آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

تهافت الرواية الفرنسية

اليمن اليوم-

تهافت الرواية الفرنسية

بقلم : عريب الرنتاوي

أرجأت باريس اجتماعاً دولياً حول “عملية سلام الشرق الأوسط”، كان من المفترض أن ينعقد في غضون الأيام القليلة القادمة، توطئة لمؤتمر دولي، أنيطت به مهمة إحياء هذه العملية التي تعاني موتاً سريرياً مديداً، واستنقاذ ما تبقى من فرص إنفاذ “حل الدولتين”. في الرواية الرسمية الفرنسية، أن التأجيل إنما يعود إلى ازدحام “أجندة” وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بيد أن الأمل ما زال معقوداً على أن يجد اجتماع باريس “فسحة” من الزمن على رزنامة الوزير الأمريكي في الصيف القادم .... هكذا بكل بساطة، يجري ترحيل مبادرة جرى الحديث عنها منذ ازيد من عام، وأورثها الوزير المرتحل لوران فابيوس لخليفته جان جاك إيرو، لازدحام في أجندة وزير، فيها من المتسع للسفر إلى أربع أرجاء العالم والبحث في مختلف أزماته وقضاياه ولقاءات مع مئات الشخصيات، وليس فيها بضع سويعات لاجتماع حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. والحقيقة انه لا يمكن أخذ التبريرات الفرنسية المتهافتة على محمل الجد، فالأسباب الحقيقة للتأجيل تكمن أساساً في رفض إسرائيل، القاطع والصريح للمبادرة، وهذا الموقف الذي اتخذ طابعاً أكثر حدة، بعد القرار الصادر عن اليونيسكو حول القدس، وهو القرار الذي شجبته تل أبيب بقوة، واعتذرت فرنسا مراراً وتكراراً عن “خطأ” المصادقة عليه، وتعهدت العمل على تغيير النص في أول اجتماع قادم، بعد أن وجدت نفسها في موقف “دفاعي” “تبريري” مؤسف أمام ابتزاز نتنياهو وحكومته وجماعات الضغط اليهودية في فرنسا. واشنطن بدورها لم تُبد حماساً ظاهراً للمبادرة الفرنسية، وهي أحجمت من قبل عن إعطاء ضوء أخضر لباريس لمواصلة مسعاها، والمؤكد أنها لم تغير موقفها حتى اللحظة الراهنة، سيما في ضوء المعلومات التي تتردد من واشنطن، عن مسعى لإدارة أوباما لـ “إجمال” موقفها من “عملية السلام” في موقف يعلنه الرئيس الأمريكي، ويكون بمثابة “وديعة” للرئيس الذي سيخلفه في البيت الأبيض، من دون إفصاح عن الكيفية التي سيجري بها “إخراج” هذا الموقف أو تخريجه. السلطة الفلسطينية التي رفعت سقف الرهانات على المبادرة الفرنسية والتوقعات المترتبة عليها، وطاف قادتها في عواصم عدة، لشرحها وحشد التأييد لها، لا شك أسقط في يدها، وسواء أكانت تعرف مسبقاً بنية باريس تأجيل الاجتماع الدولي كما يقول أحد وزرائها، أو أنها أُخذت على حين غرة، كما يرجح كثيرون، فإن النتيجة المخيبة للآمال تبقى واحدة، وسيتعين عليها تمديد حبل الانتظار من جديد، علّ وعسى أن يطرأ ما ليس في الحسبان. كنا من قبل نصف الدور الأوروبي، الفرنسي/ البريطاني في المنطقة بـ “الدوبلير” الذي يحضر على خشبة المسرح في غياب الممثل الأصيل، وبالتنسيق معه، مستلهما صورته وحركاته وصوته إن أمكن ... كنا ننتقد “تبعية” الموقف الأوروبي لواشنطن حيال معظم قضايا المنطقة، وليس القضية الفلسطينية فحسب ... اليوم، تتعمق التبعية، وترتهن المبادرات الأوروبية (الفرنسية في حالتنا الراهنة) برزنامة الوزير الأمريكي وجدول مواعيده المزدحم. كاد الغريق الفلسطيني أن يمسك بـ “قشة” المبادرة الفرنسية، بيد أنها أفلتت منه هذه المرة، كما في حالات عديدة سابقة ... لكنه لن يفقد الرجاء على ما يبدو، بفرص حصوله على “قشة” أخرى ممدودة له من هذه العاصمة أو تلك ... هكذا هو حال فاقدي الخيارات والبدائل، المرتهنين دوماً لخيار “تجريب المجرب” ذاته الذي ثبت إفلاسه وعجزه ... أما الذين أخرجوا ألسنتهم من قطاع غزة شامتين وفرحين، فإن حالهم ليس أفضل من حال أشقائهم في الضفة الغربية، فسقف مشروعهم هبط من “زلزلة” الأرض تحت أقدام الغزاة، إلى تأمين الرواتب لأربعين ألف موظف ومنتفع، تم الزج بهم لأسباب فصائلية ضيقة، في جهاز السلطة المترهل. بمعزل عن حالة التهافت التي تعيشها الساحة الفلسطينية بشطريها، المحتل والمحاصر نقول: لم نر في المبادرة الفرنسية من قبل أية نافذة فرص لـ “حل الدولتين”، لأننا من ضمن قائلين كثر، أن هذا الحل بالأصل، بات وراء ظهورنا ولم يعد أمامنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهافت الرواية الفرنسية تهافت الرواية الفرنسية



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen