاملات الطائرات والقواعد العسكرية وأحدث ما في الترسانة الحربية في دول الإقليم والعالم.

“داعش” يطوي صفحة دولته، بيد أن الأخطار المترتبة على ذيوله، ستبقى حاضرة، ربما لعدة سنوات قادمة، فثمة أعداد غفيرة من الخلايا النائمة “والذئاب المتوحدة”، التي سيظل بمقدورها أن تلحق الأذى والضرر، وأن تمس أمن واستقرار دول ومجتمعات، قريبة وبعيدة ... لكن الأمر الذي لا جدال فيه، أن زوال “دولة البغدادي”، وسقوط “النموذج” الذي اجتذب ألوف “المجاهدين” و”المجاهدات” من شأنه أن يضعف عزيمة هؤلاء وأن يفتّ من عضدهم، ويضعف رغبتهم في البحث عن الموت عن أول تجمع بشري.

“داعش” يطوي صفحة “خلافته”، بيد أن المؤكد أن الظاهرة قابلة لإعادة الإنتاج والتكرار، إن لم تجفف كافة المصادر والمنابع، التي جعلت من انتشارها أمراً ممكناً ... هنا نتحدث عن أنظمة الفساد والاستبداد، وعن الفقر والبطالة والتهميش، وانعدام العدالة الاجتماعية، وغياب مفهوم المواطنة ودولة “العقد الاجتماعي” الحديث والعصري، بين الحاكم والمحكوم ... وإذا كانت “داعش” قد نجحت في أن تقدم نسخة “مزيدة في العنف” و”غير منقحة في الفكر” عن القاعدة ومختلف المسميات التي ازدهرت في العشرين سنة الماضية، فإن المستقبل، قد يأتي بنسخ أشد عنفاً ودموية من “داعش”، إن لم يستأنف قطار الربيع العربي مسيرته وصولاً إلى محطته النهائية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن داعش والراسخون في علومه عن داعش والراسخون في علومه



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen